عندما تنشب الحرب
ريتشارد إبلينج (*)

إذا قامت الحرب بين الولايات المتحدة و بين العراق سوف تتمثل أولى نتائجها في الولايات المتحدة في محاولة سد المنافذ أمام أي نقد يوجه بعد ذلك إلى السياسة الخارجية للولايات المتحدة وسوف يسود مبدأ وطني أولا سواء أكان على خطأ أم على صواب ولكن في تقديري فإن تلك هي اللحظة المناسبة التي يكون فيها التشكيك في السياسة الخارجية الأمريكية وتوجيه النقد إليها أمراً ملحاً جداً.
فالحرب دائما ما تؤدي إلى خلق عالم منقسم إلى حزبين: الخير و الشر الصواب و الخطأ هم ونحن والوحشية والقسوة التي ترتكب من جانبنا سوف يتم اخفاؤها تحت البساط أو سيتم تبريرها باعتبارها مآسي يؤسف لها و أمراً تحتمه الحرب في المقابل سوف يوصف كل عمل يقوم به العدو بأنه عمل شرير و سوف يتخذ كمبرر لقيامنا بأى شيء للوصول بالحرب إلى النصر في النهاية.
إن الحرب تخلف وراءها وحشية وقسوة رهيبة لذا يجب أن ترصدها العيون والأصوات الناقدة وليس بعد أن يتم كسب المعركة ويتحول الصراع إلى مجرد تاريخ. ففي أثناء سير الحرب فقط يمكن أن يكون مخططو الحرب ومنفذوها عرضة للمحاسبة على أفعالهم حيث يكون هناك وقت يسمح بتقليل القتل والدمار أو حتى الحد منهما نهائيا.
أيضا في أثناء الحرب فقط وليس في أى وقت آخر يكون على المواطنين أن يذكروا حكومتهم أن وظيفتها هي حماية أرواح الناس و حرياتهم و ممتلكاتهم.
وينبغي صد الحكومة عن استخدام الحرب و حالة الطوارىء كغطاء لمد نفوذها إلى اقتحام حياة الناس والسيطرة عليهم فحرية الناس لن تتحق إلا بحماية الحكومة لهذه الحرية و أخيرا يمكن القول ان أعظم ما يهدد حرية أي شعب على المدى الطويل هو حكومته والتي تمتلك الحق المشروع في استخدام القوة على أراضيها ضدهم أو التهديد بها.
لقد علمنا التاريخ أنه عندما تسلب الحكومة الحرية من الشعب فإن المهمة لم تكن سهلة وبالتالي يكون الواجب الأول على أي شعب هو التصدي لمحاولات سلب الحرية ومن ثم عندما تنشب الحرب يجب على أي شخص يقدر قيمة الحرية في وطنه و يأمل في الحد من إيذاء الأبرياء في خارج وطنه ألا يقف صامتا عندما يرفرف العلم أمامه.
إذ يجب على كل من يعتزون بما يمثله ذلك العلم أن يقوموا بمسئوليتهم الشخصية نحو تذكير إخوانهم من المواطنين أن حماية الحرية واحترام حياة الإنسان هي فقط التي يجب أن تكون الموجه لكل ما تقوم به السلطة السياسية.