Wednesday 5th march,2003 11115العدد الاربعاء 2 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
صرقعة نعاله
عبدالله بن بخيت

لم يؤثر عن أبي عبدالعزيز أنه لبس كنادر في حياته. جاب حارات الرياض وأزقتها القديمة حافيا حتى بلغ السادسة عشرة من عمره كان يدقها برجليه من بيتهم الواقع في حلة البازمي إلى سوق العلف في دخنة حافيا حتى في عز الظهر في شهر أغسطس حاول والده وأقرباؤه حثه على لبس النعال وليس بالضرورة كنادر ولكنه رفض. لم يكن الأمر تمردا ولم يكن الأمر رفضا احتجاجياً ولكنه لا يستطيع، هكذا ببساطة حتى الأستاذ منير استاذ التربية الفنية القاسي الذي كان يضرب الطلاب بسبب وبدون سبب لم يستطع أن يجعل النعال جزءاً من حياة أبي عبدالعزيز. أمام سطوة هذا الأستاذ القاسي اضطر (أبوعبدالعزيز) أن يقبل لبس النعال في حصته فقط أي مدة ساعة إلا ربعاً في اليوم أو أقل إذا حسبنا عدد حصص التربية الفنية والغياب والجمع. كان يحتفظ بالنعال في الشنطة حتى يصل إلى المدرسة وقبل الدخول يضعها في رجله خشية ان يصادف الأستاذ منير ثم يخلعها بعد أن يطمئن. لم يعتمد النعال كجزء من ملابسه الأساسية إلا بعد أن التحق بالوظيفة. كان يرد على زوجته أنه يتضايق من لبس النعال لأنه يحس أنه يلبس نعلين في نفس الوقت.
عبر سنوات التكوين تشكلت تحت قدميه طبقة غليظة أقوى من أي نعال أو كنادر. نعال مبنية من خلايا إنسانية متصلبة محشوة بما يلتصق في باطن القدم من خشاش الأرض. في إحدى المرات كان أبو عبدالعزيز (قبل أن يعرف بأبي عبدالعزيز) جالسا ممددا رجليه أمام منزلهم يتدارس مع بعض الأصدقاء حقيقة نزول الإنسان على القمر. فالعالم بين مصدق ومكذب. وأبوعبدالعزيز لم ير أي سبب للتكذيب. لا يعرف أحد من أين جاءته تلك القناعة العلمية المتطورة. فقد قال شيخ أن هؤلاء نزلوا على جبل طوير وليس على سطح القمر. ومنذ ذلك التصريح والناس تكذب ادعاءات الأمريكان وتصدق قول الشيخ إلا أبو عبدالعزيز الذي أعتمد رواية الأمريكان. وأكدا الشيخ نظريته بالتشابه الكبير بين جغرافية طوير وأرض القمر. كان يقول أن جبل طوير يشبه تمام الشبه أرض القمر وهذا ما جعل الأمريكان يعمهون في جهلهم. لم يسأل أحد الشيخ أين موقع جبل طوير وكيف رآه دون الآخرين. حتى أبو عبدالعزيز لم يسأل اين يوجد جبل طوير. كان ينفي أن الأمريكان نزلوا في جبل طوير. مما يوحي أن أبو عبدالعزيز كان يعرف أين يقع جبل طوير ايضا. انقسم الناس بين من يرى أن الأمريكان نزلوا على القمر ومن يرى أن الأمريكان نزلوا في جبل طوير. كانت الغالبية تؤيد رأي الشيخ بلا تردد. وقد تواتر عن الشيخ بعض الأوصاف العامة لطبوغرافية جبل طوير كما شاهدها الناس في الصور التي بثتها وكالة ناسا عما يدعيه الأمريكان بأنه القمر. رغم أن المرء سيظن من الوهلة الأولى. أن سطح جبل طوير رملي إلا أن الشيخ أكد آن تحت تلك الغلالة الرقيقة من الرمل يقع كثير من الشوك والصخور الصغيرة الحادة مدللا على كلامه بنوعية الكنادر التي يلبسها رواد الفضاء وهم يجوبون طوير أو القمر كما يزعم الأمريكان.
لتأكيد خلافه مع رأي الشيخ أكد أبو عبدالعزيز أنه على استعداد أن يسير على سطح جبل طوير أو سطح القمر حافياً. وقد لفت هذا الرأي المتطرف والذي يتعارض مع الرأي العلمي الذي أقره الشيخ انتباه الجالسين إلى خصوصية قدمي (أبو عبدالعزيز). فأطل احد الجالسين وتفحص باطن قدم (أبو عبدالعزيز) ولاحظ شيئا مكورا ذهبي اللون يكاد أن يختفي تحت طبقة من اللحم الأشهب. حاول أبو عبدالعزيز انتزاعه بظفره دون جدوى وبعد مداولات أحضر شقيق (أبو عبدالعزيز) قمر صلصه وقشعه. فتبين أنه قمر مركي. من مسامير المراكي ذات الرؤوس الذهبية الكبيرة. بعد هذه اللقيا المميزة سعى الجميع للكشف عن محتويات باطن قدمي (أبو عبدالعزيز): مسامير صغيرة وبقايا عظام وشظايا أعواد الخ.
كل ما في (أبو عبدالعزيز) يوحي انه خلق مديراً عدا انه يمشي حافياً. عندما ذهب إلى ديوان الخدمة بعد ان نال الشهادة الابتدائية لتقديم طلب الوظيفة اضطر أن يشتري نعالاً زبيرية واضطر ايضا ان يلبسها عند بوابه الديوان. كان هذا بعد ثلاث سنوات تقريبا من نزول أول إنسان على سطح القمر أو سطح طوير حسب نظرية الشيخ.
بغض النظر أين هبط الأمريكان (طوير أم القمر) ويكفيهم فخرا أن الشيخ عندما كذبهم في مسألة الهبوط على القمر لم يقلل من عظمة الإنجاز في أشارة واضحة إلى صعوبة الوصول إلى سطح طوير. وقد حث الشيخ الشباب على التعلم وخدمة أمتهم لكي نلحق بركب الأمم. كان أبو عبدالعزيز قد بلغ التاسعة عشرة وأصبح واحدا من هؤلاء الشباب (المحثوثين).
قضى أبو عبدالعزيز أربع سنوات في السنة السادس الابتدائية وحدها في صراع مرير مع مادة الحساب. وعندما فرجها الله لم يفكر أدنى تفكير في استكمال دراسته المتوسطة. بحساب بسيط (مع أن الحساب عدو أبو عبدالعزيز الأول) وجد ان مسألة إكمال الدراسة أمر مستحيل إلا إذا قرر أن يبقى على مقاعد الدراسة حتى بلوغه الستين. الدراسة على كل حال ليست كل شيء. فالشيخ صاحب نظرية طوير لا يحمل أي شهادة ومع ذلك يقارع الأمريكان الحجة بالحجة. فإذا كان العلم يأخذ أصحابه إلى القمر فالعمل في الوظيفة الحكومية سيأخذه إلى طوير.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved