* البصرة رويترز:
عاد السندباد البحري.. ولكن اسمه الآن خالد ويعمل بتهريب النفط مراوغاً بسفينته ليس طيور الرخ او وحوش البحر وانما الاسطول الامريكي في الخليج.
قال خالد لرويترز بينما يقوم عمال اللحام باللمسات الاخيرة لهيكل سفينته الجديدة «نبحر خلف ناقلات النفط ثم نهرب عندما ينشغل الامريكيون بها، أحيانا يطلقون علينا النار ولكن لا نفزع».
ومثل بقية اسطول التهريب الذي يضم مئات المراكب فان سفينة خالد صناعة يدوية تماماً من الصلب الخردة وآلاتها من محركات قديمة معدلة لقطارات فرنسية أو المانية شرقية.
ولارتفاع اسعار النفط تحسباً لحرب ثانية في الخليج أصبح تهريبه في خرق للعقوبات الدولية المفروضة على العراق عملاً مغرياً جداً، واثار التهريب طفرة في صناعة السفن ونشاطاً في ميناء البصرة التاريخي الذي اتلفته الحروب واهمال حكومة بغداد.
قال خالد «الحكومة عامل مشجع، تزودنا بالنفط وتتيح لنا الحصول على الخردة، اننا فخورون بأننا نخرق الحظر».
ومسموح للعراق ببيع النفط عن طريق الامم المتحدة بموجب اتفاق تم في 1996 ينص على استخدام العائدات في شراء الغذاء وبضائع مدنية ودفع تعويضات الحرب ولكن تنفيذ برنامج النفط مقابل الغذاء اصبح صعباً اذ يباع وقود الديزل لتركيا عبر كردستان العراقية وخط نفط سوري عاد الى العمل قبل بضع سنوات.
وتحصل البصرة التي تقع على شط العرب وتعتبر منفذ العراق الرئيسي الى البحر على نصيب وافر من عائدات تهريب النفط، وتحولت مساحات من المدينة وفي جنوبها الى احواض مؤقتة لبناء السفن.
ويساعد على تنامي هذه الصناعة رخص الايدي العاملة، اغلب عمال اللحام جاءوا من ايران عبر ممر شط العرب المائي ويكسبون سبعة دولارات يوميا والعمال غير المهرة 75 سنتا في اليوم والحراس 15 دولاراً شهرياً.
وبجانب رخص الخردة التي تبنى بها السفن فان التصميم ليس مكلفا ايضا، قال خالد «الرجل الذي صمم هذه السفينة يكاد لا يعرف القراءة أو الكتابة، ولكن السفينة بالتأكيد تستطيع المناورة».
يقوم المهربون بتحميل النفط في نقاط توزيع في خليج يصل العراق عن جزيرة بوبيان الكويتية، وتبحر السفن مارة بشبه جزيرة الفاو قبل افراغ حمولاتها لوسطاء ينتظرون في البحر او موانئ صغيرة بالخليج.
وفي حوض آخر جنوب الفاو كان عامل لحام يقطع شبه دائرة من لوح صديء من المعدن، وقال شهاب القبطان المقبل للسفينة «انها الدفة، لا تقلق انها قوية»، واصرَّ على ان السفينة قارب صيد ولكن نظرة داخل الهيكل كشفت عن وجود خزانات وليس برادات أو معدات صيد.
ويمكن ان يبلغ طول السفن 60 متراً وارتفاعها ثمانية امتار، ولانها مصنوعة من معادن مستعملة رخيصة فيمكن تحمل الخسارة اذا صودرت.ويرسو الاسطول الامريكي الذي تحتشد سفنه تأهباً لحرب ضد العراق في المياه الدولية بالقرب من المياه الاقليمية العراقية، ويبلغ طول الساحل العراقي على الخليج 15 كيلومترا فقط.
ويقول مهربون انه رغم ان قوارب ايرانية كثفت دورياتها بحثاً عن سفن تقوم بتهريب النفط العراقي فان الايرانيين يمثلون نسبة كبيرة من الوسطاء.
وتبلغ نسبة احتمال المصادرة 70 في المئة في الرحلة الواحدة بالمقارنة مع عشرة في المئة قبل ان تحشد بريطانيا والولايات المتحدة مزيداً من السفن الحربية في الخليج قبل شهور قليلة حسبما قال خالد.
واضاف قائلا «الايرانيون لا يعرفون الرحمة، ولكن تكفيني رحلة واحدة لأربح ثروة، ولكن المكسب يغري دائماً بإعادة الكرة، ولذلك من المفيد امتلاك اكثر من سفينة».
ويسود البصرة جو من الحرمان وان كان بناء السفن احد مؤشرات قليلة للنشاط الاقتصادي في المدينة حيث لا تزال مبان كثيرة تحمل ثقوب طلقات المدافع الرشاشة.
والمدينة محاطة بآبار النفط بيد أن اغلب السكان وعددهم مليوناً نسمة وهم من الشيعة يعانون من الفقر والحرمان.
واشتهر ميناء البصرة في الماضي بأنه المحطة الرئيسية لاستيراد التوابل من الهند وتصدير الجلود والتمور ولكنه اغلق منذ الحرب العراقية/الايرانية التي استمرت من 1980 الى 1988.ويقول بحارة ان الرسوبيات ارتفعت عند التقاء شط العرب بالخليج مما قلل من حركة السفن الكبيرة التي تحولت الى ام القصر بخر الزبير.
قال أحد السكان «في السبعينات كانت البصرة خلية تعج بالنشاط مثل دبي حالياً».
|