Saturday 8th march,2003 11118العدد السبت 5 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آتً لما هو آتً
إيواء التَّفاصيل
خيريَّة إبراهيم السَّقاف

لا يزال المعمِّرون فوق أديم الأكاديميَّة، يتجادلون حول تدريس الشعر الشعبي في الجامعات، أم عدم تدريسه، ذلك لاعتقاد من يرفض منهم بأنَّ في تدريسه اقتحاماً لسياج الفصحى... وخدشاً لقيم التعامل مع تكوينها... وانطلاقاً من هذه «الفوضى» الصَّوتيَّة بحكم أنَّنا أمَّة «صوت» بدأنا بالخطابة والمنابرة، ولن ننتهي إلاَّ بهما.. فإنَّ الذين يكتبون هذا الشعر بدأت «رنَّة» التردد والوجل تعتور ألسنتهم بل تغلف مواقفهم منه، ذلك لأنَّهم عند المواجهة يفضلون أن يقدِّموا أو يؤخروا بعض الكلمات التبريرية عن أشعارهم بأنَّها «شعبيَّة» شعوراً منهم بأنَّها مرفوضة. والذي يستمع ويتذوَّق الشعر الشعبي بلهجاتٍ مختلفةٍ يُتقنها ويعي مدلولاتها سوف يجد أنَّ هذا الشعر «يحتوي» مشاعر متزاحمة ثريَّة فضفاضة متدفقة، تصل إلى الحسِّ بأسرع من صوت قارئها إلى السمع عند من يجيدونه ومن يتقنون آلياته وأدواته وأسلوبه وفنيَّاته من هؤلاء الشعراء والشاعرات... إنَّ ديوان المشاعر والأحاسيس.. لم ينل منه إلاَّ ما اعتور مجتمعه الخاص من الوقوف في وسط الدرب.. فإمَّا من يجذب إلى رفضه، وإمَّا من يُغري إلى قبوله، وله مجتمعه، هذا المجتمع الذي تحول إلى «طرح» يتقاطر في سوق الإعلام تتنابز له المجلات الملوَّنة... وتتنافس في تجميل خلفيَّات أُطُر طرحه، وتزيين مسرحه بالصور الملوَّنة، والشكليَّات اللاَّفتة ممَّا لا يرضي بعض الأذواق.
ولو أنَّ هذا الديوان الشعبي عُني به، وخُصِّصت له المجلات الوقورة التي توليه العناية بالدرس والنقد، وتقدِّمه بوصفه فنّاً مستقلاً يكسر حدود «الرَّسميَّة» للُّغة الأساس وقدَّم بوصفه لوناً لهذا الفن فيه العبارة اللاَّقطة لمواقف النفس في عفويَّتها لكان له القبول بمثل ما هو القبول بما يتحدث الناس عادةً به من اللَّهجات الدارجة دون الفصحى في حياتهم اليوميَّة على أساس أنَّ هذه اللَّهجات الدارجة هي لغة التعبير العفوي، لأنَّها إيواء لكافَّة احتياجات التعبير للوصول السريع إلى الغايات الفوريَّة، وجعله هذا النموذج دون رفضه وإلاَّ فإنَّ على الجميع تصويب ألسنتهم فليس عليهم إلاَّ أن يتحدثوا باللَّغة الفصحي في حياتهم اليومية وعلى الرغم من أنَّهم إن فعلوا فلسوف تستوعب هذه اللَّغة كافَّة احتياجاتهم وانفعالاتهم ومدلولاتهم. إلاَّ أنَّ هذا الأمر خارقٌ للطبيعة، بمثل ما هو أمر التعبير اللُّغوي بهذه الَّلهجات أو اللُّغات الدارجة في الشعر الشعبي الذي وأنا أستمع إليه وأتذوقه أجدُ فيه احتواءً عميقاً وقادراً على النبش عن أدقِّ تفاصيل الأحساس والإفضاء بها عفو الخاطر فيأتي يلامس شغف البوح ولكن عند من قُدِّرت له ملكة الشعر وانسيابيّة الخيال وثراء المفردة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved