كيف لمن يحرص على تزيين نفسه فوق الأرض، ألاَّ يتفكَّر في تزيينها في يوم العرْض؟!
هذا لكم...
ما هو لي فأقول:
* كتبت «السَّاهرة»: أجل فإنَّ لي نصيباً كبيراً من اسمي، وهو ليس كنيةً ولا مستعاراً لكنَّه اسمي الأول والصريح... تقول والدتي إنَّ أبي كان يعمل حارساً في اللَّيل في أحد المواقع الرسمية حول آبار البترول، وكانت هي تسهر اللَّيل حتى يعود، وفي اللَّيل كانت تحيّك له الملابس، وتعدُّ له الطعام، وتغسل له الملابس... وكنت أتحرك في أحشائها، فتحدثني: أنتِ ساهرة معي يا صغيرتي، تقول أيضاً إنَّّها كانت تحس بأنَّ جنينها أنثى، لذلك اتفقت مع أبي أن يكون اسمي «الساهرة» لأنَّها عندما أكبر عزمت أن تحكي لي عن الليالي التي سهرْتها معها حتى يعود أبي ثم في مساء ما... مات أبي... اغتالته سرعة جنونية لمركبة يقودها متهور بينما كان يعبر الشارع متجهاً من بيتنا إلى مقر عمله. كان رجلاً متواضعاً لا يملك عربة ولا داراً ولا دابة ولا حماراً... ثمَّ... ولدتني في غسق الليل... اسمتني الساهرة. أمي الآن تطلب مني أن أكتب لكِ لأنها «سعيدة» كما تقول بأنني أصبحت متعلمة وأقرأ وأكتب وكذلك أقول الشعر وأكتب النثر...
وتقول: إنني حلم أبي... وهي عندما استلمت أوْل «راتب» تقاضيته عن وظيفتي قامت بشراء حلوى وملابس لبعض اليتيمات كما كان يتمنى أبي أن يفعل بأول فائض من مرتبه عندما يزداد. لكن الموت عاجله ولم يتخط مرتبه بضع عشرات لا تزيد عن ثلاثمائة ريال وأكثر بقليل. لذلك أكتب لك يا خيرية واسمحي لي أن أجردك من كلِّ لقب لأنَّك هكذا عندنا الإنسانة التي تستقبل كلَّ من يطرق بابها فهل بابك لي مفتوح كي أدخل بكلِّ أحلام أمي، وأمنيات أبي؟».
*** ويا الساهرة... كنت أقرأ خطابكِ بشيء من الفرح وبكثير من السعادة وبإحساس عميق بأنَّ ليس بابي الصغير فقط الذي سوف يكون لك ولاحلام أمكِ وأمنياتِ أبيك مفتوحاً، بل كلُّ باب سوف تطوف به كلماتكِ وكتاباتكِ نثرها وشعرها... ولسوف آخذكِ إلى آماد البوح كي تتحقق عنكِ طموحات الساهرة الأولى في بيتكم، لتطرقي كافَّة مساقط الحرف، وتنثري فيها بذوركِ، لأجدكِ ذات يوم قد أثمرتِ بكلِّ الأحلام وأورفت على مدى اتساع رؤى أحلام هذه الأم الرائعة وفقكِ اللَّه، وأسعدكِ، وأعانكِ على رحلة جميلة ماتعة لكنَّّها مجهدة.
وأنتِ بعزمكِ سوف تيسِّيرين أمر همَّتكِ وتقفزين على نتوءاتها، وتتجاوزين تعثّراتها. عليكِ بالعزم والاستمرار و... أهلاً بكِ بأحلام أمكِ وأمنيات أبيكِ رحمه اللَّه رحمة واسعة.
إلى: «سواليف الحسن»: لا أحسب أنَّكِ «سواليف».. فإن أحسنتِ الاسم لعلَّكِ تحيلين «السواليف» إلى بوح منتج... وانتظر ما تبوحين به.
«عادل البليهد»: لا أدري إن كان قد نفد أم يوجد في السوق، هذا الكتيب هو لكلَّ من شاء الابحار في معيَّة المطر... لعلِّي أن أجد لك نسخة وسوف أودعها صندوق بريدك فشكراً لك.
عنوان المراسلة: الرياض 11683 ص.ب 93855
|