Tuesday 11th march,2003 11121العدد الثلاثاء 8 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أنت أنت
تحسين الصورة
م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

بعد أحداث 11 سبتمبر استحدثت وزارة الخارجية الأمريكية منصباً جديداً برتبة مساعد وزير.. وذلك لقيادة تحسين صورة أمريكا في العالم.
وعين وزير الخارجية لذلك المنصب السيدة «شارلت بيرز» وهي واحدة من أكبر القيادات الإعلانية في أمريكا.. السيدة بيرز استقالت الأسبوع الماضي من منصبها بعد عمل استمر «17» شهراً.. وجدت فيه أن الشق أكبر من الرقعة.. ووصفت مهمتها بأنها محبطة للهمم.
المقدمة الآنفة الذكر كان لا بد منها للدخول في موضوعنا اليوم.. فإذا كانت أمريكا وهي القوة الأعظم والأهم على مستوى العالم كله وفي مختلف المجالات من تقنيات الحاسب إلى مطاعم الهامبرجر مروراً بالسلاح والسيارات.. وكل صناعة أو خدمة أخرى تخطر ببالك.. أقول إذا كانت أمريكا اهتمت بموضوع تحسين صورتها و استيقظت لذلك بعد كارثة 11 سبتمبر.. ألم يحن الوقت لنا أن نهتم نحن لصورتنا - لا أحلم وأقول - في العالم.. بل أتواضع وأقول في الجوار؟.. ألا نخشى كارثة مثل 11 سبتمبر.. فمن الواضح أننا لم نعتبر من غزو الكويت.. ولم ننظر لها أنها صفعة غادرة وجهت لنا.. وكان يجب أن توقظنا من سباتنا؟!.
كلنا يعلم عن دور المملكة في فك الحصار عن ليبيا ومع هذا انظروا ماذا حصل في مؤتمر شرم الشيخ.. ورغم ما للمملكة من أيدٍ بيضاء على جل إن لم يكن كل دول العالم العربي والإسلامي.. ومع هذا انظروا ماذا يحصل.. وكيف هي المشاعر تجاهنا.
لا شك أننا في دول الخليج العربي والسعودية بالذات في حاجة إلى من يكلف بإدارة: «تحسين الصورة».. هناك من سوف يتساءل باستنكار كيف نحتاج إلى تحسين صورة ونحن لم نعتد على أحد ولم نهجم على أحد!.. بل ولا نرد على أحد!.. ولماذا نحتاج إلى «تحسين الصورة» وخيرنا ومعروفنا وتبرعاتنا غطت كل بقاع العالم تقريباً؟
يقول خبراء العلاقات العامة إنه من المهم أن نفعل المعروف لكن من المهم أيضاً أن يعرف به الآخرون.. فذلك حماية لفاعل المعروف من إنكار متلقي المعروف.. وهي تحفيز لمن لم يتلق معروفك بعد أن يرجوه ويتطلع إليه.
في الزمن البريء.. كانت صناعة المعروف هي ابتغاء مرضاة الله وحده.. لذلك عرف ديننا العظيم المعروف بألا تعرف شمالك ما أنفقت يمينك.. لكننا في هذا الزمن غير البريء نحتاج إلى أن ننظر للأمور من زاوية أخرى.. وربما بمنظار آخر.
المطلوب أن يعرف الجميع بمعروف بلادنا على العرب والمسلمين.. ليس بأسلوب فج مستفز فيه منة.. بل بأسلوب محترف يغرس الوفاء والولاء والامتنان والود في القلوب وفي النفوس.
في السبعينيات الميلادية راجت قصة في اليمن.. وهي أن صينياً مات في موقع أحد المشاريع التي تبرعت بإنشائها الصين.. فطلبت الحكومة الصينية أن يقبر ذلك الصيني في المشروع.. ويكتب على قبره اسمه وجنسيته وسبب وفاته في المشروع الذي مولت بناءه الصين.. حبكة القصة ليست هنا.. بل إن الحبكة تقول إن الصينيين هم من قتل زميلهم حتى يقبر في المشروع.. وبالتالي يبقى قبره شاهداً على تبرع الصين.. ولا يكتفى باللوحة التي توضع على المشروع الذي تم التبرع به.. وتزال مباشرة بعد افتتاح المشروع.. تماماً كما حصل مع كل المشاريع التي بنتها المملكة ودول الخليج في الدول النامية.. عربية وإسلامية.
أنا لا أدعو إلى قتل سعودي عند كل مشروع تبنيه المملكة حتى يبقى أثراً.. بل لا بد أن يكون هناك وسيلة أرحم وأجدى.
الخلاصة.. انه يجب علينا أن ننعتق من تفكيرنا السائد.. وذلك بنفي أن صورتنا ليست زاهية.. معتمدين في ثقتنا بذلك النفي على ما فعلناه للعالمين العربي والإسلامي وما لم نفعله بهم.. وفي الحقيقة أن صورتنا رغم كل اعتراض محتمل ليست زاهية بل إنها كئيبة، وإن كان ذلك كذباً.
والحقيقة الأخرى أنه يجب أن تسند مهمة تحسين صورتنا «شعباً ووطناً» إلى خبير موهوب.. إن وجد.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved