* الدوحة - شحاتة عوض - أ. ش . أ :
على وقع الحشود العسكرية الامريكية المتواصلة في منطقة الخليج بحرا وبرا وجوا جاء انعقاد القمة الإسلامية الطارئة في الدوحة . . فعلى بعد أميال من مكان انعقاد القمة تتواصل الحشود العسكرية ومازالت القوات الأمريكية تتدفق بصورة غير مسبوقة في مشهد يعكس في رأي المراقبين عدم اهتمام واشنطن بكل النداءات الداعية إلى سلام ومنح الحل السلمي للازمة العراقية فرصة أخيرة وافساح المجال أمام لغة الحوار بدلا من لغة الدبابات والطائرات.
وقد دفعت هذه المفارقة بعض المحلليين المتابعين لتطورات الوضع في المنطقة إلى التساؤل عما اذا كانت القمة الإسلامية في الدوحة هي الصرخة الاخيرة قبل اقدام واشنطن على ضرب العراق .
هذا التساؤل وجد صداه في كلمات قادة وممثلي الدول الإسلامية أمام الجلسة الافتتاحية للقمة الإسلامية الذين ابدوا قلقا ظاهرا من نفاذ الوقت أمام ايجاد حل سلمي للازمة ومنع عمل عسكري يبدو وشيكا جدا .
وجاءت كلمة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الرئيس الحالي للقمة الإسلامية لتؤكد هذه المخاوف والقلق المتصاعد من أن يكون أو أن منع الحرب قد ولى معترفا في الوقت نفسه بأن الدول الإسلامية لا تملك القدرة على التحكم في مسار التطورات الراهنة في المنطقة.
وفي هذا الصدد أكد أمير قطر أن أحدا لا يتسطيع الادعاء بأنه يملك القرار السياسي أو الاستراتيجي الدولي الذي يتحكم في مسار هذه التطورات أو يدير حركتها.
ورغم تأكيداته على ضرورة بذل كل الجهود لاستنفاذ كافة السبل السلمية لحل الازمة العراقية الا أن أمير قطر أقر بأن العالم الإسلامي لا يملك فقط سوى التأثير على مجريات الامور في المنطقة وعلى نتائجها وآثارها المحتملة بما يخرج العراق من هذه الازمة بشكل يجنبه ويجنب المنطقة أي ثمن باهظ أو اضرار جسيمة لا يمكن تعويضها أو تجاوز نتائجها مهما حسنت النوايا .
وقد رأى بعض المتابعين للقمة في كلمة أمير قطر قدرا من الاحساس بأن الحرب باتت وشيكة وأن العالم الإسلامي اذا كان غير قادر على منعها فان عليه على أقل تقدير أن يقلل من خسائرها وآثارها وتداعياتها المخيفة على العراق والمنطقة.
كما كانت أجواء الحرب الوشيكة حاضرة بقوة في كلمة عزت إبراهيم نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقية رئيس وفد العراق فقد تحدث إبراهيم وكأن الحرب واقعة لا محالة وقال إن العراقيين شعبا وقيادة سيدافعوا عن وطنهم المجيد«وسوف نلقن الغزاة دروسا لن ينسوها».
وازاء هذا الاحساس المتصاعد باقتراب الحرب لم يطلب عزت إبراهيم من الدول الإسلامية الا التضامن مع الشعب العراقي ونصرته في وجه من وصفهم بالغزاة الطامعين الذين قال ان أراضي العراق ستكون مقبرة لهم وأن العراقيين تحولوا إلى جيش مقاتل قوامه سبعة ملايين ينتشرون في السهول والجبال والوديان .
ولم يمنع التمثيل المنخفض لمعظم الدول الإسلامية في قمة الدوحة من التأكيد على موقف إسلامي جماعي يرفض الحرب واختصاص مجلس الامن بتسوية الازمة سلميا.
وكان للحضور المصري الكبير في القمة ممثلا في مشاركة الرئيس حسني مبارك في أعمالها أثر كبير في اعطاء القمة هذا الاهتمام الاعلامي الكبير بها وبما قد تسفر عنه من قرارات .
وسعى المشاركون في القمة إلى الربط الواضح بين القضيتين العراقية والفلسطينية في محاولة لفضح سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها الولايات المتحدة تجاه القضيتين وهو ما عبر عنه بوضوح رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد الذي شدد على ارتباط القضيتين موكدا أن الاستقرار والامن في المنطقة لن يتحقق بحل قضية العراق وحدها وانما بايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.
وبينما حذر المشاركون في القمة من مخاطر استغلال إسرائيل لاجواء الحرب الراهنة على العراق لتصعيد عدوانها الوحشي على الشعب الفلسطيني . . أكد أن هذا التصعيد والعدوان على الشعب الفلسطيني يفضح سياسة المعايير المزدوجة التي تمارسها واشنطن تجاه العراق والقضية الفلسطينية.
الا أن التأكيدات التي أطلقها المشاركون في القمة برفض أي عدوان على العراق والتحذير من مخاطر ذلك لم تمنعهم من توجيه رسالة قوية إلى القيادة العراقية تطالبها بالتعاون الكامل والمطلق مع فرق التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل والعمل على بذل كل الجهود لسد الذرائع أمام أمريكا وبريطانيا لشن الحرب.
وبدا لافتا للانتباه عدم توقف المشاركين في القمة الإسلامية عند المبادرة التي طرحها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لحل الازمة العراقية والتي دعا فيها إلى تنحي الرئيس العراقي صدام حسين فاستثناء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الاحمد الذي رأس وفد بلاده والذي أشاد فيها بالمبادرة وأكد دعم ومساندة الكويت لها فإن أيا من المشاركين لم يتناولها ولم يشر إليها وهو ما عكس موقفا إسلاميا بعدم تبنيها كما كانت تأمل الإمارات التي حصلت على دعم خليجي لهذه المبادرة التي سبق طرحها في قمة شرم الشيخ ولم تطرح على جدول المباحثات ورغم هيمنة الازمة العراقية بكل تداعياتها على اجتماعات قمة الدوحة بالإضافة إلى المشادة الكلامية الحامية التي وقعت خلال الجلسة الافتتاحية بين عزت إبراهيم نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقية ووزير الدولة الكويتي للشؤون الخارجية محمد الصباح . . الا أن القضية الفلسطينية كانت حاضرة بقوة في كل كلمات المتحدثين في الجلسة الافتتاحية الذي وصفوا ما يحدث في الاراضي الفلسطينية والصمت الدولي حياله بأنه وصمة عار في جبين الإنسانية والمجتمع الدولي .
وتبقى قمة الدوحة رغم أهميتها كغيرها من القمم الإسلامية والعربية صرخة في فضاء فسيح قد تطغى عليها أصوات المدافع والصواريخ وازيز الطائرات الأمريكية التي باتت متأهبة لشن هجومها على العراق في أية لحظة.
|