* اسلام اباد - أ. ش . أ:
بات اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الشغل الشاغل للباكستانيين الذين اشتعل الجدل بينهم حول مصيره ومكان وجوده واحتمالات اعتقاله بعد سقوط مساعده المقرب خالد شيخ محمد داخل بلادهم وتسليمه للأمريكيين غير ان لغز بن لادن ازداد غموضا بين سيل من التكهنات وقليل من الحقائق
ومنذ الاعلان عن اعتقال خالد شيخ لم تتوقف التكهنات بشأن وجود اسامة بن لادن في باكستان فيما ادعت بعض التقارير انه يتخذ ملاذا في منطقة قبائلية حدودية باكستانية متاخمة لافغانستان .
وفي المقابل يصر المسؤولون الباكستانيون على ان كل ما يتردد من انباء عن وجود اسامة بن لادن في الحزام القبائلي الباكستاني المتاخم لافغانستان ليس اكثر من تكهنات غير انهم سلموا بأن الوثائق التي ضبطت مع خالد شيخ القيادي البارز في تنظيم القاعدة من شأنها المساعدة في اعتقال المزيد من نشطاء هذا التنظيم داخل باكستان.
وقال افتخار احمد المتحدث باسم وزارة الداخلية الباكستانية للصحفيين في اسلام اباد ليس بمقدور احد ان يؤكد وجود اسامة بن لادن في باكستان لانه لو وجد هنا لاعتقل ببساطة.
وكان فيصل صالح وزير الداخلية الباكستاني قد سارع فور الاعلان عن تسليم خالد شيخ للامريكيين لنفي صحة ماتردد من انباء عن وجود اسامة بن لادن في باكستان.
ومن جانبه اعرب ظفر الله جمالي رئيس الوزراء الباكستاني في تصريح للصحفيين في ختام اجتماع لحكومته باسلام اباد عن شعوره بالارتياح حيال الاوضاع الامنية في باكستان موضحا ان جانبا من الاجتماع خصص لبحث الترتيبات المتصلة بتعزيز الامن وضمان الاستقرار في البلاد .
ومنذ اعتقال خالد شيخ فجر السبت الماضي في مدينة روالبندى المتاخمة للعاصمة اسلام اباد وضعت الاجهزة الامنية والاستخبارية الباكستانية في حالة استنفار سعيا لاعتقال المزيد من نشطاء تنظيم القاعدة في ضوء الوثائق والمعلومات التي قدمها خالد شيخ للمحققين .
فعمليات البحث التي شرعت فيها هذه الاجهزة الامنية والاستخبارية تركزت بالدرجة الاولى في المناطق القبائلية الباكستانية المتاخمة لافغانستان سواء في اقليم بالوشيستان او في الاقليم الحدودى الشمالى الغربي الباكستاني .
وفي الوقت نفسه تقوم قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في افغانستان بعمليات تمشيط مكثفة للمناطق الحدودية الافغانية المتاخمة لباكستان على امل العثور على اسامة بن لادن فيما ذكر شهود عيان ان طائرات استطلاع وتجسس تحلق بأعداد كبيرة في اجواء المناطق الحدودية لباكستان وافغانستان معا بينما القت بعض الطائرات الامريكية بمنشورات تعلن عن مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يقدم معلومات تؤدي لاعتقال بن لادن .
وكما يقول احمد رشيد المحلل الباكستاني الاشهر في القضايا المتصلة بحركة طالبان الافغانية وتنظيم القاعدة فان اسامة بن لادن لابد وانه يشعر الان بأن الخناق يضيق عليه بعد اعتقال خالد شيخ فجر السبت الماضي.
ويتشكك بعض الباكستانيين في ان يكون خالد شيخ قد اعتقل بالفعل فجر السبت الماضى فيما يسود اعتقاد بأن العقل المدبر لتنظيم القاعدة قد اعتقل قبل ذلك غير ان نبأ اعتقاله لم يعلن لعدة ايام لاسباب في مقدمتها الامل في امكانية اعتقال اسامة بن لادن باستغلال عنصر المفاجأة بناء على المعلومات التي يقدمها خالد شيخ للاجهزة الامنية الباكستانية والامريكية.
ومن هنا فان اعلان نبأ اعتقال خالد شيخ يشير ضمنا كما يقول المحلل احمد رشيد إلى ان المعلومات التي قدمها لم تحدد على وجه الدقة المكان الذي يلوذ به اسامة بن لادن .
والمؤكد في رأي اغلب الخبراء الامنيين الباكستانيين ان المعلومات التي تستخلص من خالد شيخ ستكون بالغة الاهمية في تحديد مصير اسامة بن لادن والتحقق مما اذا كان قد مات او انه مازال على قيد الحياة.
فخالد شيخ بحكم مركزه القيادي في تنظيم القاعدة يمكن ان يكون من بين قلة قليلة في هذا العالم تعرف معلومات ذات اهمية جوهرية في التعرف على مصير زعيم تنظيم القاعدة وما اذا كان على قيد الحياة حتى اللحظة الراهنة .
غير ان مصادر امنية باكستانية اكدت ان خالد شيخ لم يكشف ابدا النقاب عن مكان وجود اسامة بن لادن اثناء استجوابه داخل باكستان فيما استبعدت ان يتمكن الامريكيون الذين نقلوه خارج الاراضي الباكستانية يوم الثلاثاء الماضي من التعرف على مكان بن لادن اثناء عمليات الاستجواب لخالد شيخ.
ومع اختلاف التفاصيل والملابسات فان التساؤلات حول استمرار عجز الاجهزة الاستخبارية والامنية الامريكية عن العثور على اسامة بن لادن تمتد ايضا لتشمل بعض اشد العناصر الافغانية عداء لامريكا وفي مقدمتهم الملا محمد عمر زعيم حركة طالبان فضلا عن قلب الدين حكمتيار رئيس الوزراء الافغاني السابق والذي يتزعم حاليا فصيلا مسلحا يطلق على نفسه «الحزب الإسلامي» .
ووفقا لتقارير صحفية باكستانية فان الشكوك تتزايد في ان يكون قلب الدين حكمتيار والملا محمد عمر وربما اسامة بن لادن قد اتخذوا ملاذات في منطقة كونار الجبلية الواقعة شرق افغانستان والمحاذية للحدود مع باكستان وسط انباء تتحدث عن تنسيق بين انصار حكمتيار وعناصر القاعدة وطالبان .
وينتمي سكان منطقة كونار لمجموعة الباشتون العرقية التي يعد الملا محمد عمر وقلب الدين حكمتيار من افرادها بينما يحظى حكمتيار بنفوذ قوي بين سكان مخيم «شامشاتو» للاجئين الافغان في الاقليم الحدودى الباكستاني المتاخم لافغانستان .
وفي سنوات الثمانينات من القرن الماضي كان خالد شيخ محمد مسؤولا عن منظمة خيرية في مدينة بيشاور عاصمة الاقليم الشمالي الغربي الحدودي الباكستاني المتاخم لافغانستان تتركز انشطتها على جمع التبرعات المالية لعناصر المقاومة ضد قوات الاحتلال السوفيتي في افغانستان غير ان الحقيقة المتمثلة في اعتقال كافة الرؤوس الكبيرة بتنظيم القاعدة داخل مدن باكستانية وهم ابو زبيدة ورمزي بن الشيبة واخيرا خالد شيخ انما تنطوي على مؤشرات خطيرة حول نجاح نشطاء القاعدة في التسلل للاراضي الباكستانية كما تعزز الشكوك حول امكانية ان يكون اسامة بن لادن ذاته قد اتخذ ملاذا في مكان ما داخل باكستان.
وكان نبأ اعتقال خالد شيخ في مدينة روالبندى قد اثار قدرا كبيرا من الدهشة بسبب نجاح ثالث اكبر قيادي في تنظيم القاعدة للوصول إلى هذه المدينة البالغ عدد سكانها اربعة ملايين نسمة والمتاخمة للعاصمة الفيدرالية الباكستانية والتي تعد المدينة المفضلة لاقامة اغلب قادة الجيش وكبار المسؤولين الامنيين باعتبارها تضم مقر القيادة العامة للقوات المسلحة الباكستانية.
وفي المقابل فان السلطات الباكستانية ترد بقولها ان أي دولة تعتقد ان اسامة بن لادن يتخذ ملاذا داخل باكستان عليها ان تقدم مالديها من معلومات حتى يتسنى اعتقاله فيما ترجح إسلام اباد ان يكون بن لادن داخل افغانستان اذا كان على قيد الحياة حتى الان .
والمسألة في نهاية المطاف بالغة التعقيد والغموض خاصة مع التداخل والتشابك بين عناصر تنظيم القاعدة وحركة طالبان الافغانية بحيث يمكن لاي عضو في القاعدة اقام لفترة طويلة في افغانستان وبات يتحدث بلغة اهلها ان يتصرف باعتباره افغانيا.
وينطوي الامر على اهمية بالغة لان المنتمين لحركة طالبان لايتعرضون لحملات مطاردة مكثفة داخل افغانستان خلافا لما يحدث مع عناصر تنظيم القاعدة فطالبان في نهاية المطاف جزء من المجتمع الافغاني وليست دخيلة على هذا المجتمع كما يقول الصحفي الباكستاني رحيم ضاي.
ويتساءل هذا الصحفي الباكستاني مثل العديد من المعنيين بتنظيم القاعدة عما اذا كان التخلص من اسامة بن لادن سيؤدي لاسدال الستار على تنظيم القاعدة معربا عن اعتقاده بأن المسألة لاتتجاوز اهمية رمزية لان هذا التنظيم بحكم تركيبته المرنة وخلاياه المستقلة سيبقى حتى بعد رحيل اسامة بن لادن .
ويتفق هذا الرأي مع التوجه الذي يتبناه العديد من المعنيين بظاهرة الارهاب وهو الرأي الذي يؤكد على اهمية معالجة جذور هذه الظاهرة والقضاء على المظالم السياسية والاقتصادية التي تشكل افضل تربة للارهاب.
|