* دمشق - الجزيرة: عبد الكريم العفنان:
السؤال الذي واجه السوريين خلال الأيام الماضية: ما الذي ينتظرونه من مجلس الشعب وسط ظروف إقليمية صعبة؟ حيث كان على الشارع السوري التفاعل مع حملات انتخابية ضخمة لأسماء بات يعرفها عن ظهر قلب، خصوصا أنها استمرت في هذا المجلس لأكثر من أربع دورات. بينما ظهرت أسماء جديدة لكنها في أغلبها مألوفة لديه نتيجة موقعها المالي أو الصناعي. وفي نفس الوقت كان المواطن السوري يجابه استحقاق الانتخابات باختبار الأسماء والصور، وذلك مع غياب البرامج الانتخابية للمرشحين. فإذا كانت لائحة الجبهة الوطنية التقدمية التي تضم حزب البعث الحاكم واضحة في توجهاتها، التي تصب في النهاية ضمن توجهات الحكومة عموما، فإن فئة المستقلين شكلت تيارات غير واضحة، وتحالفات متناقضة. فالانتخابات التشريعية السورية لم تحمل أي مفاجآت، ولم يعطل تأخير المؤتمر الصحفي لوزير الداخلية، من استقبال الناجحين للتهاني قبل أي إعلان رسمي. فالخارطة السياسية السورية اتضحت منذ الأيام الأولى للحملات الانتخابية، وظهر ان التكوين العام للمجلس سيحمل بعض التبدلات الطفيفة، ولكنها في مؤشراتها توحي بتوجهات سياسية جديدة. فقوائم الجبهة ضمن حزبا ليس مسجلا على لوائح الجبهة، ووصل الى مجلس الشعب السوري نواب من الحزب السوري القومي الاجتماعي لأول مرة منذ عام 1955 . فالنواب القوميون وعددهم أربعة تمكن ثلاثة منهم الدخول إلى الحياة البرلمانية السورية، علما أن واحدا منهم نجح تحت فئة المستقلين، وهو المحامي جوزيف سويد الذي حصد ما يقارب 57 ألف صوت وحل الرابع على قائمة مستقلي دمشق.
وإذا كان دخول الحزب القومي في العجلة الرسمية للسياسة السورية يشكل سابقة جديدة، فإن نتائج انتخابات الجبهة شكلت تطورا أيضا. حيث ظهرت أسماء قوية خصوصا في مدينة دمشق مثل السفير السابق سليمان حدد والذي حقق 262131 صوتا ليحل الأول في قائمة دمشق للجبهة عن الفئة أ، بينما حقق محمد فاروق أبو الشامات أمين فرع دمشق لحزب البعث 361577 ب. بينما حل رئيس مجلس الشعب السابق عبد القادر قدورة الأخير في هذه القائمة وحصد 252357 صوتا. ووفق البيان الصحفي الذي ألقاه وزير الداخلية السوري مساء اليوم فإن عدد من يحق لهم الانتخاب بلغ 10817831 ناخبا. لكن الوزير تحدث عن أن هذا العدد يشمل المغتربين، وعددا ممن لا يحق لهم التصويت بسبب مخالفات وجرائم ارتكبوها، إضافة لأفراد القوات المسلحة من متطوعين أو يقومون بالخدمة الإلزامية. لذلك فإن العدد الحقيقي لمن يستطيع ممارسة الانتخاب لا يتجاوز 8800000 مواطن. واوضح الوزير السوري أن من هذا العدد 7181206 حصلوا على البطاقات الانتخابية، بينما مارس حق التصويت 4656475 مواطنا، وبهذا الشكل فإن نسبة المشاركين تبلغ 63 ،45% ممن يحق لهم الانتخاب. وبين الوزير السوري أن هناك 178 عضوا جديدا دخل الى مجلس الشعب، مما يوحي أن هناك بنية جديدة للأعضاء تتميز بالكفاءات الأكاديمية، حيث يبلغ عدد المحامين فيه 40، والأطباء 19 والمهندسون 36 . وبمعنى آخر فإن 172 من اعضاء المجلس الجديد يحملون شهادات أكاديمية. وحول البنية العمرية للمجلس أوضح الوزير أن هنا سبعة أعضاء ينتمون الى الشريحة العمرية من 25 الى 35 عاماً، و 118 عضوا من 36 الى 50 عاماً، بينما هناك 125 من سن 51 وما فوق، مما يشير الى أن الشريحة الشابة ما تزال قليلة نسبيا في هذا المجلس.
وبالنسبة لمحافظة دمشق فإن الانتخابات عكست وضعا يعبر عن مجمل هذه الانتخابات، كونها تضم العدد الأكبر من الناخبين والمرشحين في آن. حيث بلغ عدد حاملي البطاقات الانتخابية فيها 615103، مارس منهم 295695 هذا الحق ضمن 989 مركزا وبلغت النسبة بذلك 46 ،3%، ومن طرائف الأرقام في الانتخابات لمدينة دمشق أن أقل مرشح حصل على أصوات من الفئة (أ) هو حسام العصيري الشهير بالحبوب (65 صوتا)، ومن الفئة (ب) عبد الحكيم الثقال (34 صوتا)، بينما كان التنافس على أشده حيث نجح البعض بفارق مئة صوت فقط.
على صعيد آخر فإن تيار المعارضة السورية الممثلة في التجمع الوطني الديمقراطي (خمسة أحزاب قومية ويسارية محظورة)، أكد أن مقاطعته لانتخابات مجلس الشعب كانت لأسباب متعلقة بالديمقراطية. وأكد حسن عبد العظيم الناطق الرسمي باسم التجمع والأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، أنهم قاطعوا الانتخابات التشريعية بسبب عدم تحقيق «الحد الأدنى الضروري من الديمقراطية» حسب تعبيره. وقال عبد العظيم "تصورنا امكانية التوصل إلى مجلس شعب منتخب ديمقراطياً عبر صندوق الاقتراع تتمثل فيه احزاب الجبهة الوطنية التقدمية (ائتلاف سبعة أحزاب في السلطة إضافة إلى حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم الذي يقودها) وأحزاب المعارضة (التجمع الوطني الديمقراطي)، وذلك بعد الكلام عن النية باصدار قانون احزاب وتعديل قانون الانتخابات.
واعتبر أن قرار مقاطعة الانتخابات في الدورة الحالية، ترشيحا واقتراعا، جاء بعد صدور المرسوم التشريعي الذي حدد موعد الترشيح وموعد اجراء الانتخابات، بدون أي تعديل لقانون الانتخابات. وأكد عبد العظيم ان فئة المستقلين التي سيكون نصيبها في الانتخابات الحالية 87 مقعداً من أصل 250 هي شكل يعود لعام 1990م.
|