كل عام وأنتم بخير
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وجعل الله أيامك سعيدة وموفقة، لكل انسان ماض، ولكن هذا الماضي يختلف من انسان إلى آخر، فمنهم من يفتخر بماضيه ومنهم من قد يقلقه تذكره، الأيام تدور والدنيا دول بين الناس يقول الله تعالى:{وتلك الأيام نداولها بين الناس}آل عمران : 140 ليس هناك مخلد على وجه الأرض، تبقى لكل انسان ذكرياته ما دام حياً يرزق، وتذهب ويبقى عمله الصالح أو صدقته الجارية أو ابناؤه الصالحون أو كلها جميعاً من أراد له الله الخير اذا مات، هذا العام والذي قبله والذي يليه كلها أيام من العمر تسير حتى الساعة والثانية من العمر، ومتى ما ادرك الانسان يجب أن يتوقف للتفكير ويسأل نفسه بماذا تسير هذه الأيام والساعات والدقائق؟.
بعد هذا السؤال الذي قد يطول الوقت للاجابة عنه لمن يتفكر في نفسه ووضعه، ينتج لدى كثير من الناس وقت يذهب سدى لا طائل منه إلا ضياعه في أشياء لا فائدة منها، والوقت مهم للإنسان وخصوصاً المسلم وقد أقسم الله تعالى به في مواطن كثيرة من القرآن الكريم منها قوله: { والليل اذا ادبر <33> والصبح اذا اسفر <34>} [المدثر:33- 34]، وكل مسؤول عن عمره فيما أفناه والوقت يمضي سريعاً، يقول الشاعر:
(تروح لنا الدنيا بغير الذي غدت وتجري الليالي باجتماع وفرقة وتحدث من بعد الأمور امور وتطلع فيها أنجم وتغور).
لنعد قليلاً إلى الوراء يوماً أو يومين أو اسبوعاً أو عاماً، لنتفقد أحد الأيام ونظامه أو تنظيمه، اسأل نفسك ما الذي تفعله؟ هناك أمور الزامية كالنوم والعمل النظامي واداء الواجبات الدينية، والأكل وغيرها، وهناك أمور أخرى تحتاج إلى مراجعة وتساؤل أين يذهب بقية الوقت؟ ان كل واحد منا يجب أن يراجع نفسه في الوقت الذي يقضيه كل يوم وكم ساعة ضائعة عليه في أشياء لا طائل منها مع أن هناك مهمات هو في حاجة إلى مزيد من الوقت للقيام بها، فهو يشعر بعدم وجود وقت كافٍ للقيام بالأعمال المنوطة به مع وجود الوقت الكثير، ولكن قلة التنظيم هي التي تقتل الوقت وتجعله قصيراً.
كم ساعة ضائعة في اليوم؟ كم في الأسبوع؟ كم في الشهر؟ كم في العام؟ إن مجرد التفكير والهواجس الكثيره هي ضياع للوقت لو استغلها الإنسان في أشياء نافعة لما ضاعت عليه، البقاء أمام شاشات التلفزيون لمشاهدة فيلم أو مسلسل أو الفضائيات التي اعيت السليم وجعلته في ضياع هي أكبر قاتل للوقت، الوقت جزء من العمر والعمر مدة محددة علمها عند الله فلماذا يضيع هكذا، تذكر كم ساعة ضائعة في يوم أمس فقط؟ ماذا لو استبدلتها بزيارة لاحد الأقارب..!.
اسأل نفسك عن الساعات الضائعة في الاسبوع الماضي سواء أمام القنوات أو الانترنت أو في الاستراحات أو في أي مكان أو على أي هيئة أو حتى مفكر في أشياء غير مهمة، ماذا لو استبدلت هذا الضياع بقراءة بعض الكتب أو بتعليم أطفالك أشياء تفيدهم لتفيدك في كبرك، أو بمساعدة الفقراء أو بالتطوع بالأعمال الخيرية أو على أقلها جلست في بيتك مع اسرتك تمازحهم وتعلمهم وتلاطفهم؟.
هذه نماذج وهناك الكثير مما يمكنك عمله من الأعمال والأشياء الجميلة حينما تقوم بترك غير المفيدة والقاتلة للوقت، فكر في الماضي وما ضاع منه وابدأ من الآن، اجعل لك برنامجاً تتخلص فيه من كل العادات اليومية غير المفيدة لا تتأثر بمن حولك من المتخاذلين الذين لا يبالون في الوقت وقيمته حاول التخلص من الارتباط بهم واجتهد في ذلك واجعل هناك بديلاً لهم مما يفيد، اجعل لك وقتاً تخصصه للقراءة وخصوصاً القرآن الكريم والسنة النبوية، كن قوياً ذا عزيمة لتنجح في اجراء التغيير ، جدد طريقتك في الحياة وادخل عليها بعض التغييرات سواء في نظام غذائك أو طريق سيرك إلى عملك وابحث عن اصدقاء جدد ونشطاء، هل زرت أحد المستشفيات دون وجود مريض فيها يعرفك لا قدر الله؟.
هل وزعت بعض الكتيبات المفيدة أو الأشرطة على من يحتاجها من الناس أو على بعض من تقابلهم في تعاملاتك اليومية فلها أثر جذاب وفعال ومفيد جداً؟
هل أنت مخلص في عملك اليومي؟
هل تعرف بعض المساكين وتزورهم من حين لآخر؟
هل قدمت بعض الهدايا إلى من يعيشون في دور الرعاية من الصغار أو الكبار؟
هل تصل رحمك في الأسبوع مرة على الأقل أومرتين؟ هل تعرف أحوال أقاربك وهمومهم وتتصل بهم؟
هل تساعد أهل بيتك في شؤون البيت؟ هل قمت بتنظيف المسجد ذات يوم ففي ذلك لذة وأجر؟
* وكن قوياً وابدأ من الآن بالتغيير.. اصلح نفسك يصلح من حولك، كن جاداً، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - «اغتنم خمساً قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك» ، تحذير: لا تستعمل الوقت في غير طاعة الله، رتب علاقاتك بالآخرين ولا تكن عشوائياً في مصالحك كافة، فليكن النهار هو المعاش لك والليل هو السكون فهكذا خلق الله الخلق وقدر لهم الليل للراحة والسكن والنهار للمعاش والبحث عن مصدر الرزق فهذه فطرة الله فلا تحاول عكس ذلك، تخلص من جميع سلبياتك، ما الذي يمنعك ان تكون ايجابياً فعلاً في مجتمعك أهو الجبن أم الكسل والعجز أم هو التقليد؟.
ما الذي حققته من خلال الجلوس وضياع الوقت وما مضى من العمر؟ انظر إلى من يستغلون وقتهم فيما يفيد كيف يقضون الوقت وكيف يكون الوقت لديهم طويلاً جميلاً شيقاً، مارس الرياضة البدنية والذهنية، وأهمها الروحية اقضي بعض الوقت في العبادة والرجوع إلى الله والتفكير في مخلوقاته.
ختاماً لا تفرط في عمرك واستغل الثواني فهي أساس الأيام والله يرعاك.
|