Saturday 8th march,2003 11118العدد السبت 5 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الألعاب الإلكترونية.. إرهاب خفي يتحرك داخل بيوتنا الألعاب الإلكترونية.. إرهاب خفي يتحرك داخل بيوتنا
د. الخريجي:الضرورة تحتم تكوين لجنة وطنية لدراسة الألعاب الإلكترونية المصدِّرة للعنف
تغييب كامل للثقافة السعودية تمارسه الألعاب الإلكترونية
هذا النوع من الإرهاب ينشئ أجيالاً ترضع الكراهية وتسفك الدم وتعيش كالخفافيش

* حوار ناصر الحوطي:
ما دامت ملفات الإرهاب قد أصبحت مفتوحة عقب أحداث سبتمبر الدامية، فإن أوجه هذا الإرهاب ومنابعه يجب أن تحظى برؤية ثاقبة، لأن خلف كل آثر مؤثراً محرضاً، ومن هنا يتوجب معرفة ذاك المؤثر، والآلية التي يعمل بها، فبذلك وحده نئد الخطر قبل استفحاله، ونتفادى شروراً لا يمكن السيطرة عليها إذا كبرت واشتد ساعدها.
في هذا اللقاء مع الدكتور فهد بن عبدالعزيز الخريجي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود والمتخصص في مجال الإعلام الالكتروني يتم تسليط الضوء على أحد العناصر المحرضة لنمو السلوك الارهابي، وهو بعض الألعاب الالكترونية للشباب والاطفال والتي تتسم بالبعد الكامل عن القيم التربوية، حيث يتحدث الخريجي عن أخطار هذه الالعاب، ويكشف الكيفية التي تعمل بها في تخريب عقول النشء لابعداهم عن التعاليم الدينية والقيَّم الاخلاقية والاجتماعية المرعية.
د. الخريجي يتحدث للزميل الحوطي
د. الخريجي
* هل هناك بالفعل إرهاب خفي، وما هي اشكاله وهل هناك أمثلة من أرض الواقع على هذا النوع من الإرهاب؟
الوجه الخفي من الإرهاب في نظري هو أشد خطرا من الظاهر الذي يمكن تشخيصه وعلاجه بسهولة أكبر من غيره، ومشكلة هذا النوع من الإرهاب أنه قائم بين أعيننا وفي بيوتنا لا نشعر به، يعبث بعقول صغار الأطفال على وجه الكرة الأرضية.
إشكالية أخرى إن الدول الكبرى التي تقول بمحاربة الإرهاب هي الصانعة والمصدرة له في شكل ألعاب إلكترونية من خلال شركاتها عبر القارات، وأصبحت هذه الدول تعالج آثار الإرهاب بدلاً من مسبباته. وللأسف هناك صمت مطبق من قبل المؤسسات الرسمية هناك باستثناء جمعيات حقوق الإنسان والطفل التي بدأت تدرك اهمية محاربته، وبعض المشرعين في هذه البلدان يساندون الشركات المنتجة بحجة أن هذا نوع من الترفيه البريء.
هذا النوع من الإرهاب ما زال ينمو رغم آلاف البحوث في أمريكا وغيرها التي اظهرت نتائجها أن ممارسة الأطفال للعنف أو مشاهدتهم له يسبب أمراضا نفسية للأطفال وربما يؤدي بهم إلا تطبيقها فعلا والشعور بالانتماء لها ولكن في ظل غياب المتابعة الذكية، وتمرد الشركات العالمية اصبحت هذه الألعاب المسلية في ظاهرها سما زعافا يتجرعه الأطفال في عقولهم بدون أدنى مقاومة من الوالدين أو السلطات المختصة.
لو رجعنا الى الفرضية الأولى لوجدنا أنها تقول بأن التعليم في الصغر كالنقش في الحجر، وهذه القاعدة من التفكير واسعة الانتشار بين ثقافات الأمم. وتنطلق المؤسسات التعليمية لتلبية هذا النداء من خلال برامجها المتعددة في العناية بطرق تعليم الاطفال وتنشئتهم. وهذا شيء جميل بصورته الباهتة أحيانا والمضيئة احيانا أخرى. وإذا كنا نعتقد بتلك المقولة فلماذا نسمح للشركات العالمية ان تحقق الربح على حساب أمننا الوطني، وأغلى استثمار يمكن أن نفكر فيه حاضرا ومستقبلا، وإذا كانت المدارس في المملكة تعلم الأطفال الأخلاق والرحمة والمحافظة على المال والنفس والعرض واحترام الآخرين، تأتي هذه البرامج لتدرب الأطفال على احتقارها وعلى من يقوم على حمايتها.
والمخيف أن هذه البوابة تنقش في الحجر بشكل متواصل بدون رقيب ولا حسيب، فكثير من دول العالم لم تلتفت حتى الآن إلى مخاطر هذه الإرهاب المدمر، الذي تم إنتاجه في دول تحارب الإرهاب مثل امريكا وأوروبا، هذا النوع من الإرهاب قادر على تنشئة أجيال ترضع الكراهية، وتحب الدم، وتحتقر النظام والولاء وتحب العيش كالخفافيش في أحضان المافيا الافتراضية بل وتتزعمها. هذه البوابة هي الألعاب الإلكترونية التي تهيئ أجيال 2010م وما بعده إلى جني ثمار مخيفة وأخلاق إرهابية تعرف فنونه. والغريب إن إفرازات هذا الجيل بدأت تظهر بشكل بسيط في حصد ثمارها في أشكال الجريمة الغريبة التي هزت مجتمعات آمنة وأصبحت رديفا للمخدرات وتجارة السلاح، وحتى الآن لم يقف في وجه تصدير هذا النوع من الإرهاب إلا دولة واحدة وهي استراليا وسيليها قريبا دول أخرى عرفت مغزى صناع هذه اللعبة في تصدير الإرهاب وحصد الأرباح على حساب أمن الشعوب والدول، وسأذكر لاحقا الموقف الأسترالي الإيجابي.
* ما هو مغزى صناعة هذه اللعبة من وجهة نظركم؟
أولاً نقول ان النوايا ستبقي حبيسة لأصحابها ولا يمكن لأحد التنبؤ بمغزى هذه الألعاب إلا من خلال التعرف على الأهداف التي تحققها هذه الألعاب الإلكترونية.. وفي رأي ان اهم اهداف هذه الألعاب هو نشر ثقافة المصدر وغزو الثقافات الأخرى من خلال تعزيز الثقافة المهيمنة تقليدها في طبيعة الحياة والملابس واللغة والقيَّم وغيرها.
فالعنف في بعض البلاد له ثقافته وأصبح إحصاء جرائم القتل والسرقة والاغتصاب بالثانية وليس بالدقيقة.
إنه الإرهاب النائم في أرجاء الكرة الأرضية تغذيه شركات يابانية أو أوروبية او أمريكية لا تنظر إلا إلى الإثارة والربح السريع على حساب العقول الصغيرة. وقد سألت بعض الأطفال عن أهم ما في الشرائط المستوردة التي شاهدوها قالوا (أحسن شيء أنك تهيل بالشرطي) وهنا يتعلم الاطفال كيفية قتل رجال الشرطة والاستهانة بهم، وضربهم ضربا مبرحا حتى القتل بالعصا أو بالرفس واللكم، بالإضافة الى التدرب على الاغتيال بكافة أشكاله حتى للعجائز والأطفال والأبرياء فإذا جاز لنا ان نعلم مثل هذه الأفعال المشينة في المدارس فإنه يمكن القول ان هذه الألعاب آمنة وغير ضارة بالمجتمع.
كنت أتمنى أن لا نكون سلبيين وفي حال دفاع عن الذات فقط، بل نتجاوزه إلى مخاطبة جماعات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية والحكومات لتحريم تصدير وصناعة هذه الاشكال من الإرهاب وحماية الاطفال منها. بعض جمعيات حقوق الإنسان تحركت بشكل ضعيف في هذا الجانب لأن الدوافع السياسية شغلتها عن الهموم الإنسانية الخاصة بالطفل والمرأة في مواجهة الشركات الجشعة العابثة.
فاقل القليل في مضمار محاربة الإرهاب ان تتحمل الدول الصناعية جزءاً من مسؤوليتها تجاه هذا النوع من الإرهاب الافتراضي وتبني سياسات صارمة لإيقاف هذا المد المشين للإنسانية وكبح الشركات المصنعة له.
وليس من المجاملة الإشادة بأول دولة تحظر وتمنع تداول بعض هذه الاشرطة حيث قامت دائرة ومكتب الأفلام والتصنيف الأسترالي بمنع هذه الالعاب وكان السبب وراء المنع هو تواجد الداعرات فيها، وبشكل خاص المشاهد التي يمكن فيها للاعب اللعبة أن يقتل الداعرة لاسترجاع نقوده. لقد تم سحب كافة النسخ من أرفف المبيعات في هذه الدولة ودعت المواطنين لإعادة النسخ التي تم شراؤها.
في أمريكا تم بيع ما يقارب المليون نسخة وتوقع دوقلاس لونستين رئيس منظمة البرامج الرقمية التفاعلية في أمريكا ان لا تتخذ الحكومة الامريكية أي إجراء ضد البرنامج تحت مظلة قانون الحريات الامريكي، اما الكونجرس فبدأ بتحرك ببطء نحو رفض البرنامج من خلال تصريحات بعض رجال الكونجرس والإدعاء بأن البرنامج مصمم لأبناء السابع عشر فما فوق. وهذا هراء لأن أكثر مستخدميه هم دون الخامسة عشرة.
هذا البرنامج يعظم العداء للمجتمع والسلوك غير السوي. ويبني الشخصية الإجرامية وهذا ما دفع العديد من المثقفين الأمريكيين للاعتقاد بأن هذه اللعبة تجاوزت حدود العنف ودق وتر الجنس والإنانية لدى الشباب والأطفال. إن مفهوم الثروة والسلطة والسمعة يمكن اكتسابها في هذه اللعبة من خلال العمل الجاد وسرقة كل سيارة تعجب اللاعب والانضمام إلى صفوف المافيا واحتراف عملهم، فإذا اثبت اللاعب انه موثوق به فيمكن أن ينفذ أعمال خاص لرجال المافيا الكبار وقتل ونهب من يشاء، والويل لمن يخون اللاعب حتى النساء.
وأخيراً حذر علماء الاجتماع وفي دراسات حديثة من بعض العاب الكمبيوتر التي قد تؤدي الى سلوك تدميري أوله الإحباط النفسي وآخره العنف والسلوك العدواني والآثار المدمرة على المؤسسات والمجتمع. وهنا أتمنى على وزارة الاعلام والجهات ذات العلاقة أن لا تبحث عن المبررات بأن هذه البرامج ممنوعة. فهي تباع من قبل اصحاب المحلات وفي السوق السوداء وكهدية (ليس من الوكيل المعتمد) أحيانا مع كل آلة، تشترى بعيدا عن اعين الرقيب، فالتوعية والسلطة قوة متلازمة لحماية اطفالنا ومستقبل الأمن الاجتماعي.
ونظرا لأن هذا الموضوع له طبيعة التخصص فأرجو من الجهات المسؤولة أن تفكر في تكوين لجنة وطنية لدراسة الألعاب الالكترونية التي تصدر العنف والإرهاب وتعلمه لأبنائنا وتزود وسائل الإعلام والجهات المسؤولة بتقارير دورية والسعي لايقافها بالمصادرة وإصدار التنظيمات اللازمة لمواجهتها ومحاربة الإصدارات الجديدة. وتقوم بمبادرات بالتعاون مع المؤسسات الدولية في كبح جماح هذا النوع من الصناعة الشريرة لخدمة الإنسانية والسلام العالمي.
كلكم راعٍ
* من يتحمل مسؤولية دخول مثل هذه الألعاب إلى المملكة؟
كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته والمسؤولية أمر مشترك بين الجميع، والبيت في نظري هو الجهة الأولى المسؤولة عن ترك صغيره بين أحضان الذئاب الالكترونية لتقوم بصياغة فكرة المسكين في غير اوجه الخير لصالح الإنسانية، وهذا لا يعني تبرئة الجهات الرسمية من مسؤوليتها الأمنية تجاه أبنائنا وسلامة عقولهم من الانحرافات المؤدية إلى شرور الإرهاب، هناك مسؤولية تشريعية ورقابية تجاه حماية أبنائنا من سيل الانحراف الالكتروني، فلابد لهذه من استشعار المسؤولية الوطنية والبحث عن كافة السبل الممكنة لتفادي وقوع الاطفال فريسة سهلة لهذ الأدوات المدمرة. واستغرب انه نشأ في أمريكا واليابان وأوروبا منظمات لمحاربة البرامج الالكترونية الضارة بالاطفال ومحاربة كل إصدار جديد لا يخضع للقوانين التي كان لهم اليد الطولي في ايجادها.. وبسبب جماعات الضغط صدر في العديد من دول العالم قوانين تحارب وتقنن مثل هذه البرامج الاليكترونية.. ويتساءل اللوبي المدافع عن الاطفال عن هوية هؤلاء الذين يبتكرون مثل هذه الألعاب، هل هم اسوياء أم لا؟.. اعتقد أن وصفهم بالأسوياء امر يحتاج الى نظر. فالتلذذ بالدم والقتل ودعس الأبرياء وقتل الأسرى في الحروب وانتهاك كافة اشكال حقوق الإنسان حتى في البيئة الافتراضية هو عمل مشين بكل المعايير الإنسانية.
وهنا أتساءل عن رقابة الاجهزة المختصة هل لأن تربية الاطفال تربية وطنية صالحة ليست في قائمة الأوليات أم لضعف الإمكانيات؟.. لعل هذه الاجهزة لديها من الأعذار ما تقدمه.. فجهود التربويين تذهب هباء لأن الوقت الذي يقضيه الاطفال في صحبة الجهاز أكثر من البرامج التربوية المملة التي ينتظر متى الخلاص منها (ما أجمل صوت جرس نهاية الحصة كما يقول أحد الأطفال). والغريب إن الأمهات يشعرن بالسعادة إذا انشغل الأطفال بالألعاب الإليكترونية هذا بالإضافة الى اشرطة الفيديو التي تنقل الطفل السعودي الى عالم غير عالمه وتروج لثقافة غير ثقافته، ونحن في نفس الوقت ننادي الطفل بأن يكون وطنيا في اللباس واللهجة والأخلاق التي اعتراها الخلل.. هذان خطان لا يلتقيان ونحن بحاجة إلى إعادة حساباتنا تجاه الاطفال الذين يستحقون الكثير من العطف والرعاية.
مثالب صحية
* هل للألعاب الإلكترونية تأثير صحي على صحة الأطفال؟
بكل تأكيد إن الألعاب الالكترونية تؤثر على صحة الاطفال النفسية والبدنية، من الناحية النفسية هناك عدة امور منها ان الطفل لا يستطيع التفريق بين الحقيقة والخيال وهذا بطبيعة الحال سوف يقوده الى تطبيق بعض ما يمارسه في اللعبة على أرض الواقع، فمثلا رجل الشرطة في ذهن الطفل شخص شرير يمنعه من تحقيق رغباته لذا يجب التخلص منه، فالصورة الإيجابية تحل محلها صور جديدة تكبر معه وربما يعبر عنها عندما يكبر باشكال من الاحتيال والعدائية، وكذا يمكن النظر الى إمكانية ان يقدس الطفل ثقافة اخرى يرى فيها مظاهر الحرية الزائفة والقدرة على فعل أي شيء بدون ان يقول له أحد لا.
ولعل حالات الصرع التي يصاب بها بعض الاطفال بعد ساعات طويلة متواصلة من اللعب الالكتروني دليل على النتائج غير السارة من التفريط في ترك الطفل البريء بدون توجيه سليم في حالة الصرع يزداد النشاط الكهربائي في المخ وتحدث طاقة زائدة بسبب الضغوط التي يتعرض لها الطفل مما قد يسبب تشنجات قد تؤدي الى تلف أجزاء من المخ وأدائه الطبيعي.. حالة اخرى وهي ان أطفالنا يتعرضون لضغوط هائلة لا يشعر بها الآباء الذين ينظرون الى جسد الطفل وينسون عقله، فهو يدخل في عمليات قتالية عنيفة فيها سفك دماء وتدمير وتخطيط، أو يلعب كرة القدم في منافسة مع جهاز الحاسب الذي لا يكل ولا يمل. وكلنا يعرف ما الذي تولده الحروب من الأمراض النفسية.
تأثيرات على الأخلاق
* كيف ترون تأثير هذه الألعاب على ثقافتنا وأخلاقنا الإسلامية؟
هناك تغييب كامل للثقافة السعودية في مجال الألعاب الالكترونية بالطبع هذه ليست الحالة الأولى التي يظهر فيها عجز الإعلام المحلي عن تغطية احتياجات فئة من اهم فئات المجتمع فالاستثمار في مجال الطفل يكاد يصل الى درجة الصفر في دراما الاطفال المحلية والكرتون وبرامج الفيديو والعاب الدمى الثابتة والمتحركة (باستثناء محاولات في المطبوع) وغيرها كثير. هذه الانشطة الإعلامية هي التي تعزز الثقافة الوطنية في عقول الاطفال سواء في الولاء نحو الوطن والعقيدة والعادات والمأكل والملبس وطريقة الحياة عموما. والظاهر للعيان ان الطفل السعودي يتشرب ثقافته من مصادر يابانية وأمريكية وأوروبية وغيرها. بالتأكيد أن هذه المشكلة وعلاجها يجب ان تكون على المستوى الوطني. ولو أضفنا إهمال العديد من الأسر لأبناهم وتركهم في رعاية السائق والخدامة فإن الصورة لن تكون حسنة في مجال جهود الأسرة وغيرها السلبي في المحافظة على الثقافة الوطنية وجذورها الأصيلة. حتى ثقافة السلام التي ننادي بها وهي من أصول ديننا، أصبحت تترنح بين مفاتيح الأجهزة الالكترونية التي كما ذكرت سابقا تغذي العنف والكراهية وسوء الأدب. فهل يستيقظ الآباء من غفلة حب الذات ويعطون أبناءهم قليلا من الوقت عائده كبير على الامة وحفاظ على مكتسبات المستفيد الأول هو الطفل الذي يعود اليه الأمن والاستقرار النفسي ويصبح عضوا صالحا في مجتمعه.
رجال الأعمال مقصرون
* ما هي الحلول في نظركم وهل لرجال الأعمال دور في هذا الجانب؟
الحل لن يكون في يوم وليلة، والجهات المسؤولة بالتأكيد تملك النوايا الحسنة بحكم طبيعة عملها وانتمائها لهذا الوطن. وليس هناك اب او ام ترجوالشر والدمار لطفلها العزيز. فالشروط الأولية موجدوة دائما، لكن المهم ان يكون كل منا رقيبا على نفسه وبيته، ويسأل كل منا نفسه هل جلس وشاهد محتويات هذه الالعاب التي يقضي معها الطفل جل وقته، وهل هذه المحتويات مقبولة أم مرفوضة؟.. ان مجرد البدء في احاطة الطفل بهذا النوع من الرعاية هو كذلك خطوة للأمام.
لكن الأهم هو دور المؤسسات الرسمية الدولية المسؤولة مباشرة عن الأمن الفكري، ليس كسلطة قمعية ولكن كجهات موكل اليها أمن الطفل الفكري وحمايته.. وهذه المؤسسات منتشرة في كافة أنحاء الدول المتقدمة ماديا وهي مخلصة في عملها ولا يفسد جهودها الى التخبط في تعريف المصلحة والمفسدة. اما نحن فنملك صورة رائعة ووضوح رؤية عن هذه القضايا ولكن عدم الحرص والصبر على المتابعة آفة مزمنة لدى العربي في هذا الزمان فأصبحت الأمور تنسي بعضها بعضا فلا هذا ولا ذاك امسكنا، حتى على مستوى القضايا الإدارية نجد أن عدم المتابعة آفة مزمنة تحتاج الى علاج طويل الأمد.. هذا لا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي بل يجب أن ننظر الى كل لعبة تحارب الأمن الفكري للأطفال على أنها شبيهة بالمخدرات لكن متعاطيها بسطاء جدا وطيبون جدا، ويحتاجون إلى حماية حقيقة سواء في المملكة أو كافة أرجاء العالم، وأعتقد أن التواصل مع المنظمات الدولية سيكون مقدراً لنا من قبل جمعيات حقوق الإنسان والجمعيات الخيرية الاخرى المهتمة بصحة الطفل النفسية والعقلية بالتأكيد ان الذي سيحارب هذا التوجه هو الشركات المصنعة واللوبي المؤيد لها والموزعون المحليون الذين لا يخافون الله في حق الأبرياء الصغار.
أما سبب نجاح هذه التجارة فهو رجال الأعمال الذين عرفوا قيمة هذه الصناعة وانفقوا أموالهم في تطويرها حتى أصبحت تدر البلايين على اصحابها، وهي صناعة مساندة للفيديو والأفلام وأصبحت بوابة تسويقية هامة لهم. أما رجال الاعمال في المملكة فهم مقصرون من وجهة نظري في الاستثمار في صناعة إعلام المحتوى مع أن لهم أسهماً في العديد من الشركات الدولية. وهل تعلم أننا لو تمكنا من هذا النوع من الصناعة لاستطعنا الوصول بالثقافة السعودية الى أعماق العالم، ولأمكنتنا تصدير قيَّم إنسانية عالية الجودة في مجال السلام والأمن العالمي وستجد الكثير من الأسر التي تقدر ذلك بل وبحاجة إليه بغض النظر عن مصدره.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved