كل يوم نسمع فيه تهديدات، وجموع من الجيوش الأمريكية البريطانية تتوافد على المنطقة، ومع كل صباح تتكاثر التصريحات، وتقرع طبول الحرب في المنطقة.. ضد المنطقة العربية، عامة وضد العراق وصدام حسين خاصة.
وكل ما أبدت دولة من دول العالم رأياً في القضية يخالف رغبات الزعماء الأمريكان وأهدافهم المبيتة، قامت ولم تقعد وسائل إعلام أمريكا وبريطانيا، ومن يشايعهم، فكأنهم يريدون اسكات كل صوت لا يوافق الأهواء.. والتنديد بكل زعيم يطلب إبراز المبررات، التي تعطي التحالف الأمريكي البريطاني في الهجوم على العراق وتهديد أمن المنطقة العربية.
وقد صار هذا التحالف رغبة في تكثير أنصاره، وتأييد أهدافه يصدر منه تصريحات متباينة عن الهدف من هذه الحملة، وما حشد لها من طاقات بشرية، ومعدات وأجهزة عسكرية تفوق ما أعده الحلفاء أيام الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا ودول المحور.
وبالمقارنة العاجلة بين تلك الحرب وأهدافها، وهذه الحرب نجد أن أمريكا في تلك الحرب، لم يكن لدى زعمائها حماسة كبيرة كما هي اليوم، لا في العدد ولا في العدة ولا في الرأي السياسي.
ولم تكن مقلدة في الشعارات والأهداف لتلك الحرب، كما هي اليوم.. بل أخذت من الشعار الأول: وهو «المحور» كلمة أطلقها بوش ضمن شعاراته وهي «محور الشر».. واتخذ شعارات أخرى تخاطب عقول العامة: مثل قوله: محاربة الإرهاب.. وغير ذلك من الكلمات التي لا مفهوم ثابت لها.
فما هو مفهومهم لهذا الإرهاب؟!. الذي جعلوه كقميص عثمان.. وما الهدف من وراء ذلك؟!
إنهم قرنوا الإرهاب بالهجوم على مركز التجارة الأمريكي.. وكل عاقل يتابع الأحداث يتردد في قبول ما يصرح به إعلامهم، عن إلباس هذا الإدعاء الفضفاض: بالإسلام والمسلمين.. فهو أكبر من قدرات من وصفوهم بهذا، وعقول من امتلأت بهم سجون أمريكا، أضيق من أن تستوعب هذا الحدث الكبير.. والإمكانات المالية التي حجزت في البنوك أقل القدرات المطلوبة، لأي عمل يقض مضجع دولة كبيرة مثل أمريكا وما تملكه من أجهزة استخبارية علمياً وبشرياً.
هذا علاوة على سجون «جواتينامو» التي امتلأت بالمساجين، منذ عامين لم يبرز في التحقيقات ما يرضي المتابع المنصف الذي يطلب الحقيقة لذات الحقيقة بل على الرغم مما تردد بالقرائن عن مظاهر يهودية في داخل أمريكا وخارجها، تعطي دلالة على أن للعنصر اليهودوي نفساً في القضية، منذ أيامها الأولى.. ومع ذلك اغفلت مخابرات أمريكا هذا الجانب.. بل أصبح الإعلام اليهودي هو الذي يغذي، هو الذي يؤجج القضية ويزيدها اشتعالاً، ولقد زاد الأمر الحماسة الأمريكية بالهجوم على الإسلام والدول الإسلامية، والمناهج الدراسية فيها، باعتبارها على حد زعمهم تعلم الإرهاب.
وتعدى هذا الهجوم من أعداء الله إلى المساس بالقرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم وطلبوا حذف آيات الجهاد من القرآن، وعدم ذكر اليهود بما فضحهم الله به من الصفات.. وغير هذا من أمور يدركها كل من يتابع الهجمات الشرسة على الإسلام وعلى المملكة العربية السعودية، باعتبارها قلب الإسلام النابض، مما يدل على أن اليهود هم الذين صنعوا كل هذه الأحداث، واعلامهم يوجه عقول بعض الزعماء المتحمسين لمحاربة الكلمة المطاطة «الإرهاب»، ثم تصنيف من وراء هذا الإرهاب.. حتى لو قدم المسلمون رغيفاً لفقير عصر الجوع بطنه، اتهموا هذا المسلم بالإرهاب.
والمحللون السياسيون تتباين آراؤهم في الأهداف من هذه الحملات، بل إن أغلبهم ابعد الهدف الأمريكي حسب الشعارات: محاربة محور الشر، نزع أسلحة الدمار الشامل، التصدي للإرهاب، عن ذلك، وإنما رموه بما هو أكبر، واستخلص من تلك الآراء، ما نشرته الجزيرة بعدد السبت 21 من ذي الحجة عام 1423هـ في ص 15.. من تصريح للمرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية المقبلة: «هاورد دين» قال فيه:
إن الاعتماد الأمريكي على النفط الخارجي، وعدم وجود سياسة متوازنة للطاقة الوطنية، قد أثرتا في فعالية الحرب على الأرهاب، وسببتا في تهديد الأمن القومي الأمريكي، وكان «دين هذا» يتحدث بعد فترة وجيزة من خطاب وزير الخارجية، كولن باول، في مجلس الأمن الدولي، بشأن العراق، حيث قال: إن الاعتماد على النفط، قد قيد القدرة الوطنية، لاتخاذ اجراء ضد السعودية، وبقية الدول المنتجة للنفط التي ترعى الإرهاب.
وأضاف بسبب عدم امتلاكنا لأية سياسة نفطية فإننا لا نستطيع إدارة الحرب، على الإرهاب بالطريقة التي يجب أن تدار بها. وقال أيضاً: إن الرئيس بوش عليه التقليل من استيراد النفط لأن أمننا القومي يعتمد على ذلك.
وأضاف أن أموال النفط الأمريكية التي تذهب للسعودية قد استعملت لدعم واسناد المجاميع الإرهابية مثل جماعة حماس ورشوة الخصوم السياسيين السعوديين وبناء المدارس التي تشجع على التطرف والعنف، والحقد على الأمريكان واليهود والمسيحيين كما أن الأموال التي تم تمويل شبكة القاعدة بها، التي تسببت بهجمات 11 أيلول الإرهابية، قد جاءت بطريقة غير مباشرة من عندنا. وقال أيضاً: إن تخفيض 10% من استيراد النفط الخارجي، سوف تغير علاقتنا مع السعودية، وعندها يستطيع الرئيس الأمريكي الذهاب إلى السعوديين، ويقول لهم: سوف نقاطعكم ونتجاهلكم، إذا استمررتم في تمويل الإرهاب، والمدارس المتطرفة التي تدرس الارهاب والحقد. ا. هـ. كلامه. ومع ذلك يتجاهل عانتاً مما يسميه إرهاباً قبلهم ولا تزال.. فهل كان كلامه بعقل؟إن الذي يتابع تصريحات الأمريكيين يدرك أنها غير متوازنة، وغير مدروسة، وإنما آراء يهودية يرددونها، ذلك أن اليهود قد تقدموا في المجتمع الأمريكي، وتوغلوا فيه، فأصبحوا مؤثرين بدليل ما جاء في هذا التصريح بوصف المناهج الدراسية في المملكة، وهي مناهج إسلامية تعلم الناشئة العلاقة توحيداً مع الله، وتأدية لما فرض عليهم من عبادات بالإرهاب، وتسمية كفاح الشعب الفلسطيني بالحجارة، بالإرهاب، أما اغتصاب الأراضي ونهب أموال الشعوب وتشريد السكان وتدمير مساكنهم عليهم والتوسع في القتل فهذا في نظرهم ليس إرهاباً.. إنها مفاهيم معكوسة نسأل الله أن يكفينا شرهم. وأن يجعل كيدهم في نحورهم، وأن يعز دينه ويعلي كلمته «{ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين»}.
الخائن لا يؤتمن
قال التنوخي في كتابه «الفرج بعد الشدة»: لما خرج معز الدولة في 337هـ، وانهزم ناصر الدولة من بين يديه، حدثني بشر الرومي قال: أنفدني مولاي لأكون بحضرته، وحضرة أبي جعفر الصيمري كاتبه، وأوصل كتبه إليهما. فسمعت حاشية الصيمري يتحدثون: أنه جاء إليه ركابي من ركابيته، وقال له: أيها الأمير، إن قتلتُ لك ناصر الدولة، أي شيء تعطيني؟ قال له: ألف دينار. قال: فأذن لي أن أمضي واحتال في اغتياله.. فأذن له فمضى إلى أن دخل عسكره، وعرف موضع بيته من خيمته، فرصد الغفلة حتى دخلها ليلاً، وناصر الدولة نائم، وبالقرب من مرقده شمعة مشتعلة، وفي الخيمة غلام نائم.
فعرف موضع رأسه من المرقد، ثم أطفأ الشمعة، واستل سكيناً طويلاً ماضياً كان في وسطه، وأقبل يمشي في الخيمة، ويتوقى أن يعثر بالغلام، وهو يريد موضع ناصر الدولة.فإلى أن وصل إليه انقلب ناصر الدولة من الجانب الذي كان نائماً عليه إلى الجانب الآخر، وزحف في الفراش، فصار رأسه على الجانب الآخر من المخاد والفراش، وبينه وبين الموضع الذي كان فيه مسافة يسيرة وبلغ الركابي إلى الفراش، وهو لا يظن إلا أنه فيه، وأنه في مكانه، فوجا الموضع بالسكين بجميع قوته، وعنده أنه قد أثبتها في صدر ناصر الدولة، وتركها في موضعها، وخرج من تحت أطناب الخيمة.وصار في الوقت إلى معسكر معزّ الدولة، فوصل إليه فأخبره أنه قتل ناصر الدولة، وطالب بالجعالة، فاستشرحه كيف فصنع شرحه، فقال له: اصبر حتى يرد جواسيس بصحة الخبر.
فلما كان بعد يومين ورد الجواسيس بأخبار عسكر ناصر الدولة، وما يدلّ على سلامته، وأن إنساناً أراد أن يغتاله، فكان كيت وكيت.. وذكر له خبر السكين.
|