Saturday 8th march,2003 11118العدد السبت 5 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
بلادنا والتميّز
عبدالرحمن صالح العشماوي

حينما أصدرت كتابي بعنوان «بلادنا والتميُّز» كنت على يقين أنَّ هذا التميُّز لهذه البلاد المباركة يحتاج من «أبنائنا المثقفين» إلى خدمته قولاً وعملاً، ونشر معالمه عبر وسائل الإعلام المختلفة، وإبرازه للناس جميعاً بصورة موضوعية لا مبالغةَ فيها ولا شطط، ولا أَثَرَ فيها لتعصُّبٍ نجنح به إلى المبالغة.
وهنا أؤكد ما سبق أن ذكرته عن مسؤولية علماء ومفكري ومثقفي «بلادنا» في إبراز التميُّز الكبير في منهجها، وثباتها، وقرب أهلها من الفطرة، وفي حرص ولاة أمرها وشعبها على علاقات الأخوَّة الإسلامية، ورعاية شؤون المسلمين في أنحاء العالم انطلاقاً من شعورٍ بمسؤولية الدعوة إلى الله بالتي هي أحسن، ومن رحمةٍ تملأ قلوبنا بالمسلمين الذين يعانون من شظف العيش، واختلال الأمن، وفقدان الاستقرار في أكثر من موقعٍ في هذا العالم.
هنالك تميُّز نعيشه والحمد لله في رفع شعار الإسلام، والعمل قدر المستطاع على تطبيق تعاليمه، ورعاية مظاهره المشرقة المتمثلة بصورة واضحة صريحة لا مواربة فيها في راية تخفق بكلمة التوحيد، ومساجد عامرة بالمصلين وحلقات وجماعات لتحفيظ القرآن الكريم تنتشر في أنحاء البلاد، ومشاعر طاهرة يحجّ إليها الناس كلَّ عام، هنالك تميُّز يبرز في المسجد الحرام وكعبته الطاهرة التي تتجه إليها مئات الملايين من المسلمين كل يوم خمس مرّاتٍ مفروضات، وفي المسجد النبوي المبارك الذي تشدُّ إليه الرحال.
وهذا التميُّز يبرز لنا بوضوح في صفاءِ العقيدة وسلامة المنهج بعيداً عن التعصُّب الأعمى أو التنطع في الدين الذي حذَّر منه الإسلام، كما يبرز لنا في مصادر الثقافة الإسلامية التي تنطلق من بلادنا الى العالم، وفي خدمة كتاب الله تعالى حفظاً وتفسيراً وتطبيقاً في شؤون القضاء والفتوى ومعظم شؤون الحياة الأخرى، وطباعةً من خلال أكبر مجمع لطباعة القرآن الكريم في المدينة المنورة «مجمع الملك فهد لطباعة القرآن الكريم وخدمته»، كما يبرز لنا هذا التميُّز في حرص مجتمعنا على الأخلاق الحسنة، والشيم والقيم التي تحقق لمجتمعنا من التماسك ما لا يكاد يكون موجوداً في غيره، ويبرز تميُّزنا أيضا في قرب نفوس أكثرنا من الخير، وعمل الخير، والسعي اليه بالجهد والمال حسب المستطاع.
وهو تميُّز بارز في حرص معظم أهل هذه البلاد على سلامة الفكر والثقافة والأدب، من نزغات المنحرفين، وعثرات الملحدين، وسكرات المخدوعين بثقافات أخرى تخالف فطرة البشر السليمة، وتقوِّض بمحاولات مختلفة بناء القيم والأخلاق.
هناك تميُّز كبير في هذه البلاد، لا يشكك في ذلك إلا مكابرٌ أو حاسدٌ أو جاهل بهذا التميُّز، فأما المكابر والحاسد فهما مدحوران بسوء النيّة، وخبث السريرة لأن الحقائق أكبر من مكابرة المكابر وحسد الحاسد، وأما الجاهل بما لدينا فإن علينا أن نوصّل إليه المعلومة الصحيحة التي توضّح له الصواب.
وتوصيل صورة التميّز عندنا الى الآخرين يتم بعدة وسائل:
1 إيماننا بهذا التميُّز وقناعتنا به وتقديرنا له.
2 شعورنا بمسؤولية الحفاظ عليه وسدّ ثغراته وتصحيح الأخطاء التي لا يسلم منها عمل بشري.
3 البعد عن أسلوب التلميع والتمادح، لأن في تميّزنا ما يغني عن ذلك.
4 استخدام أفضل الأساليب الإعلامية على اختلافها لإيصال معالم هذا التميّز الى الآخرين بدون مبالغات.
5 الحرص على وضع خطّة إعلامية ناضجة تتميّز بالشمولية، وما يسمّى هذه الأيام بالشفافية في الخطاب دون التقليل من أهمية الآخر المختلف معنا.
6 اعتماد تطوير أساليب نشر الكتاب السعودي الناضج خارج المملكة، لأن عدم انتشار هذا الكتاب في العالم الإسلامي لا يزال مشكلة قائمة.
7 فتح باب الحوار الهادئ حول مجموعة المعالم التي تكوّن تميّزنا مع مراعاة المبادئ والأسس التي يقوم عليها هذا التميّز.
8 توحيد أسس الخطاب الثقافي الإسلامي الذي نوجِّهه الى العالم، لأن التميّز الذي نتحدث عنه ينبثق من الشريعة الإسلامية الخالدة التي تعلن المملكة للعالم دائماً تمسُّكها بها.
9 عدم الانسياق وراء دعوات تغيير المناهج التعليمية المنتشرة في عالم اليوم، والانطلاق في تطوير بعض المناهج وأساليبها من ثوابتنا، ومن خلال رؤيتنا المستقلّة للحاجة الى التطوير.
10 عدم الانزعاج من ذكر ما يحصل في داخل إطار هذا التميّز من الأخطاء أو السلبيات لأننا بشر ولا بد للبشر من أن يقعوا في أخطاء غير مقصودة يدعو إليها النقص البشري الذي لا مناص منه.
إن ذكر الخطأ بهدف إصلاحه من أهم مقوّمات الحفاظ على التميّز.
بهذه الوسائل وبغيرها من الوسائل المساعدة نستطيع أن ننقل ملامح تميّز بلادنا الى العالم، وأن نقدّم نموذجاً حيّاً لمجتمع مسلمٍ يعيش عصره دون أن يفرِّط في مبادئه وقيمه وتميّزه..
ونحن مع ذلك التميّز مجتمع بشري له إيجابياته وسلبيّاته، ولسنا منزّهين عن الخطأ، وليس مجتمعنا خالياً من بعض من يشطح به الفكر، أو تنحرف به الطريق، أو تختلُّ عنده الموازين، ولكنّ العبرة بالأسس التي يقوم عليها تميّزنا الذي يعد نعمة عظيمة تستحق منا دوام الشكر.
إشارة


قد عرفنا معنى التقدُّم لمّا
جاء بالحق سيّد المرسلينا

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved