جريمة جديدة ترتكب في مخيم جباليا ضمن مسلسل الارهاب المنظم والمستمر من قبل الكيان الصهيوني ضد أبناء شعبنا الفلسطيني!
مذبحة جديدة تقوم بها عصابات القتلة!
ومرثية أخرى نكتبها على صفحات الحزن اليومي الفلسطيني!
ومع ذلك لن نبكي شهداءنا..!!
فقتلانا في الجنة وقتلاهم في النار بإذن الله.
ولن نندب قدرنا!!
فهذا هو قدرنا.. قدرنا الفلسطيني!!
قدر الفلسطينيين أن يقاوموا.. ويقاوموا.. ويجاهدوا.. ويستشهدوا!!
قدر الفلسطينيين أن يواجهوا - لوحدهم - هذه الهجمة الصهيونية التي لم يسلم منها الأطفال الرضع والفتية والنساء الحوامل والشيوخ والشباب حتى الحجر والحيوان والطير!!
فكل ما في فلسطين استباحه العدو الصهيوني منذ عشرات السنين، ويستبيحه يومياً هذه الأيام!
والعالم العربي يصر - اصراراً عجيباً - على أن خيارهم الاستراتيجي هو خيار السلام، ليظهروا للعالم بأنهم دواجن سلام!! أمام ذئاب إسرائيلية اغتصبت الانسان والأرض والمقدسات الفلسطينية والإسلامية، وانتهكت الأعراض، ودنست المقدسات.
هذا الشعار المسخ الذي ابتدعه بعض المنهزمين في أمتنا العربية، وصدقه كل العرب وتمسكوا به حتى آخر فلسطيني!
والعالم الغربي يمارس مؤامرة الصمت والاستهتار واللامبالاة ضد الشعب الفلسطيني!
لا يعترف بالأخلاق والحقوق!!
يقف مع الجلاد ضد الضحية ليشارك في ذبحها!!
لم يتحرك هذا العالم المنافق عندما شاهد الرصاص الاسرائيلي يقتل الطفل محمد الدرة بين يدي والده!! وقذائف الدبابات الإسرائيلية تغتال الرضيعة ايمان حجو وهي في أحضان أمها! وصواريخ الطائرات الأباتشي تغتال الطفلين الشقيقين أشرف وبلال أبو خضر! ومتفجرات الحقد الإسرائيلي تنثر أجساد الطفلين شهيد وملاك وبركات في الهواء بعد نسف منزلهم على رؤوسسهم!!
لم يتحرك العالم عندما مذقت قذيفة دبابة جسد الطفل فارس عودة بعد أن قذف دبابة المحتل بحجر!! وعندما مزق رصاص المستوطنين القتلة جسد الرضيع ضياء الطميزي! وعندما نسفت قوات الاحتلال منزل شكري المقادمة على رأس عائلته في مخيم البريج وقتل زوجته الحامل في شهرها التاسع نهى المقادمة!
لم يتحرك العالم أمام إرهاب الدولة الاسرائيلي المنظم من عمليات الاجتياحات اليومية لمخيمات وقرى ومدن قطاع غزة والضفة الغربية وتدمير البيوت على رؤوس سكانها المدنيين والاغتيال اليومي لنشطاء وكوادر الانتفاضة، والمجازر البشعة التي يرتكبها جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين ضد المدنيين العزل والأحياء السكنية التي بلغت حد قصف المدنيين الفلسطينيين بطائرات ال«f16 والأباتشي الأمريكية الصنع!
بل قامت كل الدنيا - ولم تقعد - بعد عملية الفارس البطل محمد القواسمة في مدينة حيفا!
لقد أثبت الشهيد محمد القواسمة بدمائه الطاهرة أننا أمة نصفها من الشهداء والنصف الآخر من الأبطال، وأن الشعب الذي يزرع أرضه بالتضحية لا بد أن يحصد النصر.
لقد أدرك القواسمة أن دماءه الزكية التي سالت على أرض فلسطين ستضيف خطوات واثقة على الدرب السائر في اتجاه العزة والكرامة والإباء.. الدرب الوحيد إلى فلسطين.. درب الشهادة والتضحية والفداء.
لقد كشفت دماء المجاهد محمد القواسمة - ومن قبله دماء سامر النوري وبراق خلفة ومحمد الغول وفؤاد الحوراني وعبدالباسط عودة ومحمد حشايكة وشادي طوباسي ورائد البرغوثي وعز الدين المصري وأشرف السيد وسعيد الحوتري ومحمود مرمش واسماعيل عاشور وعماد الزبيدي وعبدالمعطي العصار - ومئات الاستشهاديين - كشفت الشرعية الدولية العوراء التي لا ترى إلا بعين واحدة لصالح العدو الصهيوني!
لقد كشفت دماء الاستشهاديين التي سالت ولا تزال على ثرى فلسطين الطاهر يومياً العجز العربي والإسلامي، والظلم الذي يعانيه الشعب الفلسطيني من ذوي القربى، والانحياز الصارخ للدول - التي تتشدق يومياً بحقوق الانسان والحيوان - مع العدوان والطغيان ضد الفلسطينيين!
ومع ذلك يجب علينا الاعتراف بأن التخاذل الذي أبداه البعض من أبناء جلدتنا تجاه أعدائنا هو الذي جعل هذا العدو يتجاسر على محاولاته المتكررة لإلغائنا وإبادتنا!! يبدأ التخاذل عندما نقوم بتلوين أعدائنا ونختار اللون الذي يناسبنا!!
فهذا مع التسوية.. والآخر مع السلام!
هذا مع تكسير عظام الفلسطينيين.. وذاك مع كسر رقابهم!!
هذا مع قتلهم بالطائرات والدبابات.. وذاك بالحصار والتجويع!!
هذا مع القدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل .. وذاك مع أبو ديس عاصمة للفلسطينيين!
هذا من الحمائم.. والآخر من الدواجن.. وذاك من الصقور..!
مع أن الجميع ذئاب متوحشة!
فلنتوقف عن تصنيف أعدائنا..! ولنخلع هذه الملابس الجميلة والبذل التي نلبسها من أرقى المحلات العالمية..! ولنلبس ملابس الحرب والأحزمة الناسفة أمام هذا العدو المتغطرس الذي يقتل أطفالنا ونساءنا وشيوخنا، وينسف البيوت على رؤوس سكانها من المدنيين العزل ويجتاح أرضنا الفلسطينية يومياً، ولنثأر لأطفالنا ونسائنا وشيوخنا وشبابنا ونقتص من قتلتهم!
فلندافع عن أنفسنا!!
ندافع عن أطفالنا!
عن نسائنا..! شيوخنا..! شبابنا..!
ولنمت واقفين كالأشجار الباسقة في مواجهة هذا العدو الجبان!
فلنجعل نساءهم تبكي على قتلاهم كما تبكي نساؤنا على شهدائنا، ولنثبت لهم أن دماءنا غالية وليست رخيصة!
فنحن أصحاب ثأر، ومن كان صاحب ثأر كان الأقدر على الصبر على شدائد الحروب!
إن ثأرنا عند كل إسرائيلي مقيم على أرض وطننا الحبيب!!
يا لثارات فلسطين!!
يا لثارات شهدائنا!!
يا لثارات قدسنا!!
فمقابل كل شهيد يسقط لنا يجب أن تكون هناك عملية استشهادية في قلب العدو الإسرائيلي.
ومقابل كل جريح.. وكل معتقل..وكل بيت يدمر يجب أن تقابله عملية استشهادية داخل الكيان الصهيوني!
لن نصدق بعد اليوم أنهم أبناء العمومة.. بل هم أعداؤنا!!
ولن نوهم أنفسنا بأنهم أصدقاؤنا الجدد.. بل هم قتلتنا!!
ولن نتحسر على عرب يتلهون بآلامنا، وعجم يعبثون بدمائنا!!
يستطيع أحفاد هولاكو أن يقتلوا كل يوم الآلاف من أبناء شعبنا الفسطيني في ظل هذا الصمت العربي الغريب، لكنهم لن يستطيعوا أن يقتلوا فينا روح الجهاد والمقاومة.
فعصابة القتلة في تل أبيب لم يتركوا لنا من خيار سوى المقاومة بالعبوات الناسفة وبصورايخ القسام وبأجسادنا وبعظام أطفالنا ونسائنا وبقوتنا اليومي!!
فلم تبق عندنا دموع لسكبها على ضحايا المجازر اليومية في جباليا وجنين ودير البلح ونابلس وبيت حانون والخليل ورفح والبريج والنصيرات، فقد جفت دموعنا منذ مذابح دري ياسين وقبية وكفر قاسم!
لم يبق أمامنا من خيار سوى المقاومة والصمود والتضحية والاستشهاد!
لن نبكي شهداءنا بعد اليوم..
ولن نحصي جثث شهدائنا بعد اليوم بل سنجعلهم يحصون قتلاهم!
وإن كان رصيد الفلسطينيين من الشهداء في تزايد مستمر فقد اعتاد أبناء هذا الشعب المناضل على ملاقاة الموت في كل لحظة وكل يوم.
(*) مدير تحرير جريدة الحقائق لندن
www.alhaqaeq.net
|