Sunday 9th march,2003 11119العدد الأحد 6 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الانتخابات الفرعية في مدينة سيرت تمهد الطريق لوزارة أردوغان الأولى! الانتخابات الفرعية في مدينة سيرت تمهد الطريق لوزارة أردوغان الأولى!
عبدالإله بن سعود السعدون (*)

لم يستطع السيد أردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية التركي المشاركة في الانتخابات العامة والتي جرت في نهاية العام الماضي لاعتراض النائب العام المسؤول عن الانتخابات على ترشيحه آنذاك لصدور حكمين قضائيين من المحكمة البدائية في اسطنبول بسبب تعرض أردوغان للوحدة الوطنية التركية ومخالفة الدستور بتأييد لتمتع الأكراد في جنوب شرق تركيا بالحقوق الانسانية والثقافية.
ومع فوز حزبه الساحق في تلك الانتخابات حيث حصل على 383 مقعداً نيابياً من أصل 550 مقعدا مجموع مقاعد المجلس النيابي. وقد اختار حزب العدالة والتنمية السيد عبدالله كول عضو الهيئة المركزية للحزب ليتولى منصب رئيس الوزراء ويشكل الوزارة الأولى بعد ربع قرن من حزب الأغلبية..
وقد جاء رفض اللجنة الانتخابية آنذاك لفوز النائب المستقل السيد فاضل كوفين وذلك لوجود ملاحقة قضائية حوله ولا يستطيع حلف اليمين الدستورية في المجلس وبعدها يتمتع بالحصانة البرلمانية ولابد من تنفيذ الحكم القضائي أولاً ومن ثم دخوله البرلمان. وأمام هذا الوضع المحرج للنائب وخشية تعرضه للسجن والملاحقة قرر الاستقالة عن مقعده النيابي ومغادرة تركيا لاجئاً في ألمانيا وجاءت هذه الفرصة الذهبية للسيد اردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية ليصدر المجلس النيابي والذي يتمتع حزبه بالأغلبية بقانون عفو سياسي عام عن كافة السياسيين السابقين في تركيا والذين صدر بحقهم احكام قضائية بمنعهم من مزاولة الحياة السياسية امثال البروفسور نجم الدين اربكان رغيم حزب الرفاه الإسلامي الملغى بحكم القانون وقد استفاد ايضا بعض الزعماء المستقلين من الاكراد واليساريين. وبعد صدور قانون العفو السياسي رفعت كافة الموانع القانونية أمام عودة السيد رجب طيب اردوغان رئيس حزب العدالة والتنمية للعودة للحياة البرلمانية وقد رشح نفسه عن المقعد الشاغر بعد استقالة النائب المستقل عن ولاية «سيرت» ذات الأكثرية الكردية والتي تقع ضمن نفوذ الأكثرية لحزب العدالة والتنمية والذي يحظى بتأييد ظاهر من كافة الاتجاهات السياسية الكردية في تركيا. وستجري هذه الانتخابات الفرعية يوم الاحد التاسع من مارس الحالي وينافسه للحصول على هذا المقعد حزب الشعب الجمهوري الحزب المعارض والذي يحظى بدعم وتأييد من المؤسسة العسكرية التركية باعتبار هذا الحزب أسسه مصطفى اتاتورك الذي يحافظ العسكريون على بقاء واستمرار مبادئه السياسية عن طريق هذا الحزب المعارض، كما ان هناك العديد من الشخصيات السياسية المستقلة ستخوض هذه الانتخابات الفرعية للفوز بهذا المقعد المهم الشاغر ولكن كل التوقعات تنصب لصالح السيد أردوغان وذلك لتركيز حزب العدالة والتنمية كل جهوده ومؤيديه لتحقيق أكثرية الأصوات الانتخابية لصالح زعيم حزبهم أردوغان الذي يمثل فوزه بهذا المقعد النيابي فتح كافة الأبواب أمامه لتشكيل وزارته الأولى إذ يضمن له الدستور الحق في الجمع بين زعامة حزبه صاحب الأغلبية المطلقة في البرلمان ورئاسة الحكومة التركية.
ومن المحتمل ان يقدم السيد عبدالله كول رئيس الوزراء الحالي استقالته بعد اعلان فوز السيد اردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية ودخوله البرلمان بصورة رسمية بعد تمتعه بكافة حقوقه السياسية التي كفلها الدستور التركي.
والملفات السياسية الساخنة التي تنتظر السيد اردوغان اولها ملف السماح للقوات الامريكية بالانتشار على الاراضي التركية ودخولها الى الاراضي العراقية عبر الحدود التركية، وقد قدمت حكومة عبدالله كول مذكرة قانون الى مجلس الأمة التركي إلا ان اغلبية أعضاء البرلمان عارضوا التصويت بالايجاب على هذه المذكرة وتم ردها الى الحكومة وأحدث هذا الاجراء غير المتوقع من النواب حرجاً كبيراً للحكومة التركية أمام الإدارة الأمريكية بعد ان تم الاتفاق على المعاهدة الصفقة والتي تحظى بدعم وتأييد المؤسسة العسكرية التركية.
إلا ان النواب اخذوا بنظر الاعتبار صدى الشارع التركي المعارض وبشدة للحرب المحتملة على الشعب العراقي. إلا ان اردوغان حين يشكل وزارته الجديدة ويحوز على ثقة البرلمان سيعيد تقديم مذكرة قانون الموافقة التركية على انتشار القوات الامريكية في أراضيها وعبورها الى الأراضي العراقية عبر الحدود التركية واستخدام كافة القواعد العسكرية والموانئ القريبة من الحدود العراقية وسيمضي هذا القرار الهام بتأييد ودعم المؤسسة العسكرية وبذا سيظهر حزب العدالة والتنمية بمظهر المضغوط عليه سياسياً من قبل المؤسسة العسكرية بتغيير رأيه وقراره من رفض القانون الخاص بالتسهيلات العسكرية للقوات الامريكية داخل الأراضي والموانئ التركية تمشياً مع ارادة الرأي العام التركي الرافض لهذه الحرب غير المبررة ضد الشعب العراقي المسلم الجار لتركيا، وبذا يحافظ على علاقته المؤيدة لبرامجه السياسية مع الشارع السياسي التركي، كما ان موافقة تركيا على انتشار القوات الامريكية ستساعدها اقتصادياً ومالياً لما ستقدمه امريكا من مليارات الدولارات كمساعدة للاقتصاد التركي هناك سبب سياسي استراتيجي لرغبتها في التدخل في شؤون شمال العراق الكردي والعمل بجدية بالغة لمنع كل المحاولات لانفراد الأكراد في القرار السياسي بشمال العراق والتدخل السريع ضد كل تخطيط مستقبلي كردي لإعلان جمهوريتهم المستقلة في شمال العراق.
والملف الثاني الهام هو حل القضية القبرصية حسب مقترحات السيد كوفي عنان سكرتير الأمم المتحدة حيث اقترح مسودة مشروع حل سلمي لتوحيد الجزيرة القبرصية وإعادة وحدة القبارصة الاتراك واليونانيين ليشكلوا حكماً فيدرالياً بين الجزءين اليوناني والتركي وعودة القوات العسكرية التركية الى تركيا والدعوة الى خلو الجزيرة من الوجود العسكري الاجنبي والذي يشكل عبئاً مالياً كبيراً على تركيا. ويأتي مشروع عنان لتسوية الخلاف التركي اليوناني الفرصة الأخيرة للاتراك للوصول لحل سلمي وعادل لتوحيد الجزيرة بما يضمن حقوق الشعبين التركي واليوناني تحت حكم فيدرالي جمهوري.
والملف الثالث المتعلق برغبة تركيا للانضمام للاتحاد الاوروبي والذي تأجل ترشيحه لعام 2005م ويتطلع السيد اردوغان الى العلاقة الاستراتيجية مع الإدارة الأمريكية وتقديم كافة التسهيلات اللازمة لتحقيق الانتشار للقوات الامريكية وفتح الموانئ والقواعد الجوية لاستخدامها بحرية كاملة للاغارة على الشعب العراقي الاعزل ستساعد هذه الخدمات التركية لأمريكا من أجل دعم ومناصرة قبول تركيا ضمن مجموعة الاتحاد الأوروبي، مع وزارة السيد اردوغان سيبدأ عهد جديد في تركيا بأحادية القرار الوزاري والحزبي الحاكم مما يسهل تمرير كافة القوانين والمراسيم الإصلاحية التي جاءت ضمن البرنامج الانتخابي لحزب العدالة الحاكم حالياً في تركيا.

(*) محلل إعلامي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved