Saturday 8th march,2003 11118العدد السبت 5 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مصيبتان في أسرتنا مصيبتان في أسرتنا
خالد بن علي بن راشد الرزوق / الرياض

إن المتأمل في هذه الحياة يجد انها لا تدوم لأحد وان السعادة لا تكون ابدية بل تتفاوت من حين إلى آخر، فكم اضحكت الدنيا وابكت وكم اسعدت فترة من الزمن واحزنت فترة من الزمن؟ فدوام الحال من المحال وهذه الدنيا دار ممر وليس دار مقر وان الله مستخلفنا فيها وناظر ما نعمل فيها ثم الرحيل منها قال تعالى { كل نفس ذائقة الموت وانما توفون أجوركم يوم القيامة} [آل عمران: 185] .وقال {كل من عليها فان.....} [الرحمن: 26]. وقال القائل: هو الموت ما منه ملاذ ومهرب متى حُطَّ ذا عن نعشه ذاك يركب نؤمل آمالاً ونرجو نتاجها وباب الردى مما نؤمل أقرب


هو الموت ما منه ملاذ ومهرب
متى حُطَّ ذا عن نعشه ذاك يركب
نؤمل آمالاً ونرجو نتاجها
وباب الردى مما نؤمل أقرب

فالموت حقيقة لا ينكرها أحد وكل إنسان يعلم علم اليقين أنه ميت لا محاله فهو آية من آيات الله ومعجزة من معجزاته سبحانه وتعالى فالموت هادم اللذات ومفرق الجماعات وميتم الأطفال ومرمل النساء وقاطع الأماني. فكم من بيت ادخل الحزن عليه فأخفى معالم كبير لهم أو صغير عندهم، ومن البيوت التي ادخل الموت الحزن عليهم بيتان من اسرتنا بل اكثر من ذلك. فقد فجعت اسرتنا بمصيبتين عظيمتين متقاربتين ما كادت تنطفي أحزان الأولى وترتخي استارها حتى صرخت الأخرى بعدها مباشرة.
ففي يوم الأحد الموافق 15/12/1423هـ وبعد صلاة المغرب فجعت الأسرة بوفاة شيخ جليل وفرد من افراد الأسرة العم/ حسن بن ناصر بن عثمان الرزوق عن عمر يناهز الثمانين من عمره بعد معاناة طويلة مع المرض فارق الحياة وهو يلهج بكلمة التوحيد لا إله إلا الله، فما زال يرددها قبل وفاته بنحو ثلاثة ايام فأكثر حتى فارق الحياة وهي لم تفارق لسانه وهذا الموقف يذكرني قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة) رواه ابوداوود.
فخيم على افراد الأسرة الحزن والأسى بهذا المصاب الجلل ولكن تغلبت عليه بالصبر والاحتساب وما كادت تنهى هذه المصيبة حتى نعقت مصيبة اخرى بعدها بيوم واحد وفي نفس الوقت بعد صلاة المغرب فجعت الأسرة بمصاب جديد وهو العم الشيخ/ زيد بن حسن بن راشد الرزوق حيث مات في يوم الثلاثاء الموافق 17/12/1423ه بعد صلاة المغرب عن عمر ناهز المائة عام بعد ان دخل في غيبوبة.
فالحمد لله على القضاء والقدر فقد اجتمعت على الأسرة مصيبتان كل واحدة تقول اختي اختي وقد تحمل أفراد الأسرة هاتين المصيبتين بالرجوع إلى الله وتذكر قوله تعالى {الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون}.. سورة البقرة 157.
وتذكروا مصاب الأمة بفقد نبيها محمد صلى الله عليه وسلم فالحمد لله اولاً وأخيرا وكفانا تسليته يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأنتم شهود الله في ارضه... الحديث.
فنحن نشهد لهم بالخير وكل من شارك معنا في الصلاة عليهما وعلى رأسهم فضيلة الوالد العلامة الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله آل فريان الذي تقدم المصلين عليهما كلهم يشهدون لهما بالخير ولا نزكي على الله احدا فالخير الخير في اولادهما واحفادهما قال رسول صلى الله عليه وسلم (اذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث وذكر منها ولد صالح يدعو له... الحديث.
فقد تسارع الجميع للمشاركة في حمل الجنازتين ولسان حال الفقيدين يقولان.


وحملوني على الأكتاف أربعة
من الرجال وخلفي من يشيعني
وأنزلوني إلى قبري على مهل
وقدموا واحداً منهم يلحدني
وكشف الثوب عن وجهي لينظرني فقام
وأسبل الدمع من عينيه أغرقني
محترماً بالعزم مشتملا
وصفق اللبن من فوقي وفارقني
وقال هلوا عليه التراب واغتنموا
حسن الثواب من الرحمن ذي المنن

فرحم الله الفقيدين واسكنهما جنته وألهم اهليهما الصبر والسلوان ولا يسعنى إلا ان اتذكر قول القائل في رثاء ابن عمهما:


فويح المنايا كيف مدّت يداً إلى
فتى كفه الجوزاء والمعصم النسر
وهمته تسمو الثريا وباعه
يطول السهى مرا ومغفره الغفر
قضى ما قضى حتى اذا يومه انقضى
تقضى به المعروف وابتهج النكر
عجبت لفتيان تولوا بنعشه
اما علموا ان فوقه الطود والبحر
فيا حاملي اعواده ان قبره
محاره فضل فاعلموا انه الدّر
دفنتم فتى لم يحصر العد بعض ما
تمد به يوماً انامله العشر
واخفيتم شمس العوارف في الثرى
ولو لا وجود الشمس لم يسفر البدر
فلا غرو ان الكون اظلم وجهه
بليل من الاحزان ليس له فجر
هنيئا لقبر ضم اعضاء جسمه
ففيه الندا والحلم والعزم واليسر
ليبك عليه كل ضاو ومقتر
اضاق فاهداه الى جوده البشر

إلى اخر المرثية وهي من البحر الطويل
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved