كتب العلامة العراقي المرحوم أبوالثناء محمد الألوسي، رسالة في الألوان نشرها في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق «مجمع اللغة العربية» في عام 1921م، وتتابعت حلقات تلك الرسالة، وقرأت بعد ذلك ما قرأت عن الألوان، وآخر ذلك ما كتبه الدكتور أحمد زكي عن الألوان، وتختلف هاتان الكتابتان، فالأخيرة تتميز بسمات العلم الحديث الذي جعل من الألوان علما معقدا في تركيبه وأصوله، أما الأولى فتتميز بأنها ستبقى دائما في نفسي ذات أثر عميق، فهي البذرة الأولى في نبت الألوان لدي ومعرفتها.
ومهما أحببنا الألوان فإن الحقيقة تؤكد ان الألوان عالم مزيف. إنني أتأفف مع الألوان فهي تحجب عني رؤية الأصل على حقيقته، وما أحقر الأشياء عندما تبدو لنا بوجه مزيف غير وجهها الطبيعي، إنني حينئذ أرى العالم وقد تجهم بلون مزيف حجب وجهه الأزلي الذي يجب ان يبقى أزلياً على الطبيعة كضوء الشمس والقمر، ان العالم وقد ارتضى هذه الخدعة التي يخدع بها نفسه يحاول أن يخفي تجاعيد جسمه الذي سيتعرى فيتكشف عن زيف يضمحل أمام الحق الذي تغلب على الشر في صورته الطبيعية.
إننا مدعوون الى ألا نلبس الحقيقة ثوبا غير ثوبها الأصلي، مدعوون الى جلاء الأكسدة التي تحجب عنا بريق الأصل المشع .. إنني أكره زيف الألوان.. وسأكتب بلا ألوان.
|