كثير منا لا يسأل نفسه قبل ان يسأل غيره ولا يحاسبها المحاسبة الدقيقة التي تجعله يأمن المخاطر ويثق من تصرفاته وآماله وما تطمح اليه نفسه البشرية صغيرها وكبيرها جلها ودقيقها بل ويتعدى ذلك بحيث تراه لا يهتم لنفسه وحياته الاهتمام الذي يوليه لغيره من البشر وتراه يجزل له في اهداء النصائح المخلصة لسواه عن صادق نية طبعا وهو لا يدري انه واقع في الفخ وان ما ينصح به واقع في شراكه.
ليتنا نتدبر أنفسنا بإحساس وادراك عميقين ونعتني بصحتنا وننقيها كل ما يشوبها او يعتريها من اعتلال ليكون كل منا عضوا صالحا عاملا نافعا مستصحا في مجتمعه وليصبح قدوة حسنة لغيره من البشر لاقتفاء اثره من بعده الى ان يصبح الجميع على مستوى كبير من الوقاية والمنعة متمتعين بصحة اجسامهم والحفاظ عليها، ومن ذلك المنطلق نحرز الثقة بأنفسنا، وقد نفعنا غيرنا وجنبناهم الكثير من المخاوف ووفرنا عليهم بعض العناء من الاسئلة والاستفسارات التقليدية التي لا تفارق الشفاه اذ لا يلقى امرؤ صاحبه الا سأله كيف صحتك.. ذلك لأن الصحة هي رأس المال الذي لا غنى عنه لحي. وهي التي لا يجد المرء شيئا يعوضه عنها اذا فقدها وعلى الرغم من شعور كل امرىء بأهمية «الصحة» يسأل عنها غيره في كل وقت وفي كل مناسبة وفي كل لقاء.. فإن كثيرا من الناس الذين يسألون غيرهم عن صحتهم لا يبالون ان يسألوا انفسهم هذا السؤال او بتعبير آخر لا يراعون في سلوك حياتهم ما يقتضيه عرفان قدر الصحة والسؤال عنها في كل مناسبة وفي كل آن.. حقا ان كل انسان يهتم بصحته ولكن في غالب الاحيان لا يهتم بها الا في حالة واحدة هي حالة المرض.
حين تقع الفأس على الرأس كما يقول المثل الدارج.. فأما غير حالة المرض فالكثير من الناس لا يبالون كأنما «صحتهم» في مأمن من الطوارىء او كأنما الصحة حالة لا تتأثر بسلوك صاحبها او كأنما هذه الصحة شيء لا يهتم به الا في المرض وحده. طبيب نفسه هو الذي يعتني بصحته وهو في ابان صحته فإن لم يفعل اضطرته الايام الى ان يستعين بغيره من الاطباء لينجدوه.. وكثير ممن يستنجدون لم يكونوا في حاجة الى نجدة لو لم يكونوا في حاجة الى نجدة لو أحسنوا القيام على شؤون انفسهم وتنكبوا عما يضر بصحتهم وتفطنوا الى ما عسى ان يطرأ عليهم من علل وامراض فليت الكثير منا يسألون انفسهم كيف الصحة بدلا من ان يسألوا من يلقونه كيف صحتك.. وصدق المثل اذ يقول «فتش في دارك قبل جارك».
من المشكلات الاجتماعية:
امر لا يختلف فيه اثنان هو ان النفاق يسبب التفرقة والعزلة ويسيء الى الغير في علاقته مع مجتمعه والنفاق خصلة رذيلة ودنيئة ووسيلة حقيرة يلجأ إليها بعض البشر من ذوي الضمائر الميتة وضعاف العقول من الذين يحسون بمركب النقص لديهم فيلجأون الى سد فراغه بأسلوب النفاق الزائف والتملق يعتقدون بأنفسهم ويخدعون غيرهم. ان سلوكهم هذا الطريق انما يحقق لهم مزيدا مما يريدون غير مبالين بالشماتة التي تلحق بهم ونتائجها وبما ينتج عن عملهم من تفكك للعلاقات البشرية وزرع بذور الشر في طريق تماسك هذه العلاقات وتعاونها ونمائها بما يحقق الخير كل الخير للبشر ولامة محمد صلى الله عليه وسلم.
ولا شك ان المنافق سينكشف في يوم ما بعد ان تنكشف اساليبه سواء بطريق مباشر او غير مباشر وتتضح بجلاء نواياه وما يسببه من الفرقة والنزاع. سينكشف في يوم ما بعد ان تنكشف أساليبه سواء بطريق مباشر او غير مباشر ويتضح بجلاء نواياه وما يسببه من الفرقة والنزاع فيعملون على نبذه منهم والابتعاد عنه ما امكن ويصبح بعد ذلك موضع نفور واستهزاء وسخرية من مجتمعه وليته ينظر لنفسه ويقارن بين ماضيه وحاضره.
قال ابن عروة «لأن يكون لي نصف وجه ونصف لسان على ما فيهما من قبح المنظر وعجز المخبر احب اليَّ من ان اكون ذا وجهين وذا لسانين وذا قولين مختلفين.
وقال الشاعر:
خلق النفاق لأهله
وعليك فالتمس الطريقا
وارغب بنفسك أن ترى
إلا عدواً او صديقا
|
المظاهر:
دعي الاعمش احد حكماء العرب الى عرس، فلما ذهب بثيابه العادية رده الحاجب فعاد الى بيته فلبس ملابس ثمينة فلما رآه الحاجب أذن له بالدخول فدخل وجاءوا بالمائدة فمدَّ كمه وقال: كل يا كمي، فإنما أنت الذي دعيت ولست أنا.
|