Sunday 9th march,2003 11119العدد الأحد 6 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بموضوعية بموضوعية
الأسواق المالية خلال الأزمات
راشد محمد الفوزان

تتصاعد الأزمة العراقية الأمريكية باقتراب مؤشرات الحرب التي أصبحت تنتظر بالأيام وليس بالأسابيع، والحرب كنتيجة طبيعية لها خسائرها وضحاياها، وسأركز هنا على الجانب الاقتصادي في جزء منه وهو السوق المالي لدينا في المملكة، والمعروف أن ليس لدينا سوق مالية كاملة أو متكاملة بأي شكل من الأشكال وهي بطور التأسيس والبناء.
يعتبر السوق المالي أو الأسهم السعودية هي الأكبر في الوطن العربي كرأس مال للسوق وقيمة سوقية أو كتداول للأسهم أو كمستوى نمو سنوي يتحقق بالمجموع العام وليس لقطاع معين محدد. هذه السوق التي أصبحت الآن تعاني من ركود منذ أشهر نظرا للأزمة الحالية وبرغم ارتفاع أسعار النفط التي دائماً ما تربط بسوق الأسهم بصعودها أو هبوطها، وبرغم أن الآن سعر برميل النفط يلامس ال 35 دولاراً للبرميل إلا أن أسعار الأسهم والمؤشر العام هابط، وهذا شيء طبيعي نظراً للأزمة، ونظراً لتأثير العامل النفسي على المضاربين وحتى المساهمين في السوق الذين يحجمون عن الشراء أو البيع إلى الحد الأدنى حتى تتضح الرؤية لهذه الأزمة التي ألقت بظلالها على الوضع بالمنطقة سياسياً واقتصادياً وحتى اجتماعياً.
قد تكون هناك فرصة كبيرة للمساهمين وحتى المضاربين إلى حد ما بأن يستغلوا هذه الظروف للأزمة لتدني الأسعار كنتيجة طبيعية، بأن يشتروا الأسهم عند الهبوط للحد الأدنى «كما هي الآن تهبط» من وجهة نظرهم بالتوقيت المناسب نظرا للأحجام لدى الكثير عن الشراء بل البيع ثم البيع!! وأيضا ليقينهم أو توقعاتهم المتفائلة بأن الأزمة ستنتهي بدون تأثيرات ومتغيرات كبيرة وأنها ستعود كما كانت قبل الأزمة بهدوء، ولأن نتائج الشركات في بعض القطاعات مغرية ونتائجها جيدة مما يدفعهم بالشراء والشراء. وستكون سلبية لصغار المساهمين والمضاربين بأن يبادروا بتسييل أسهم آلي نقد «كما يتم الآن» كضمان لهم من هذه الأزمة التي لا يعرف لها عواقب فيكون هناك ضغط على السيولة والطلب لها وزيادة المعروض من الأسهم برغم الأحجام عن الشراء مما يعني مزيدا من خفض السعر ومزيداً من الشراء من الكبار.
لا شك أن الأزمة أثرت بالسوق بشكل واضح جدا وهذا واضح من مؤشر السوق العام، ولكن وضع السوق لم ينته بعد من الانحدار بل سيتواصل ويستمر ما استمرت الأزمة وان الحرب أصبحت قريبة جدا، فأما رحيل الرئيس العراقي صدام حسين أو الحرب، ومن تصريحات الرئيس العراقي التي تؤكد بقاءه فإن نذير الحرب هو الأقرب، وأعتقد أن هناك دوراً كبيراً يجب أن تقوم به مؤسسة النقد السعودي التي تعتبر هي الجهة الرقابية والحاكمة لهذا السوق المالي، بحيث تضع ما هي خططها في حال نشوب الحرب؟ ماذا ستفعل؟ ولا بد أن يكون هناك خطة لذلك كبقية دول العالم التي تتدخل بالسوق المالي في حال نشوب الأزمات، ولعل أقرب مثال لذلك هو أحداث الحادي عشر من سبتمبر حين حدث الهجوم الإرهابي ضد مركزي التجارة العالمي في نيويورك بادر السلطة الحاكمة في حينه بإغلاق السوق المالي مباشرة خشية الانهيار وما لا تحمد عقباه ولقد تم ذلك مباشرة برغم انه حدث مفاجئ لا مؤشرات أو مقدمات له، لكن تم المبادرة باستصدار قرار يوقف التداول وإغلاق سوف نيويورك، وأجل افتتاحه إلى الأسبوع الثاني وهو يوم الاثنين بمعنى أغلق ما يقارب 5 أيام، ومعروف كم حجم هذه السوق وكم يتداول بها من مئات المليارات من أسهم وسندات ومع ذلك أغلقت..
مؤسسة النقد السعودي ووزارة المالية لديها من المسؤوليات التي تفرض عليهم التدخل الآن لمواجهة هذه الأزمة ولعل الخسائر التي تتحقق في سوق الأسهم واضحة مقارنة بما قبل شهر أو شهرين والمؤشر سيزيد أن المساهمين بكل فئاتهم يتطلعون إلى دور ملموس وواضح من قبل مؤسسة النقد يحمي هذه السوق من الانهيار للأسعار في حال نشوب الحرب، ويجب أن يكون هناك خطة واضحة لذلك، لا يعني استمرار السوق عدم الاهتمام بالأزمة الراهنة أو إعطاء الانطباع بأن الوضع مستقر ولن يتأثر فهذا غير صحيح وبلغة الأرقام، ولأن كثيرا من المواطنين سيخسرون من أموالهم الشيء الكثيران باعوا أسهما خلال الأزمة والطبيعة البشرية لكل مواطن لديه التخوف من المستقبل في ظل غياب وضوح الصورة، وبتصوري أن الأفضل وضع جدول لذلك يوضح أن السوق المالي ستغلق مع أول رصاصة تطلق، وسيغلق بسعر الإقفال ذلك اليوم وأن تعاود التداول مع أول يوم يستقر فيه الوضع وطبقاً لما تحدده الدولة، ويكون التداول بسعر آخر إغلاق.
سيكون هناك رابحون من الأزمة ورابحون بأرقام كبيرة جدا وهم قلة وسيكون هناك خاسرون بأرقام كبيرة أيضا وهم الأكثر والأغلب، ولكن ان تدخلت مؤسسة النقد وهو ما يفترض ستكون حماية للجميع ولن يكون هناك ضرر لأي طرف، فهل ستفعل ذلك مؤسسة النقد؟.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved