من خلال ما نسمع، أن الطلاب الذين يشغلون بعض أوقات فراغهم بالتوجه إلى المساجد، ومراكز تحفيظ الكتاب العزيز، هم أكثر نجحاً في تحصيلهم الدراسي.. سمعت ذلك من أكثر من موقع، ولا سيما في خطب الجمعة، وعبر فترات شتى.. وهذا التأكيد ليس في حاجة إلى مزيد إبانة، ذلك أن الحرص على حفظ الكتاب العزيز، يجعل صاحبه ناجحاً، وهادئ النفس مستقرها.. إن هذه الحال أمر مسلم به، ولن نذهب بعيداً، ولا سيما، وأن المؤكد لا يؤكد، كما يقول النحاة، فنحن نقرأ في الكتاب العزيز قول الحق: { أّلا بٌذٌكًرٌ اللّهٌ تّطًمّئٌنٍَ القٍلٍوبٍ} والقرآن ذكر.!
* ونسمع من المتحدثين من المنابر أن السجناء الذين يتوجهون إلى كتاب الله قراءة وحفظاً، يصلح حالهم، ويستقيم سلوكهم، فتغشاهم هداية خالقهم، حتى يصبحوا أعضاء صالحين في المجتمع..! إن أمتنا المسلمة عبر تاريخها، ما التزمت التمسك بهذا الكتاب، إلا صلح حالها، وتحققت طموحاتها وارتقاؤها في الحياة، ثم ما يدخره لها خالقها في غدها من الخير والصلاح والحياة الكريمة في أخراها..! وما بعدت الأمة عن هذا الدستور، إلا وساء حالها وتخلفت ودارت عليها الدوائر، وخذلتها الأيام.!
* إننا نحمد الله إليه، فالأمة المسلمة تعيش في صحوة، وقد أدركت بعد أن حل بها ما تكره من النكبات، ألا شيء ينقذها من كبوتها سوى قربها من خالقها، وتنفيذ أوامره، والتمسك بما أودعه في كتابه وسنة خير رسله وخاتمهم صلى الله عليه وسلم، لتصبح هذه الأمة، خير أمة، كما كانت في صدر الرسالة وما تلاها من عهود نصر وقوة ورقي حياة!
* إن أكبر انتصار تحققه أمتنا، لكي تعيد سيرتها الأولى، هو انتصاراتها على النفس، فذلك هو أولويات النجح، وهذا يفضي إلى الاستقامة.. وما أجدرها أن تعي وتلتزم بقول الصادق الأمين - صلى الله عليه وسلم -، حين أرشد وهو يرد على سائل، فلخص بيانه، وهو الذي أوتي جوامع الكلم، وهو أفصح العرب، قال لسائله: «قل آمنت بالله ثم استقم».! كل حركة الإنسان في حياته، وما يصلحها ويصلحه في آخرته: إيمان بالله مطلق واستقامة!
* ونحن ننسى، وعلينا أن نذكر، لأن الذكرى تنفع المؤمنين، كما يؤكد الكتاب العزيز، فعند رجوع الرسول القائد من غزوة الخندق، قال تلك الكلمة الخالدة، التي لو تمسك بها المسلمون، لكانوا في طليعة أمة الأرض قوة ونصراً و: علو في الحياة وفي الممات».. قال عليه الصلاة والسلام: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.. وحين سأله صحابته رضوان الله عليهم عن الجهاد الأكبر، قال: «جهاد النفس».. وصدقت يا خير خلق الله، فالنفس أمارة بالسوء، كما يؤكد ذلك الكتاب العزيز..!
نسألك يا الله باسمك الأعظم، أن تنصرنا على أنفسنا حتى لا نضل، وأن تنصرنا على أعدائنا حتى لا نذل، إنك سميع الدعاء.!
* والصحوة الإسلامية في عالمنا الإسلامي، تنحو إلى التمسك بهذا الكتاب، لأن فيه خيرها وعزتها وأيدها، والجمعيات في بقاع الأرض تعمل جادة، للإعانة على حفظ كتاب الله والعمل به، والمحسنون القادرون يرعونها، لتمضي في أداء رسالتها القيمة، وهي خليقة أن يحالفها التوفيق والنجاح، حين يتحقق لأبنائها توثيق علاقتهم بهذا الكتاب، يحفظونه ويتدارسونه، ثم ينفذون أحكامه، كي يسعدوا دنيا وآخرة، ويا سعادة الذين يدعمون هذا العمل الصالح، إنهم يحرثون للآخرة، فنعم الحرث ونعم التجارة، ونقول لهم ما قاله خير خلق الله لصهيب الرومي، حين استجاب لحكم مشركي قريش بالتنازل عما جمع من مال، ليدعوه يمضي إلى دار الهجرة، فاستقبله سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بالبشر، وقد أوحى الله إليه بما كان بين هذا المؤمن المهاجر والمشركين،استقبله من لا ينطق عن الهوى بقوله: «ربح البيع يا أبا يحيى».. اللهم وفقنا وزدنا توفيقاً وعزة وهداية!
|