شغلت العلاقة بين النفط والحالة الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية تفكير العديد من الباحثين والمهتمين ومتخذي القرار، ولا يكاد يمر يوم دون ان يكون هناك كتاب أو مقالة أو بحث يناقش هذا الموضوع، وحفلت كتب الاقتصاد وبخاصة المنهجية منها بالنقاشات والدراسات التي تعزز هذه العلاقة وترسخها في أذهان الدارسين مثلما ترسخ الحقائق الاقتصادية، حتى أصبح النفط والاقتصاد الأمريكي شيئين متلازمين لا يذكر أحدهما إلا ويتبادر الى الذهن الآخر.
وفي هذا الاطار فقد توصلت مجموعة من الدراسات التي أجريت حول تأثير ارتفاع أسعار النفط على أداء الاقتصاد الأمريكي الى ان زيادة أسعار النفط في عامي 1973م - 1974م وعامي 1979م - 1980م وعام 1990م أدت الى دخول الاقتصاد الأمريكي في ركود اقتصادي.
وتوقعت احدى الدراسات ان الزيادة في أسعار النفط التي حدثت في عامي 1979م-1980م عقب الثورة الايرانية أدت الى انخفاض الانتاج في الاقتصاد الأمريكي بنسبة 7 ،5% بافتراض ثبات الكميات المستخدمة من رأس المال والعمل.
ولاشك ان هذا الرقم في حال كونه دقيقاً- يعطي دلالة واضحة على مدى تأثر الأنشطة الاقتصادية والصناعات الأمريكية بأسعار النفط. ويمتد تأثير ارتفاع أسعار النفط ليشمل مستويات الدخول الحقيقية ومعدلات البطالة. إذ إن زيادة أسعار النفط تجعل المنشآت تخفض من استخدامها له، مما يؤدي الى تدني الانتاج وانخفاض الطلب على العمل حتما. والنتيجة الطبيعية لهذا زيادة أعداد العاطلين عن العمل وانخفاض الأجور الحقيقية خاصة وان زيادة أسعار النفط ستؤدي الى زيادة أسعار المنتجات ففي كل مرة زادت فيها أسعار النفط انخفضت الأجور الحقيقية في الولايات المتحدة الأمريكية. فقد انخفضت بنسبة 5% بين عامي 1973م و1975م، وبنسبة 8% بين عامي 1978م و1981م، وبنسبة 2% بين عامي 1989م و1991م.
ومن المحتمل ان تكون هذه الدراسات وأمثالها، والتركيز المستمر على كون النفط ذي تأثير بالغ على الحياة الاقتصادية، وأن تأثيره لا يقتصر على الشركات والمنشآت بل إنه يطال الأسر والأفراد قد ولدت قناعات لدى بعض متخذي القرار وجمهور الناس في الولايات المتحدة الأمريكية بأنه يجب أن تكون القرارات المتعلقة بالنفط وأسعاره شأنا أمريكيا داخليا بغض النظر عن مكان تواجده.
(*) قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية - جامعة الإمام محمد بن سعود
|