روى لي صديق رحلة قام بها هو وزوجته وأولاده لدولة الإمارات العربية المتحدة في عطلة عيد الأضحى هذا العام.. فقال:
سمعت أن الطريق من حرض إلى حدود الإمارات «البطحاء» قد انتهى، وأنه أصبح سالكاً، وأقرب وأفضل وأسهل من الطريق القديم الذي يمر بالأحساء وقال: فتوكلت على الله وعزمت على المسير صباح الأربعاء 4/12، وفي الليل اكتشفت أن رخصة سيارتي «الاستمارة» منتهية منذ أيام قليلة، فأسقط في يدي، وتساءلت أأؤجل سفري؟ وهذا صعب بعد الإعداد والتجهيز أم أذهب ولعلهم في الحدود يسمحون لي بعد أن أتعهد بتجديدها فور عودتي أم أمرّ على مرور الخرج لعله يجددها؟ قال صديقي فغادرت الرياض باكراً ومررت على مرور الخرج، ووجدت كل تجاوب من المسؤول تلك الساعة رقيب أول عبدالعزيز الرويس الذي قال: اذهب للفحص الدوري وارجع لنا وسيتيسر أمرك، ولما أنهيت فحص السيارة ورجعت للأخ عبدالعزيز وفى بوعده ولم يقصر هو وزملاؤه، وغادرنا الخرج قبيل الظهر، ووصلنا حرض ورأينا في الطريق لوحات ومزارع الصافي والمراعي ونادك وشاهدنا مباني متناثرة في حرض للدفاع المدني ومحطة وقود ليست واضحة لبعدها عن الطريق، ومسجداً مهجوراً، لعب الهواء والجو بأبوابه فتناثرت، وخزانة وبيارة مكشوفة تنذر بالخطر على الناس والدواب.. بصراحة: وضع المسجد هكذا لا يليق أبداً ببيت من بيوت الله.
لما بدأ الطريق الجديد من حرض إلى البطحاء لم نعلم هل يوجد به محطة وقود أم لا، فسرنا فيه بعض الوقت ثم خشينا من عدم وجود محطة فيه، فرجعنا للمحطة السيئة البعيدة عن الطريق وغير الواضحة فتزودنا منها بالوقود، ورأينا عدم النظافة وقد بدا عليها كلها مظهراً ومخبراً.
لما سرنا 50 كيلاً وجدنا محطة جديدة على يسار الطريق لم يضع أصحابها لوحة في حرض تدل عليهم، ثم وجدنا أخرى قبيل البطحاء بحوالي 100 كيل ولم نتأكد من أنها تعمل «في العودة تأكدنا من عملها لأنها مضاءة» هذا الطريق جديد ومستقيم «علم بندق» ولكن الرمال تزحف عليه وتحاصره من الجهتين، وهناك معدات تحاول إبعاد الرمال عن الأسفلت أو رشها بمادة «الزفت»، ولكن بقعة صغيرة من الرمال رأيناها تغطي أجزاء من الطريق مما يخشى من وقوع حوادث مرورية بسببها، وخاصة في الليل.
في الحدود
المهم أضاف صاحبي وصلنا الحدود بعد العصر ورأينا لوحة «ساسكو» بنخلتها «التي ليس لها قلوب» فقررنا دخول الإمارات، وحقا كانت الإجراءات سهلة وميسرة «بكل سهولة ويسر» أنهينا إجراءات جوازات وجمارك المملكة ونحن في السيارة ما عدا نزول النساء للتفتيش من قبل موظفة هناك، واستغربنا عدم وجود موظف جوازات الإمارات على البوابة حيث يوجد في مكتب داخل المبنى، ولما عبرنا الحدود وجدنا مكتباً لحجز الفنادق استفسرنا منه عن فندق في الطريق نرتاح فيه ونبيت تلك الليلة فأعطانا رقم فندق شاطئ الظفرة في منطقة الرويس على بعد 100 كيل من الحدود فاتصلنا به وحجزنا، ووجدناه نعم المكان، حدائق وبحر وشاطئ ونظافة.
وقرب الظفرة مرسى للمراكب «العبارات» التي تنقل السياح وغيرهم لبعض الجزر هناك كمحمية صير بني ياس وجزيرة دلما وغيرهما.
غابات الأشجار والنخيل
وفي الصباح «يحمد القوم السرى» غادرنا الظفرة «الرويس»، إلى «أبو ظبي» وهالنا كثرة الأشجار على جانبي الطريق المزدوج وفي وسطه بل غابات من الأشجار والنخيل على جانبيه وكذلك بين «أبو ظبي» والعين «130» كيلا غابات حقاً وسط الرمال أشجار كثيفة تحيط بالطريق مدّ البصر وبين الطريقين أشجار كثيرة جداً، أثارت إعجابنا ودهشتنا، صلينا الظهر والعصر فوق الرمال المحيطة بتلك الأشجار كما صلينا المغرب والعشاء فوق الرمال المحيطة بطريق العين دبي الشارقة.
العين
العين منطقة زراعية تشبه «من بعض الوجوه» منطقة الخرج في المملكة، وسمعنا عن مناطق سياحية في العين اكتفينا منها بصعود جبل «حفيت» وطول الطريق الصاعد لقمته 11 كيلا ويوجد فندق في أعلاه، مطل على منطقة العين كلها، وتحته عين الفايضة، ومناطق سياحية وألعاب مائية وغيرها للكبار والصغار.
دخلنا البريمي من العين ولا يفصل بينهما سوى شارع ورأينا في سوق البريمي بعض الخضراوات العمانية والحلوى العمانية واللقاح «لقاح النخل» وفي العين مزرعة ألبان العين تزودنا منها ببعض اللبن والحليب والزبادي وحليب الخلفات ويسمونه حليب النوق.
لما قربنا من دبي قادمين من العين لم يكن الطريق واضحاً للشارقة التي فيها حجزنا فضعنا، ولجأنا للسؤال، وفي الشارقة حاولنا الابتسام امتثالاً لقولهم «ابتسم فأنت في الشارقة».
دبي
في دبي استمتعنا بالبحر الذي نفتقده في الرياض كذلك نفتقده في جدة لأن «الناس» حجزوه عن «الناس».
في دبي أشياء كثيرة ممتعة للصغار والكبار على السواء «راديو سوا» أهمها البحر، والوادي الواسع «وايلد وادي»، والبراشوت، والقوارب، والحدائق المنظمة الجميلة، أذكر منها حديقة المحزر وحديقة الصفا وحديقة جميرا وغيرها، وأشياء أخرى كثيرة.
وفي دبي وشقيقاتها - علي اختلاف في ذلك - نظام مروري جيد، معظم السائقين يلتزمون به، مع تخطيط جيد للشوارع ولا أنكر أني شاهدت بعض اللخبطة والمخالفات ولكنها قليلة، وعندنا بعكس ذلك فمعظم السائقين هنا لا يلتزمون بنظام المرور، فتجد اللخبطة والفوضى والمخالفات المتعمدة تعج بها شوارعنا وطرقنا، وهذا مؤسف.
ومن المؤسف أيضاً أن بعض مواطنينا يرتكبون المخالفات المرورية بكثرة في الإمارات والبحرين وغيرهما، كعدم إعطاء الطريق حقه «أفسح الطريق» Give way))، وعدم استعمال الإشارة عند الاتجاه يميناً أو شمالاً، أو عند الخروج من مسار إلى مسار.. الخ.
من الأخطاء اللغوية التي شاهدتها:
شارع أبو بكر الصديق وصحتها «أبي».
أنشئت «بالمبني للمجهول» في حديثة المحزر كتبوها أنشأت.
ثلاث مداخل في الحديقة نفسها صحتها «ثلاثة».
في شاحن شريحة الجوال يقول التسجيل: رصيدك هو «صفر درهم» وهذا تعبير عجيب! وغير صحيح ألبتة.
هناك لا توجد أبواق سيارات «وضجة ولجة» كما نسمع في مكة المكرمة والقاهرة مثلاً، ولكن إذا تكلمت الأبواق أحياناً في دبي فإنها مزعجة جداً ومؤذية لطبلة الأذن.
في طريق العودة
استمر صاحبي في سرده وروايته لرحلته فقال: كنت سأزور بعض الإمارات الأخرى كرأس الخيمة والفجيرة على بحر العرب وربما عُمان وقرية حتا ولكن الوقت دهمنا «كما يداهم المذيعين في الإذاعات والتلفازات» فقررنا العودة ونظرت للخارطة فوجدت الطريق من دبي إلى «سلع» جمع سلعة «وهي التي فيها حدود الإمارات مع المملكة كما أن البطحاء فيها حدودنا مع الإمارات» مستقيماً يتقاطع مع طريق أبو ظبي - العين، أي أن هذا الطريق لا يدخل مدينة أبو ظبي وهذا ما نريده، ولكن بالقرب من التقاطع اختلطت الأمور وتصعبت وانحاست، وخاصة مع وجود إصلاحات في الطريق، فأصبح الأمر يحتاج إلى عناية أكثر وقراءة للوحات الطريق باستمرار، وزاد الطين بلة أننا لم نكن نعرف أن «سلع» هي التي فيها الحدود، فلا يوجد أي إشارة لذلك، وهذا خطأ وتقصير، لعل إخواننا في الإمارات يتداركونه، فقد كدنا نقف ونسأل ما هي «سلع» وأين تقع وهل هي منطقة الحدود أو قريبة منها، ولم نر أي ذكر لحدود الإمارات مع المملكة حتى وصلنا «الغويفة» التي فيها الحدود بعد «سلع» بعدة أكيال.
محمية صير بني ياس
أضاف صاحبي في قصة رحلته: قال لي د. محمد المحيذيف الذي يذهب أحياناً لدبي في موسم حضور مندوبين يابانيين من شركة تويوتا «لاند كروزر» وإجراء تخفيضات على السيارات هناك في تلك الفترة، قال إن جزيرة صير بني ياس تستحق الزيارة، وتحتاج لإذن لدخولها، وهي على فكرة في منطقة الرويس التي بينها وبين الحدود مع المملكة 100 كيل، وبينها وبين أبو ظبي 300 كيل، قال فأوقفنا سيارتنا في مرسى السفن وركبنا سفينة سريعة «طراد» تقطع المسافة وهي «12 كيلا» في عدة دقائق وتجولنا في الجزيرة وطولها بضعة أكيال وعرضها قريباً من ذلك وشاهدنا أنواعاً من الغزلان والمها والوعول والطيور والنعام والأشجار الكثيرة وأعجب ما شاهدنا حيواناً «أصغر من النعامة» إذا وقف أحد عنده بدأ يرقص رقصاً عجيباً فيلتفت برأسه بسرعة لجهة وذيله للجهة الأخرى ثم يعكس ذلك بسرعة حركات جميلة جداً، والطريف أنه يهدئ السرعة بعد عدة حركات وينظر هل ما زالوا يشاهدونه فإذا رآهم استمر، وإن ذهبوا هدأ وسكن.
ويقدمون في الجزيرة سكناً لضيوفهم ووجبات وحافلات تمر بهم على أجزاء الجزيرة وما فيها، وطعامهم من إنتاج الجزيرة ما عدا الأرز.
قال وغادرنا الجزيرة إلى الشاطئ في باخرة خشبية جميلة، صنعت ذكر ذلك قبطانها قبل 25 عاماً .
واستغرقت الرحلة 45 دقيقة، استقبلنا «اللاند كروزر» وقصدنا الحدود التي لم نمكث فيها سوى دقائق، وصادفتنا بعض الرمال على الطريق الجديد قبل حرض.
وفي الخرج لم نجد الطريق الذي لا يمر بالمدينة مما اضطرنا لدخول المدينة وقراءة اللوحات الصغيرة المندسة التي تشير إلى طريق الرياض، وهنا شاهدنا المخالفات «وكأنها تنتظرنا» سيارات تخرج من مسار إلى مسار دون إشارة، وبدون التأكد من خلو المسار، وسيارتان ترتكبان مخالفة تجاوز الإشارة في جسر الدائري الشرقي مع طريق الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد «مخرج 9».
كما قال صاحبي الذي أدركه الصباح فسكت عن الكلام المباح وغير المباح.
|