منذ أيام كنت أستمع إلى برنامج إذاعي صباحي جميل في ال(m.b.c_fm) تقدمه المذيعة المتألقة والنشيطة جداً خديجة الوعل. وكان البرنامج حول: «ماذا كنت تتمنى أن تصبح مستقبلاً عندما كنت صغيراً» وكانت أكثر مشاركات المستمعين طريفة.. لأنهم أصبحوا عندما كبروا غير ما تمنوا.. فهذا كان يتمنى أن يصبح طبيباً فصار مراقب بلدية.. وذاك كان يتمنى أن يصبح مهندساً فصارراعي مطعم.. إلى آخر هذه اللوحات المتناقضة. وأثناء متابعتي للبرنامج عدت بذاكرتي إلى الوراء سنين عددا.. عندما كنت طفلاً.. تذكرت ذلك الموقف مع أحد معلمي مدرستنا حيث سألنا نحن تلاميذ الصف الأول الابتدائي.. ماذا تتمنى أن تكون في المستقبل.. ولماذا؟ فرفع الأولاد أصابعهم ليجيبوا عن السؤال. فكان يسأل كل واحد منهم فيجيب مثلاً: (أتمنى أن أطلع مدرساً... أتمنى أن أطلع دكتوراً «أي طبيباً» وهذا مهندساً وذاك ضابطاً والآخر تاجراً وهكذا إلى آخر المهن المحترمة.
كل التلاميذ رفعوا أصابعهم وأجابوا عدا واحد هو (أنا). فاقترب المدرس مني وسألني: وأنت.. لماذا لم ترفع إصبعك؟ ها.. ماذا تتمنى أن تصبح عندما تكبر؟ فطأطأت رأسي خجلاً ولم أجب.. فأعاد السؤال بنبرة عالية.. فلما وجدته مصراً إلحاحاً.. قلت بخجل: «قهوجي».. فضج الأولاد بالضحك بعد أن تقدمهم الاستاذ في ذلك.. ثم قال باستغراب: ماذا.. ماذا؟!
قلت: «قهوجي». وعندما تأكد من جوابي وانتهى الضحك بنهرة منه على التلاميذ.. قال.. لماذا يا بني؟ قلت: لأني أحب (شرب الكاكاو).. وعندما سمع ذلك ذهب مسرعاً إلى الفصل المجاور.. والذي كان به والدي مدرساً.. وقال:
(تعال يا أستاذ شوف ابنك يتمنى إيش يصير؟) فرد عليه. والدي: أكيد «قهوجي».. فدهش المعلم وقال: إذن أنت عارف؟! وهل تشجعه على ذلك؟ فقال والدي: لعله يخفف عنا مصاريف الكاكاو!! وأثناء استعراضي لهذه اللوحة الطريفة من ذكرياتي البعيدة.. تمنيت لو أن الله حقق لي أمنيتي .. حتى لو كانت في ساحل العاج !!
|