الكسل، هذا الداء العياء.. والمرض الناعم الخطير ما حل في أمة، إلا وقيد خطاها عن مسايرة الأمم الاخرى المحبة للحياة الراغبة في الخلود، المؤمنة بقدسية العمل الكريم.. ولا اعتنقه شعب - من هذه الشعوب التي تصطرع في سبيل البقاء على هذا الكوكب - الا استنام للراحة، وأخلد للركود، ليجد نفسه ذات يوم في مؤخرة الصفوف يجتر الآلام، ويندب الحظ، ويتأوه على الماضي..
الكسل.. هذه الثؤباء المعدية، ما دبت في مجتمع إلا وفككت أوصاله، وأوهنت من عزيمته، وقضت على كل عوامل الخير في أعماقه، ولا انتشرت في كيان الا وحدت في - ضراوة - من نشاطه، وأوصدت كل أبواب الرقي في وجهه.
أي الشعوب تصدر الصفوف في دنيا تصطرع بالعمل وتحيا بالأمل، وزاده في مسيرته كسل قاتل، ورغبة ملحة في راحة مميتة؟
أي أمة سطرت في صفحة الحياة، تاريخ مجد، وأشعلت في دنيا الكفاح مصباح خلود، وهي تنام على نغم كسول يخدر المشاعر، ويميت الأحاسيس.. وتستيقظ على لحن يتمطى سامعه، ويتثاءب المستنيم اليه؟
إننا - في هذا البلد - أمة ذات تاريخ مشرق بالمجد، متألق بالحضارة والمعرفة، وشعب له سابقة في دنيا الكفاح في سبيل خلود ما نزال نعيش على ذكرياته وعظمة شاد بنيانها رجال ما عرفت عقولهم الراحة، ولا رغبت أجسادهم في الاستنامة للكسل والاخلاد إليه.
ماذا كان السبيل إلى ارساء قواعد مجد جديد، أو المحافظة على مستوى مجد تالد العمل.. والعمل وحده، فلماذا نقف وقفة المتفرج على الدنيا من حولنا، وهي تضج بحركة البناء بأيد وطنية، في كل حركة منها بركة، وخير؟
لماذا يؤثر الدعة التي تقف بنا في أول الشوط، على المشقة التي تسير بنا كل الشوط الى الحياة الفضلى، والمتعة والسؤدد؟
لماذا نختار الأعمال الهينة اللينة التي لا تقوم، إلا باليسير من مستلزمات حياتنا، والقليل جداً من متطلباتها، على كل عمل فيه الكثير من الخير، والجزيل من السعادة؟
لماذا لا يكون فينا البناء.. والسباك، وعامل الخرسانة، والنجار.. كما هي في الأجانب اليوم على اختلاف أجناسهم في أرضنا؟
لماذا يؤثر الشاب فينا، أن يكون فراشا، أو قهوجياً، أو غير ذلك من أعمال الظل والكسل والراحة، ونتخلى عن أعمال المهارات المهنية المختلفة، يتعلمها الاجانب في بلدنا، ويأخذون بها مالنا؟
يا شباب بلادي.. لقد يسرت لكم - حكومتكم الرشيدة - ما لم تيسره حكومة أخرى لمواطنيها، من أسباب تتحقق بواسطتها مالكم، وتحققون أنتم بممارستها آمال أمتكم فيكم!
ويا أصدقائي.. في أمانة الكلمة.. ورصفائي في مهنة الحرف ادرسوا هذه الفكرة - وساهموا في شرحها والتوجيه الى قيمة الدعوة الى ما قصدت.. فكلكم مسؤول ومن منكم يتنصل من مسؤوليته؟
|