تمكنت قمة بيروت في مارس من العام الماضي، ان تفتح المزيد من نوافذ الأمل، وان تطلق عجلة القطار، الذي تصور الكثيرون، انه سيحمل داخل عرباته، ما يسر النفوس، ويسهم في اغلاق تلك الثغرات، التي ظلت لأكثر من عقد مفتوحة على الخلافات والتوترات والمشاحنات، وما ان انتهت القمة، وعاد رؤساء الوفود الى العواصم العربية، حتي بدأ المواطن العربي، يتنسم النتائج الايجابية، التي أشرت بداية مرحلة جديدة في العلاقات العربية، واخذت القلوب والعقول والعيون ترقب المزيد من الخطوات على هذا الصعيد، حتى تخيل الكثيرون، ان القمة اللاحقة، ستكون زاخرة بالتصافح والتصافي، وفتح الصفحات الجديدة، التي تليق بهذه الأمة، على اعتبار انها احوج ما تكون اليه، في هذا الظرف الخطير، الذي تتعرض فيه، الى الهجمات من كل مكان.
إلا ان الذي يقرأ الأحداث، التي تلاحقت، بعد قمة بيروت عام 2002م، يجد بعض الضبابية، ولا يفرح لتلك الصورة، فمن ناحية، لم نجد أية حماسة لدى البعض، لتجاوز الماضي، والالتفات الى مستقبل الأمة، بدلاً من التمسك بعشق غريب، بالتلفت الى الوراء، دون القاء نظرة على خطورة ذلك، ثم بدأ الضغط على العراق من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا، للقبول بعودة المفتشين، ولأن الاجواء السياسية العربية، كانت أكثر طمأنينية، وتقدم فيها الصفاء والشفافية، على العتمة والضبابية، فكان للجامعة العربية دورها الفاعل في الحوار مع العراق، للقبول بعودة المفتشين، وصاحب ذلك، احاديث كثيرة عن تنقية الأجواء، وتعزيز الخطوات الايجابية ابان قمة بيروت، لكن الاحاديث الكثيرة، لم تصاحبها أفعال وتحركات بالمستوى المطلوب، وكان البعض يغلق الأبواب، ويؤجل مثل تلك الخطوات بانتظار شيء ما.
ما ان مرت عدة اشهر على حالة الفرح، التي عاشها الكثيرون، حتى انتقلت الأجواء من جديد لتدخل مرحلة أخرى، لا تختلف كثيراً، من ناحية التوتر، عن تلك التي عشناها اواخر عام 1990م. وما زلنا نعيش هذه الحالة، ومن الواضح، ان الإدارة الامريكية، لم تكن مرتاحة لما حصل من تقارب عربي، خلال قمة بيروت العام الماضي. وللأسف الشديد، ان البعض من العرب لا يرتاح إلا اذا ارتاح البيت الابيض، ويقلق مليون مرة، اذا قلق مرة واحدة، احد الجنود الذين يحرسون البيت الابيض. وهذا ما اضاع فرصة التقارب، ورماها في خانة التمييع، ثم في نفق لا أمل لضوء في نهايته.
ثم تأتي قمة مارس الحالي، والقلوب كانت ترى الكثير من الأمل في القطار، الذي رأيناه ينطلق صوب ضفة أفضل، اخذت هذه القلوب بالانكماش على نفسها، والنظر صوب قطار القتل الامريكي، الذي يقولون انه انطلق في حربه ضد العراق، وهذا أمل آخر، نفقده، وشرخ جديد نعيشه.
هل تجد القمة الحالية نافذة، لتعطينا شيئاً من الأمل، وتعيد الطمأنينة الى النفوس؟.
|