«حتى أنت يا بروتس» عبارة شهيرة قالها يوليوس قيصر، بعد أن فطن لخيانة أقرب الناس له. وأصبحت عبارة «حتى أنت يا بروتس» تلوكها ألسنة الناس كافة وغدت من المسلمات المصاحبة لفعل أي خيانة من أي نوع بأن تقال للدلالة على الخيانة.
الأيام الماضية شهدت خيانة جديدة في أخطر تنظيم دولي تحاصره الدول كافة «تنظيم القاعدة»، حيث وشى أصولي من داخل التنظيم عن مكان اختباء قيادي القاعدة خالد شيخ محمد. وذكرت صحيفة «ذي صن» البريطانية أن الأصولي العربي كوفئ بمبلغ 17 مليون جنيه استرليني (27 مليون دولار) وبمنزل جديد في وسط بريطانيا.
والقيادي خالد شيخ محمد يعتبره الأمريكان العقل المدبر لأحداث 11 سبتمبر 2001، وقد رافق القبض عليه، القبض على مصطفى أحمد الهوساوي المسؤول المالي وممول هجمات 11 سبتمبر، وكذلك الابن الثاني للشيخ عمر عبد الرحمن الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في الولايات المتحدة محمد عمر عبد الرحمن المكنى «أسد الله».
الأمريكان كافأوا الأصولي العربي نظير وشايته التي دلتهم على كنز أسرار القاعدة والعقل المدبر لأحداث 11 سبتمبر، معتبرين ذلك أعظم الإنجازات في حربهم ضد الارهاب، لذلك كان تقديرهم كبيراً نظير الخدمة التي قدمت لهم، فاستطاعت الادارة الأمريكية ان تتنفس الصعداء عقب القبض على العقل المدبر لأحداث 11 سبتمبر، بعد أن وُجهت اليها السهام والانتقادات من اخفاقها في القبض على القياديين في تنظيم القاعدة.
فالخيانة يبدو أنها متجذرة في كل التنظيمات السرية التي دائما ما تنتهي بفعل الخيانة من داخل أعضائها.. وسيظل «بروتس» العصر القديم يتجدد دائماً وبصور مختلفة على مدار الأيام، طالما هناك تنظيمات سياسية سرية تعمل ضد الحركة الطبيعية لإيقاعات المجتمعات.
ولعلنا نتذكر في هذا الصدد الخيانة الأكثر اثارة في هذا العصر، وكانت من غرابتها كأنها من اعداد سينارست من هوليود، فقد وشى شقيق على شقيقه الأكبر قائد التنظيم وأسهم في القبض عليه بعد أن استطاع ان يختفي عن أعين أجهزة الأمن المصرية حقبة من الزمن، فلم تكن تعرف شيئاً عن أعضاء التنظيم وهويتهم.
وكان تنظيم «ثورة مصر» الذي ناهض الوجود الإسرائيلي وقام بعدد من العمليات ضد الاسرائيليين في القاهرة، وكانت من الاتقان بحيث لم تعثر الأجهزة الأمنية المصرية على دليل واحد يقودها إلى عناصر التنظيم، وظل الوضع على تلك الحالة حتى وشى الأخ الأصغر بشقيقه الأكبر محمود نور الدين رئيس التنظيم، عندما ذهب بمحض إرادته للسفارة الأمريكية في القاهرة واستضافته السفارة حتى أخذت منه التفاصيل الكاملة عن التنظيم وأسماء أعضائه، ثم قامت بتسليم الملف لأجهزة الأمن المصرية التي قامت بالقبض على أعضاء التنظيم، وقد قضى محمود نور الدين رئيس التنظيم نحبه مؤخراً داخل السجن.
الخيانة ستظل سيفاً مسلطاً على رقبة كل التنظيمات السياسية السرية، طالما أنها تعمل تحت الأرض وفي جنح الليل وبعيداً عن شرعية الدول.
|