التسوق أو رغبة المواطن في الشراء تحدد ملامح الرواج بالأسواق السعودية بشكل كبير. فقد كانت الأشهر الثلاثة الماضية من شهر رمضان المبارك ومتطلباته وما تبعه من مشتريات لعيد الفطر إلى مشتريات عيد الأضحى، ثم مصروفات إجازات المدارس وتبادلات وهدايا الأسر والتبرعات الخيرية منشطات أدت إلى تحريك الأسواق وانتعاشها، حالياً تقوم المحلات التجارية مع بداية الفصل الدراسي وإطلالة العام الجديد بتقديم تخفيضات سعرية كبيرة على منتجاتها تصل في بعض منتجاتها إلى نصف قيمتها السعرية. وأمام الإغراءات العديدة اندفع المتسوقون للشراء للتخفيضات الضخمة، وامتلأت الأسواق المحلية بالمنافسة السعرية فيها فتضاءلت فرص إدخال تغييرات جوهرية على المنتجات. وبينما تضاعف عدد المنافسين المقدمين للسلع نفسها، ازدادت درجة تخصصهم في المعروضات الاستهلاكية. فعمد بعض منهم إلى مخاطبة شرائح شرائية متعددة من السوق تفصل بينها فروق دخول مالية بسيطة، وفضل البعض منهم خفض التكاليف والمصروفات النثرية التي لا تؤثر مباشرة في الأرباح. تحولات كبيرة أظهرت المؤسسات التجارية بأنها جادة في تقليص حجمها أو إعادة الهيكلة أفقياً ورأسياً وفرضت على المنافسين الجدد خوض تجربة تطبيق أفكار غير معتادة لهم من قبل ،آملةً اختراق السوق بأي وسيلة. فأحياناً نراهم يأخذون حصة تسويقية من عملاء المنافسين القدامى، وتارة يحدثون خللا في السوق نتيجة أفكارهم ومنتجاتهم الغريبة، وحينا آخر يتجه فيه المنافسون إلى تقليد المنتجات الناجحة نظرا لصعوبة العثور على بدائل قوية لها. نعتقد أن الحل الوحيد عند احتدام المنافسة في أوقات ما بعد المواسم بين محلات تجارة التجزئة ينحصر في ملازمة عنصر التجديد والابتكار للسلع. الابتكار والتجديد ليس هروبا أو ملجأ، وإنما هو هدف وفي تحقيقه ينتقل المنافس إلى مستوى أعلى للإطاحة بالمنافسين الموجودين في السوق والفوز عليهم.
وأولى مراحل الابتكار هي البحث عن منتجات جديدة وتطوير هذه المنتجات بأسرع وقت ممكن وتستطيع محلات التجزئة أن تقدم أفضل الأسعار إذا زادت معروضاتها وزاد حرصها على رضا العملاء فالسعر الأفضل مع الزيادة المستمرة في عدد العملاء المترددين على المحل يؤدي إلى زيادة متوالية في الأرباح وعلى محلات التجزئة أن تعرف أنه بوصول فكرة الابتكار والتجديد إلى السوق وانتشارها فيه فإن المنافسين يشرعوا في تقليدها فورا. وحين يتساوى الجميع في المعروض، يتساوى الجميع أيضاً في الكفاءة وفي السعر فيتشبع السوق ويرجع إلى حالته الأولى التي بدأ منها. المتابع والمراقب لأحوال إقبال المستهلكين على الشراء في أوضاع حرب أمريكا على العراق يستخلص أن المتسوق يبدو متحفظاً إلى حد ما في مشترياته مؤثرا على حركة الأسواق والجميع في حالة انتظار حال الانتهاء من الأزمة لاستعادة العافية والرغبة للتسوق والشراء.
|