Saturday 8th march,2003 11118العدد السبت 5 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مكافحة الإغراق مكافحة الإغراق
عبد الرحمن بن علي الجريسي (*)

ليست المملكة العربية السعودية ببعيدة عن حركة الاقتصاد الإقليمي أو الدولي كل هذه المسافة حتى تبقى متباطئة مجال تنظيم اقتصادياتها المتنامية ، عبر سن الأنظمة والتشريعات التي تعزز من قوة هذا الاقتصاد الذي يعتبر الأكبر في المنطقة العربية التي تنسجم في الوقت نفسه مع المتغيرات السريعة عالمياً وإقليمياً.
والذي أعنيه ، هنا ، هو التباطؤ في إصدار نظام مكافحة الإغراق والدعم والحماية الوقائية في المملكة الذي بحسب علمي قد وصل إلى مراحل متقدمة من حيث صياغة بنوده ومدى ملاءمتها مع ما تتطلبه منظمة التجارة العالمية .. وكل تأخير في صدور هذا النظام سيكون له - في نظري - أثره الواضح على مجمل الأوضاع الاقتصادية لبلدنا، وعلى حركة الصادر والوارد تحديداً.
فالصادرات غير النفطية للمملكة تشهد زيادة مطردة في معدلات نموها، إذ يبلغ معدل النمو السنوي لها نحو 10 12% .. وفي العام 2001م بلغ معدل نموها 24% بقيمة إجمالية وصلت إلى 30 مليار ريال .. ومن المهم، عند هذه اللحظة تحديداً، إصدار نظام مكافحة الإغراق .. حيث ان العديد من شركاتنا الوطنية الكبرى التي استطاعت أن تجد لها موطئ قدم في السوق العالمية، تواجه الآن (تهماً) بإغراق أسواق بعض الدول الأوروبية بمنتجاتها، ما يعني عمليا الدخول في إجراءات قضائية على ضوء قوانين منظمة التجارة العالمية التي لم تنضم إليها المملكة وكثير من دول منطقتنا حتى الآن.
وفي الواقع فإن شركاتنا الوطنية التي استطاعت النفاذ بمنتجاتها إلى الخارج، لم تعمد أبداً إلى ( الإغراق )، وإنما بحسن نية إلى اكتساب زبائن وأسواق جديدة، ولم يكن السبيل إلى ذلك، إلا اتخاذ أساليب تسويق تعتمد على السعر الأقل والجودة العالية والكميات الوفيرة .. وهذه بالضبط أحد أسباب قيام الشركات المحلية في تلك البلدان بالتقدم باحتجاجاتها للجهات المعنية، ضد الشركات السعودية.
على أن الأهم هنا، هو تضرر أسواقنا وشركاتنا الوطنية نفسها من حالات الإغراق الكثيفة والمقصودة من بعض الدول، ما يهدد عملياً صناعتنا الوطنية بالتوقف أو عدم المنافسة محلياً وخارجياً .. ولحماية صناعتها الوطنية فقد باشرت كثير من الدول الكبرى بإجراء عمليات حماية ضد الواردات لبلدها، ومن ذلك، فرض الضرائب والرسوم الجمركية التي تصل في بعض الحالات إلى ما يزيد على 100% من قيمة المنتج نفسه، على الرغم من أن هذا الإجراء يعد منافياً لقوانين منظمة التجارة العالمية التي هم أعضاء مؤسسون لها، ولمجافاته لنظام حرية التجارة وفتح الأسواق.
إن الإغراق بكل أشكاله وحالاته سواءً لأسواقنا أو لأسواق الغير يعد أمراً مضراً جداً باقتصاديات الدول وبمصالحها العليا .. وعندما يعمد المصدرون إلى بيع منتجاتهم في الأسواق الخارجية بأسعار تقل عن تكلفتها الحدية، أو بيع تلك المنتجات في الأسواق المحلية بأسعار مرتفعة و بيعها في الأسواق الخارجية بأسعار منخفضة .. عندئذِ .. فإن إجراء وقائياً ضد مثل هذه الأعمال يكون أمراً ضرورياً للغاية .. وليس من سبيل لحماية ( صغار المنتجين ) من شدة نهم الشركات العملاقة، بغير مثل هذه الحماية أو المكافحة ولو في أعلى مستوياتها.

(*) رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved