Sunday 9th march,2003 11119العدد الأحد 6 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نوافذ نوافذ
الأماكن العامة
أميمة الخميس

لماذا تسيطر علينا في الأماكن العامة ثقافة الغابة؟؟
الجو العام يسيطر عليه بان البقاء للأشرس والأقل حضارية والأكثر خشونة ووقاحة، وهذا الأمر لايقتصر على الشارع واسلوب التعامل مع الانظمة المرورية، بل يتجاوزه في علاقتنا مع البشر من حولنا في الاماكن الرسمية، في صفوف السوبر ماركت، في المطاعم والاماكن العامة صالات الانتظار، والاسواق.
فعندما تتجاوز دورك وتعرض من حولك للعنف اللفظي او الجسدي لكي تصل اولاً، فإن الثقافة السائدة لاتترجم هذا العمل كنوع من الهمجية الحضارية او السلوك البدائي الذي يسلكه بعض انواع المخلوقات وليس جميعها «النمل والنحل غاية في التنظيم» بل تترجمه على كونه نوعاً من المهارة والتفوق ومعرفة من أين تؤكل الكتف.
لعل اقرب شيء يشبهه هو منظر البغاث وهي تترصد ببقايا الفرائس، المعذرة قد تبدو لغتي حادة تشبيهاتي شديدة القسوة، ولكن فجاجة الواقع أشد قسوة.
اذكر في طفولتي بأن نصف وقت الفسحة المدرسية يذهب نظراً للازدحام الشديد الشرس أمام مقصف المدرسة حيث الفتيات الكبيرات الشرسات يفزن بالمشروب والصغيرات ينتظرن الى نهاية الفسحة يكابدن العطش.
والى الآن مازال هذا هو القانون السائد والمسيطر والمتبع، فالكبار الآن حملوا هذا القانون من طفولتهم وصدروه كاسلوب امثل للتعامل مع الاماكن العامة.
ولا ادري بالتحديد ماهو سبب هذه العدوانية والشراسة، هل هي عدم ثقة بالقوانين ومن ثم الرغبة في تجاوزها والتحايل عليها؟؟
هل هو احساس عميق بالغبن واللاعدالة ومن ثم محاولة للحصول على الحلول عبر الذراع، هل هي عدم ثقة وإحساس بالظلم فبالتالي تتولد تلك العدوانية العميقة التي تترجم في تصرفات غريبة من نوع أنا ومن خلفي الطوفان؟؟
هل العائلة تصرف وقتاً بسيطاً لمناقشة هذا الموضوع مع اولادها؟ ولو عشر دقائق اسبوعياً للحديث عن سلوكيات الاماكن العامة، واحياء السنة المطهرة فيما يتعلق بهذا الموضوع من خلال إماطة الاذى عن الطريق، والابتسامة في وجه اخيك، ولا يسلم احدكم حتى يأمن جاره بوائقه؟
هل في ضوضاء الحديث عن المناهج هناك ما يتعلق بالسلوك الحضاري وما يتعلق بتعايشنا وسط الجماعة وقوانين وضوابط ذا التعايش؟؟
هل هو تقاعس نفسي وقصور في الوعي والجهد، وعدم محاولة مغادرة قوانين البادية والتحول عنها الى قوانين المدينة.
قال الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم:
نشرب اذا ما وردنا الماء صفوا
ويشرب غيرنا كدرا وطينا
وهذا بالضبط يلخص كل القضية، المهم بان نشرب نحن الماء صفواً ويشرب غيرنا الكدر والطينا، مازال هذا القانون يسري في اوصال الامة ودمائها عاجزة عن تصفيته من الشوائب او التخلص منه.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved