حذر خبير الاستراتيجية العسكرية في القرن التاسع عشر كارل فون كلاوسفيتز القادة بضرورة الحذر من قوة الاحداث المتلاحقة بما يعني انه من السهل الافراط في رد الفعل على الاخبار اليومية وربما تكون تلك نصيحة جيدة لكل أمريكي هذه الايام ومع ذلك فان الحذر من الافراط في رد الفعل لايعني تجاهله. ويؤكد مارك جوبين خبير حل الصراعات في كلية فليتشر بجامعة تفتس ان الشيء المهم هنا يكمن في السعي لاتخاذ الاجراءات الوقائية والحياة بشكل طبيعي واعتقد انه من الافضل القيام بذلك وفي بعض الحالات لم تكن بعض التهديدات التي سمع عنها الرأي العام الأمريكي جديدة تماما كما قيل ، فان ترتيب جدول جلسات استماع الكونجرس اعطى لقادة مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية منتديات متعددة للتأكيد من خلالها على وجهات نظرهم بشأن المخاطرالتي تشكلها كوريا الشمالية وتنظيم القاعدة ضمن مخاطر اخرى .
الخطر الحقيق
وعلى سبيل المثال حذرت اجهزة المخابرات الامريكية منذ سنوات من احتمالات اقدام كوريا الشمالية على اجراء تجارب على صاروخ «تايبو دونج 2» الباليستى ونشره بما لهذا الصاروخ من قدرة على عبور القارات.
ان الحديث عن قدرة الصاروخ على ضرب كاليفورنيا واماكن اخرى في الولايات المتحدة على الساحل الغربي - حسبما قال مدير المخابرات الامريكية جورج تينيت يكشف عن الوجه الحقيقي لهذا الخطر.
يقول تينيت ان كوريا الشمالية اندفعت مؤخراً إلى تطوير السلاح النووي ووصف هذا الوضع بأنه زيادة سريعة ومفاجئة في الرغبة في حيازة الاسلحةالنووية فبمجرد ادراك بعض الدول ان دولا تنتمي إلى اقليمها تحوز هذه الاسلحة عندئذ تستولى عليها هي الاخرى الرغبة في امتلاك هذا السلاح. يشير تينيت إلى ان نظرية الدومينو التي سادت في القرن الحادي والعشرين قد تصبح ذات طابع نووي.
الا ان ما لم يقله تينيت هو ان رد الفعل الأمريكي على الاجراءات التي اتخذتها كوريا الشمالية ربما تعزز هذا الاتجاه في ذاتها ان الولايات المتحدة تواجه بغضب العراق التي لا يوجد بها سلاح نووي فيما يبدو في الوقت الذي تتعامل فيه مع بيونج يانج - التي تمتلك على الارجح - السلاح النووي بحذر كبير.
اين الخطر؟
على المدى المتوسط والطويل فان الخطر الذى تمثله كوريا الشمالية على مصالح الولايات المتحدة لن يختلف عن خطرالعراق يقول مارك جوبين ان المشكلة مع كوريا الشمالية تكمن في عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاتها .
واعتقد انها تمثل تهديدا خطيرا الا ان ما شغل بال الامريكيين كثيرا كان تهديد تنظيم القاعدة وادى تحذير الحكومة للعائلات بضرورة اعداد غرف آمنة في منازلهم يمكن اغلاقها بأشرطة بلاستيك وملؤها بزجاجات المياه والغذاء إلى تدفق المواطنين على المحلات التجارية في بعض مناطق البلاد.
الاستعداد للخطر
و يبدو ان هناك اجماعاً على انه اذا تم توجيه تحذيرات مناسبة فان الأمريكيين ربما يحمون انفسهم لفترة من الوقت من هجوم كيماوي أو بيولوجي او مشع باستخدام هذه الوسائل وربما يكون الغرض الاساسي من هذا التحذير هو اعداد العقلية الامريكية لمواجهة التحديات القادمة.
يقول بروس هوفمان خبيرالارهاب في مؤسسة «راند» :
اعتقد انه يجب علينا ان نسيرعلى هذا النهج دائما لأن تلك هي الحقيقة في عالم اليوم.
يبدو انه تم احتواء الارهاب اقليميا خلال ازمة الخليج الاخيرة وهوما كان يثير القلق - بشكل اساسي - لدى اولئك الذين يعيشون في الشرق الاوسط او ربما في عواصم اوروبا.
ويقول هوفمان ان الادراك بأن خطر الارهاب اصبح عالميا اصاب قطاعات من المجتمع الأمريكي بالصدمة .
وفي الوقت نفسه لاتزال كوريا الشمالية تصعد من اجراءاتها وتبدو فرنسا والمانيا اكثر قلقا بشأن التهديد الذي يتعرض له النظام العالمي من جانب الولايات المتحدة وليس صدام حسين.
لقد كانت نهاية الحرب الباردة بمنزلة ازالة الجمود في التاريخ وليس نهايته.
خيبة أمل
يضيف هوفمان قائلا لقد فزنا بالحرب الباردة قبل اثني عشرعاما وكنا فى المقدمة والان لانعتقد اننا نشعر اننا في المقدمة بأي حال في الوقت الذي لاتبدو فيه الولايات المتحدة - على نحو متزايد - القوة الوحيدة في العالم بل هي هدفه الرئيسي وهو ما يغذي حالة القلق الوطني في رأي هوفمان. الذي يقول اننا نشهد هذه الايام حالة كبيرة من الفوضى وعدم وجود الكثير الذي يمكن ان نرضى عنه بشكل كامل .. اننا نرى تهديدات كثيرة في أماكن كثيرة وتهديدات عبر طيف الصراع بأسره.
* خدمة كريستيان ساينس مونيتور خاص ب «الجزيرة»
|