* بغداد - د. حميد عبدالله:
حين يتسلق ضابط في بلدان العالم الثالث إلى سدة الحكم عبر ثورة أو انقلاب فان الضباط الذين هم اكبر منه رتبة أو أقدم منه مسلكا في الجيش يكون مصيرهم إما الطرد وإما الإحالة على المعاش في أحسن الأحوال لكي لا تتعارض رتبهم مع رتبة الرئيس، وهكذا كان الحال في العراق بعد ثورة 14 تموز 1958، حيث احال عبدالكريم قاسم جميع الضباط الذين هم أقدم منه رتبة على التقاعد، ومن بين الذين شملهم هذا القرار العميد الركن ناظم حمدي نادر الذي اصبح خلال مسيرته العسكرية آمراً لثلاثة رؤساء حكموا العراق هم: عبدالكريم قاسم وعبدالسلام عارف وعبدالرحمن عارف.
العميد الركن ناظم حمدي نادر من مواليد 1917 وقد التحق في الكلية العسكرية عام 1934 وتخرج فيها عام 1936 وعمل 22 عاماً في صنف المدفعية العراقية ثم أحيل على التقاعد بعد ثورة 14 تموز 1958 لتعارض قدمه مع الزعيم عبدالكريم قاسم.
ورغم بلوغه السادسة والثمانين من العمر إلا انه مازال يتمتع بلياقة ذهنية وبدنية عالية حيث يرفض استقبال ضيوفه الا وهو كامل أناقته، فيما ظلت ذاكرته متوهجة بأحداث لا تُنسى.
يقول الجنرال المتقاعد ناظم حمدي انه عاقب الرئيس العراقي الأسبق عبدالسلام عارف يوم كان الأخير ضابطا بإمرة ناظم حمدي حيث ورد في إضبارة عبدالسلام عارف انه عوقِبَ بثلاثة أيام قطع راتب وفق المادة 139 من قانون العقوبات العسكرية العراقي لإهماله في الواجب، وكان عبدالسلام في حينها برتبة رئيس (نقيب) وكان آمر الضبط (أي الضابط الذي أوقع العقوبة) هو المقدم الركن ناظم حمدي.
أما عبدالكريم قاسم فقد اشترك في تمرين عسكري في منطقة الحبانية بإمرة العميد الركن ناظم حمدي وكذلك الرئيس عبدالرحمن عارف الذي تسلم الحكم في العراق بعد مقتل أخيه عبدالسلام عارف فقد عمل بإمره ناظم حمدي يوم كان عارف برتبة رئيس اول (رائد).ومن بين الضباط الذين عملوا بإمرة ناظم حمدي العقيد الركن عبدالوهاب الشواف الذي قاد حركة عسكرية ضد عبدالكريم في مدينة الموصل أُحبطت في ساعاتها الأولي عام 1959، وكذلك الفريق الأول الركن عبدالجبار شنشل وزير الدولة للشؤون العسكرية في العراق حاليا الذي عمل بإمرة ناظم حمدي يوم كان العقيد الركن.
يقول سجل المحارب العراقي المتقاعد ناظم حمدي انه اشترك في معركة جنين وأم الفحم خلال الحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948، وفي معركة الحبانية أو ما يطلق عليها (سن الذبان) بين الجيش العراقي والجيش البريطاني عام 1941.
ثمانية عقود ونيف من السنوات في خدمة الجيش وما تلاها لم تمنع المحارب القديم من التطوع في جيش القدس الذي أمر بتشكيله الرئيس العراقي صدام حسين، حيث تولى الجنرال حمدي تدريب مجاميع كبيرة من جيش القدس ليعطيهم خلاصة تجربته وليعود آمر الرؤساء جنديا بعد 45 عاما من التقاعد.
|