* الجزائر الوكالات:
قال الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي قوبل باستقبال حار في الجزائر بعد نحو 40 عاماً من حرب التحرير الجزائرية ان الما ضي المؤلم لا بد ان يفسح المجال للمصالحة.
ويعتبر الجانبان زيارة الرئيس الفرنسي تنفيساً عن الآلام التي نتجت عن الحرب التي دارت رحاها بين عام 1954 و1962 وحصلت بعدها الجزائر على الاستقلال بعد 132 عاماً من الحكم الفرنسي.
وقال شيراك امام البرلمان الجزائري «علينا الا ننسى او ننكر هذا الماضي المعقد والمؤلم».
وساق شيراك مقولة الكاتب الفرنسي مارسيل بروست «بعض الذكريات مثل الاصدقاء.. يعرفون كيف يحققون المصالحة».واضاف «بلدانا يداويان جراح الماضي ولكن عهداً جديداً يبدأ، يمد الجزائريون والفرنسيون يد الصداقة من على جانبي البحر المتوسط».
وقوبل شيراك وهو اول رئيس فرنسي يقوم بزيارة دولة للجزائر منذ عام 1962 باستقبال حافل الاحد الماضي حيث خرج لاستقباله نحو نصف مليون مواطن في شوارع العاصمة الجزائر.
وقال الصحفيون الفرنسيون الذين يرافقونه انه لم يلق مثل هذه الحفاوة من قبل في أي من زياراته خارج البلاد منذ توليه رئاسة فرنسا في عام 1995.
وقال شيراك «70 عاماً» الذي كان ضابطاً برتبة لفتنانت في الجيش الفرنسي في الجزائر خلال الحرب ان زيارته التي تستمر ثلاثة ايام ستفتح «فصلاً جديداً في تاريخنا المشترك، فصلاً من الثقة والاجلال والاحترام المتبادل والتضامن» بين البلدين.
وفضلا ًعن سعيه لإصلاح العلاقات التي شابها كثير من المشاكل مع الجزائر تمسك الزعيم الفرنسي بموقف بلاده المعارض للحرب ضد العراق والذي كان سبباً في توتر عميق للعلاقات بين باريس وواشنطن ولكنه لقي ترحيباً كبيراً في الدول العربية الاسلامية بما فيها الجزائر.
ومع تأكيده معارضته القوية للحرب ولأي قرار من الأمم المتحدة يسمح باستخدام القوة ضد بغداد دعا شيراك العراق الى تكثيف تعاونه مع مفتشي الاسلحة.
وقال الرئيس الفرنسي في مؤتمر صحفي «نحن نعارض أي قرار يفوض بصورة أو أخرى باستخدام القوة».
لكن الحديث في الجزائر كان كله يدور عن اقامة علاقات جديدة اقوى بين البلدين.
وكانت بعض صيحات «لا للحرب» قد تعالت بين مئات الآلاف من الجزائرين الذين احتشدوا لاستقبال شيراك، لكن هتافات اخرى غلبت عليا قال مرددوها «شيراك.. انت واحد منا» و«تأشيرات.. تأشيرات».ولكثير من الجزائريين أقارب أو أصدقاء في فرنسا حيث يعيش مليونان من المنحدرين من أصل جزائري ويعتبرون تأشيرة الدخول الى فرنسا تذكرة الى حياة افضل بعيداً عن الفقر والبطالة التي يعاني منها 30 في المئة المواطنين البالغ عددهم 30 مليونا في الجزائر.
ودعا شيراك الجزائر في كلمته امام البرلمان الى تسهيل زيارة «كل من يرغب من افراد الشعب الفرنسي في رؤية وطنهم او وطن اسلافهم».
وكان الرئيس الفرنسي يشير بذلك الى الجزائريين الذين حاربوا في صفوف القوات الفرنسية اثناء حرب الاستقلال ويطلق عليهم اسم «الحركيين»، ولم يستطع مغادرة الجزائر من هؤلاء عام 1960 سوى 20 الفاً ثم رحل كثيرون آخرون منهم بعد ذلك لكن فرنسا رفضت منحهم جنسيتها.
ووقع شيراك ومضيفه الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة «إعلان الجزائر» بهدف اعطاء دفعة للعلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين البلدين.
وشجعت الحكومة في باريس الشركات الفرنسية على زيادة الاستثمار في الجزائر ويرافق شيراك في زيارته رؤساء عدد من كبرى الشركات الفرنسية مثل توتال فينا الف وايرباص.
وكان كثير من الشركات الغربية قد اوقفت عملها في الجزائر في التسعينيات في ذروة تمرد الجماعات المسلحة الذي راح ضحيته بين مئة الف و150 الف قتيل معظمهم من المدنيين.
وتراجعت حوادث القتل الى حد كبير رغم استمرارها واصبحت العاصمة الجزائر والمدن الرئيسية تعتبر آمنة بصفة عامة.
|