إن المراقب عن كثب للتطورات العسكرية المتسارعة في المنطقة لشن حملة عسكرية ضد العراق بزعامة الولايات المتحدة الامريكية بأن هذه الحملة العسكرية حتمية وانها ليست كما يتردد على أفواه البعض إنها مجرد حرب نفسية او ضغوط على العراق للإمتثال لقرار مجلس الأمن رقم 1441 بل إن شن هذه الحرب متوقف على عنصر الوقت لحين إكتمال التجهيزات العسكرية وكسب المزيد من التأييد من دول أخرى، فقد صرح صقور الحرب في الإدارة الامريكية في أكثر من مناسبة أن باستطاعة الولايات المتحدة الامريكية القيام بعمل منفرد لشن هذه الحرب دون الحاجة لإصدار قرار ثاني من مجلس الأمن، كما أن إصرار الولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا على نزع اسلحة الدمار الشامل إنما هو ذريعة لشن هذه الحرب، كما ان الولايات المتحدة الامريكية تلجأ للحروب عادة عندما تواجه تدهوراً وكساداً في اقتصادها كما هو مشهود الآن وصرف انظار الرأي العام الأمريكي كما يحدث في الداخل، وأن مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية تقتضي القيام بمثل هذه الحرب، وقد أتى هذا في تصريح لوزير الخارجية الامريكي كولن باول الذي قال فيه (أن الإطاحة بصدام حسين يعزز مصالح الولايات المتحدة الأمريكية) إلا أن ثمة أهدافاً استراتيجية أمريكية لشن هذه الحملة العسكرية:
1 حماية الكيان الصهيوني من نظام صدام حسين الذي تعتبره الولايات المتحدة الامريكية خطرا على اسرائيل وتقويض القوة العسكرية السورية والإيرانية والعمل على تفكيك التعاون القائم بين الدولتين.
2 تشكيل حكومة موالية للولايات المتحدة الامريكية كما حدث في أفغانستان وتشكيل اكبر قاعدة عسكرية للولايات المتحدة الامريكية في العراق.
3 الضغط والسيطرة على دول المنطقة وفرض نفوذها بالكامل ومحاولة تطبيق مفهوم الحرية والديمقراطية من المنظور الامريكي على حكومات وشعوب المنطقة والعمل على تغيير بعض مفاهيم تعاليم الدين الحنيف مثل إلغاء كلمة الجهاد من مواد التدريس.
4 السيطرة والتحكم بآبار النفط العراقية والضغط على منظمة أوبك مما يؤدي للحصول على السعر المستهدف للإدارة الامريكية والذي يتراوح ما بين (12 15) دولاراً للبرميل الواحد مما يسهم في تحسين الاقتصاد الامريكي المتعثر وإلحاق الضرر بالدول المنتجة.
إن شن هذه الحرب بزعامة الولايات المتحدة الامريكية لها تداعيات وخيمة على المنطقة ومن هذه التداعيات:
1 ازدياد العداء للولايات المتحدة الامريكية في العالم العربي والإسلامي على وجه الخصوص وفي العالم الغربي عامة مما يؤدي الى القيام بعمليات إرهابية ضد المصالح الامريكية في جميع أنحاء العالم وهذا ما أتى على لسان مسؤولي الادارة الامريكية وعلى رأسهم الرئيس الامريكي جورج بوش، كا ان وزير العدل الامريكي رفع مستوى الإنذار الى خطر مرتفع جدا.
2 إثقال كاهل ميزانيات دول المنطقة بالمساهمة في إعادة إعمار العراق بعد تدميره من قبل الولايات المتحدة الامريكية.
3 إضعاف قوة دول المنطقة عسكرياً.
4 احتمالية دخول العراق كعضو في مجلس التعاون الخليجي.
ولقد ذكر وزير الدفاع الامريكي دونالدر في زيارته الأخيرة لروما أن الحرب الامريكية على العراق قد تأخذ أياماً أو أسابيع قليلة وأن المشاهد للقوة العسكرية الامريكية المتطورة وما لها من خبرة وباع في إدارة الحروب ومقدرة وحسن تخطيط يرى ان هذه الحرب قد تكون قصيرة حيث أن الإطاحة بنظام صدام حسين ليس السيطرة على العراق بشكل كامل قد يستغرق ما بين (10 15) يوما وهي تعتبر المرحلة الحاسمة للنصر في هذه الحرب والمهمة بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية ومن ثم يبقى السيطرة على زمام الأمور داخل المدن في العراق حيث من المؤكد ان يواجه الجيش الامريكي هجمات ومقاومة من الشعب العراقي مما يؤدي الى زيادة تعرض الجنود الامريكية الى القتل كما يحدث الآن في أفغانستان ولكن قد تستطيع أمريكا بعد فترة من الوقت السيطرة الكاملة على زمام الأمور وتشكيل حكومة مؤقتة.
وأخيراً ماذا بمقدور الدول الاخرى المعنية برفض تلك الحرب أن تفعل وماذا لديها من ورقة ضغط ضد الولايات المتحدة وهل لديها أصلاً ورقة تستطيع ان تضغط بها على الولايات المتحدة ومع هذا كله اذا ما وقعت الحرب الآخذة في العد التنازلي؟.. ماذا لدى العراق من استعدادات ومقدرة لمواجهة التقنية والترسانة العسكرية الأمريكية المتطورة الهائلة؟.
|