Sunday 9th march,2003 11119العدد الأحد 6 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
الجديد عن القلق
د. فارس محمد الغزي

استهلالا من البدهي القول إنه كان بوسع الحياة أن تكون شجرة خضراء وارفة الظلال لولا أن قدر الإنسان فيها قد منح منشار القلق كافة حقوق العبث بفروع وأوراق وأغصان هذه الشجرة. إن للقلق منشاراً هوايته القضم جيئة وذهابا.. (رايح جاي) تماماً كما تبدو حقيقته اللغوية المنشارية حين تقرأ كلمة (قلق) معكوسة. أما الحقيقة الثانية فتتمثل في أنه لا جدال في قدرة القلق غير المحسوس على إحداث الضرر الجسدي المحسوس. ومن أدلة ذلك الأمراض ذات الجذور النفسية فالإنسان وجود نفسي قبل أن يكون وجودا جسديا، ومن ضمن الأدلة (العديدة) على ذلك اثبات العلم الحديث حقيقة تقاطع المرض الجسدي (Disease) مع المرض النفسي (illeness) بل إثبات العلم أيضا حقيقة تحول الأمراض النفسية إلى أمراض عضوية/ جسدية، كمرض «الهستيريا التحولية» الذي هو مرض نفسي في الأساس غير أنه قد يتحول بمضي الزمن الى امراض جسدية عديدة من ضمنها الشلل والصمم وفقدان القدرة على النطق وما شابه ذلك. بالإضافة فهناك ما يعرف بمرض «ضغط الدم الجوهري» الذي أثبتت التجارب العلمية بأنه ينجم في الأساس عن شدة وطأة الحزن.. أو الغضب أو الغيظ ولا سيما حين يلجأ الإنسان إلى التعامل معها بالكتمان. في ضوء ما سبق استعراضه من حقائق (مضغوطة!) يتوجب الإشارة إلى أن العلم الحديث وفق النظرية المعروفة بنظرية (القلق الأساسي) يؤكد بأن القلق هو أنسب مقياس لمعرفة (من تكون).. بصيغة أخرى القلق هو المفتاح السحري لفهم وتحليل شخصيات البشر، والتطورات العلمية هذه قد تبدو غريبة بل هي بالفعل غريبة من حيث كون أنها تمنح أبغض ما لدينا: (القلق) القدرة على فك طلاسم أبهم وأغمض ما فينا: (شخصياتنا).
أما المحصلة النهائية لما سبق ففائدة محورها أن علاج القلق في جيبك. ويتميز هذا الحل لا بقدرته على تخليصك من براثن القلق فحسب بل أيضا على منحك الفرصة لاستثمار الطاقة (القلقية) في كيانك وتسخيرها في صالحك حين تمنح القلق فرصة استحثاث مهاراتك وشحذ قدراتك وتحفيز ملكاتك، عليه فعليك كبح جماح قلقك وترويض شراسته وذلك بتعطيل (زر) سلبية الأحمر وإضاءة الزر الأخضر الإيجابي وهذا يعني بدء تشغيل مكينة (تدوير نفايات القلق) فيك لتحويلها من ثم إلى منتجات نافعة مفيدة. حاول ذلك بالإصرار على التعود على القراءة.. على الكتابة.. على الرياضة.. على الوقوف الى جانب فرد مظلوم أنهكه القلق.. وسترى كيف تستنسخ قلقك السلبي إلى النقيض الإيجابي منه.. فقط جرِّب ذلك.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved