Saturday 8th march,2003 11118العدد السبت 5 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بدون إدارة متكاملة فإن فجوة العرض والطلب الغذائي والمائي آخذة في الاتساع بدون إدارة متكاملة فإن فجوة العرض والطلب الغذائي والمائي آخذة في الاتساع
الجزيرة العربية من أكثر بلاد العالم تحضراً ومن أكثرها شحاً في المياه
د. علي بن سعد الطخيس (*)

  تنطلق اليوم السبت فعاليات مؤتمر الخليج السادس للمياه بالتزامن مع الندوة الثانية لترشيد استخدام المياه في المملكة العربية السعودية تحت رعاية كريمة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني يحفظه الله.
ويأتي تنظيم المؤتمر والندوة في الوقت الذي تشهد أروقة منظمات الأمم المتحدة ذات العلاقة بالمياه والبيئة والغذاء سباقاً محموماً مع الزمن لتوفير قطرة الماء ولقمة الغذاء للملايين من البشر الذين يولدون سنوياً وهناك الملايين الذين يموتون سنوياً بسبب الجوع وسوء التغذية أو بسبب الأمراض الناتجة عن شرب واستخدام المياه الملوثة وهو هاجس حتى لتلك الدول ذات الوفرة المالية.
وفي منطقتنا الخليجية شهدت دول مجلس التعاون الخليجي تنمية متسارعة في مختلف النواحي الاجتماعية والعمرانية والصناعية والزراعية صاحبها زيادات متعاظمة في الطلب على المياه. وقد تركزت الجهود على جانب إدارة العرض لتلبية المتطلبات المائية المتزايدة، حيث قامت دول المجلس بجهود مضنية ومستمرة في مجال زيادة مصادرها المائية واستحداث موارد إضافية عن طريق التوسع في بناء محطات التحلية، وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة، وبناء السدود لحجز المياه السطحية، ولم تول دول المجلس جانب التنظيم وإدارة الطلب على المياه وترشيدها وحمايتها الاهتمام الكافي والفعّال بما يتناسب مع شح مصادر المياه المتاحة ومحدوديتها بالمنطقة، الأمر الذي أدى إلى بروز العديد من الاستخدامات والأوضاع غير المستدامة للمياه وارتفاع كلفة إنتاج وتوزيع المياه.ولقد تبلورت المشاكل على هيئة عجز في الإمدادات المائية ووضع حرج في معظم دول المجلس، وإذا ما استمر الوضع الراهن على ما هو عليه فمن المتوقع أن يزداد الأمر تعقيداً فالعجز المائي سيزداد بوتيرة عالية وتتسع تبعاً لذلك فجوة الغذاء والماء بين العرض والطلب.
إن تحقيق التنمية المستدامة في دول مجلس التعاون يجب أن يرتكز على مبادئ الإدارة المستدامة للموارد الطبيعة. وفي ظل هذا الواقع ينعقد مؤتمر الخليج السادس للمياه والندوة الثانية لترشيد استخدام المياه في المملكة العربية السعودية لتحقيق عدة أهداف أهمها تقييم الأوضاع الحالية لإدارة الموارد المائية في دول المجلس وتحديد أهم القضايا ذات الأولوية والتحديات التي تواجه دول المجلس لتحقيق تنمية مستدامة لموارد المياه وكذلك تبادل الخبرات والتشاور حول الأساليب والتقنيات الحديثة في مجالات السياسات المائية واستراتيجيات الإدارة المتكاملة للموارد المائية واستعراض الخبرات المتوفرة في مجال إدارة الطلب وترشيد استخدام المياه والمحافظة عليها وحمايتها وأيضاً تشجيع الدراسات التطبيقية التي تعالج مشكلات المياه وتوفير الحلول الملائمة وإيجاد ملتقى للمناقشة العلمية المفتوحة وتبادل الآراء وبناء القدرات البشرية في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية المتكاملة.
وتصنف دول شبه الجزيرة العربية بأنها ذات مناخ صحراوي يتسم بالحرارة وبالتالي أشد المناطق تعرضاً لظاهرتي التصحر والجفاف والأمطار بصفة عامة قليلة وغير منتظمة الهطول ولذلك فإن مصادر المياه محدودة ولا توجد مياه دائمة الجريان يمكن الاعتماد عليها بصورة مستدامة. وقد ارتفع عدد السكان في دول شبه الجزيرة العربية من (8) ملايين نسمة عام 1950م إلى (5 ،44) مليون نسمة عام 2000م ومن المتوقع أن يصل عام 2025م إلى حوالي (8 ،86) مليون نسمة. وسوف يصاحب ذلك ارتفاع الطلب على المياه إلى نحو (26) بليون م3 عام 2002م وسيصل إلى نحو (37) بليون م3 عام 2025م في حين يقدر إجمالي الموارد المائية المتجددة نحو (15) مليون م3 على هيئة أمطار وسيول ومياه جوفية ومياه مختزنة خلف السدود في المناطق الجنوبية من شبه الجزيرة العربية وبعض مناطق سلطنة عمان ويتم تغطية العجز من المصادر المائية غير المتجددة ومن المصادر غير التقليدية.
ويبين الجدول التالي إجمالي الموارد المائية المتجددة وإجمالي الطلب على المياه وحصة المياه المتوقعة للفرد الواحد في السنة حتى عام 2025م.
ونتيجة للاستنزاف الجائر للمياه الجوفية العميقة وغير المتجددة ابتدأت الآثار السلبية بالظهور وأهمها انخفاض مستويات المياه في الطبقات وتدني نوعية المياه في بعضها نتيجة تداخل المياه المالحة إضافة إلى التلوث الكيميائي والجرثومي ولهذا لجأت دول المنطقة إلى إنفاق أموال طائلة من أجل توفير احتياجات السكان من المياه عن طريق الاستمرار في إنشاء محطات تحلية مياه البحر والتوسع في حفر الآبار ومستلزماتها - شبكات مياه، خزانات، محطات تنقية وبناء السدود. ومع ذلك هناك عجز مستمر في توفير المياه لمقابلة الطلب المتزايد سببه الكثير من الصعوبات التي تواجه تنفيذ مشاريع المياه والتي من أهمها التأخر في مشاريع المياه لأن طبيعة التنفيذ تتطلب وقتاً طويلاً، وتمويل الحكومات لهذه المشاريع مرتبط بالظروف الاقتصادية السائدة واللجوء لتحلية مياه البحر أو معالجة المياه الجوفية المالحة عالية التكلفة. تلوث موارد المياه وما يترتب على ذلك من تكاليف إضافية وندرة المياه في بعض المناطق يزيد عن الأعباء المالية كما أن عدم وجود قوانين ملزمة تختص بالمياه وتدني مستوى الوعي المائي ونقص المعلومات الدقيقة وعدم وجود تعرفة مناسبة للمياه وعدم وجود خطط وطنية شاملة للمياه على المدى القريب والمتوسط والبعيد وإهمال عمليات التخطيط هي عقبات تخطيطية و تنظيمية (عقبات إدارية) ذات مردود سلبي على توفير المياه إنتاجاً ونقلاً وتوزيعاً واستخداماً. وتمكن الحلول لهذه المعضلات في إدارة الطلب على المياه التي تعني اتخاذ كافة التدابير والإجراءات الهادفة إلى تحقيق مفهوم التنمية المستدامة أو بمعنى آخر المحافظة على الموارد الاقتصادية والمساوات الاجتماعية والاستدامة البيئية وإدارة الطلب على المياه من أهم سياسات الإدارة المائية. ونجاح إدارة الطلب يعتمد على مشاركة كافة مستخدمي المياه في صنع القرار. كما أن أهم عوامل نجاح إدارة الطلب هو إعادة النظر في الأسلوب المتبع حالياً في التعامل مع المياه لمختلف الأغراض.
إدارة المياه البلدية:
وتشمل عدم استعمال المياه لغير ما خصصت له ومعالجة الانكسارات والتسربات وإصلاحها (الإصلاح، إعادة التعمير، والاستبدال) وترشيد استخدام المياه من خلال استبدال صناديق الطرد التي تستهلك من 5-7 جالون بأخرى مرشدة (6 ،1 جالون) واستبدال رؤوس المراوش التي تعطي تدفق (5-7 جالون/دقيقة) بأخرى مرشدة (5 ،2-3 جالون/ دقيقة) وتركيب هوايات حنفيات لخفض الاستهلاك في المطابخ ومغاسل الأيدي والمواضئ إلى 60% وكذلك استبدال غسالة الملابس ذات التحميل العلوي بالغسالات ذات التحميل الأمامي 25 جالون/ غسلة ومنع استيراد المواد والأدوات الصحية غير المرشدة وتدوير المياه العادمة المعالجة لاستخدامها مرة أخرى.
إدارة المياه الزراعية:
وتشمل الحد من زراعة المحاصيل ذات الاستهلاك العالي من المياه والتركيز على زراعة المحاصيل التي تعتمد على أنظمة الري الحديثة والاهتمام بالزراعة في المناطق ذات المياه المتجددة والاستفادة من الميزة النسبية وإيجاد زراعة تكاملية بين دول المنطقة.
إدارة المياه الصناعية:
وتشمل تشجيع الصناعات التي لا تعتمد على المياه وإلزام المدن الصناعية والمصانع الكبيرة المقامة على السواحل بإنشاء محطات تحلية خاصة بها.
إدارة الاستخدام:
وتشمل رفع الوعي لدى مستخدمي المياه عبر جميع الوسائل الإعلامية المتوفرة المرئية والمسموعة والمقرؤة وبخاصة النشئ من طلبة المدارس والجامعات وكذلك رفع الوعي لدى المزارعين وحثهم على استخدام الطرق الحديثة في الري.
التحديات المائية:
يواجه الأمن المائي الغذائي في دول شبه الجزيرة العربية العديد من التحديات في ظل محدودية الموارد المائية أهمها تلبية الاحتياجات الأساسية من مياه الشرب وتوفير الغذاء وحماية النظام البيئي والتحكم في مخاطر الفيضانات والجفاف والتصحر إضافة إلى التوزيع العادل للمياه ومشاركة القطاع الخاص وضعف الإدارة المتكاملة للمياه.
وفي دراسة عن حجم الطلب على المياه البلدية في المملكة يتضح أنه يمكن خفض كمية المياه المطلوب توفيرها عند معدلات استهلاكية مختلفة فعندما يكون الاستهلاك 300 لتر/فرد/ يوم سيكون هناك عجز مقداره 3 ،1 مليون م3 وإذا انخفض الاستهلاك إلى 150 لتر/فرد يوم سيكون هناك مقداره 2 ،2 مليون م3 .

(*)وكيل وزارة المياه لشؤون المياه
المشرف العام على المؤتمر ورئيس اللجنة التنظيمية العليا

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved