Tuesday 4th march,2003 11114العدد الثلاثاء 1 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بإيجاز بإيجاز

العمر معقباً على جاسر
التأجيل لا يعني أن الأمم المتحدة نجحت في إيقاف الحرب
سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفاءل كاتبنا جاسر الجاسر كثيرا بدور هيئة الأمم المتحدة بقوله ( نعم للأمم المتحدة دور .. وسيتأكد بقوة ) وكان ذلك عنوان رده في صفحة/ عزيزتي الجزيرة على تعقيبي المتواضع على مقالاته ضمن سلسلة ( كيف تمنع الحرب على العراق ..؟ ) ، ولقد تكرم كاتبنا الفاضل بتوضيح نقطة هامة يظن أنها فاتت علي نتيجة الاحباط المتراكم من دور الأمم المتحدة .. ويعتقد بأنني اقتنعت الآن بدور الأمم المتحدة الذي برز واضحا بعد جلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة التي شارك فيها عشرة وزراء خارجية حيث أدت كلمات فاروق الشرع وزير خارجية سوريا وكذلك نظرائه من فرنسا وروسيا والصين إلى تأجيل ماكانت تخطط اليه أمريكا وبريطانيا وإسبانيا في الحصول على تفويض أممي بشن حرب على العراق.. معتبرا أن تلك الجلسة العلنية تضمنت الكثير من الدول المهمة من ( الكبار ) تعارض هيمنة القطب الواحد وتسعى الى استعادة أدوارها من خلال تفعيل دور الأمم المتحدة.. وهذا التطور في موقف الأمم المتحدة يعتبره الاخ/ جاسر فرصة الخيار السلمي من خلال العمل الدبلوماسي وهذا جزء من الجديد الذي يجيب على تساؤلي في تعقيبي السابق!!..
ولعلي أتواصل مع كاتبنا الفاضل ببعض النقاط مشيدا برحابة صدره ومثمنا لجزيرتنا الغراء حرصها على تنامي الطرح الذي يصل بنا إلى ضالة المؤمن:
1 - الحيثيات التي أدت الى نشوء الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية ومصالح الدول المهيمنة التي سعت الى إنشائها في ذلك الوقت وكذلك سيرة أدائها حتى الآن أوجدت تراكمات من سوء الظن لدى الكثير منا تجاه هذا الجهاز منذ نشأته، وليس كما أشار كاتبنا الفاضل بأن رؤيتي للأمم المتحدة تأتي بعد الاحباط المتراكم من أدوارها المتراجعة..
2 - الواضح أن متابعة الأخ/ جاسر لدور الأمم المتحدة جعلته يستبشر بأنها استطاعت تأجيل الحرب!!.. وهذا التأجيل يا أخي لايعني إيقاف مشروع الحرب، فهو تكتيك مرحلي بسبب تزايد المعارضة العالمية على الحرب الذي زاد معه إصرار الادارة الأمريكية على موقفها، فإذا كان الرسميون البريطانيون يؤكدون عزم بريطانيا على شن الحرب مع أمريكا حتى ولو لم يصدر قرار بذلك فما بالك إذاً بالموقف الأمريكي الذي يسعى لخدمة مصالح واقتصاد أمريكا وتثبيت أمنها ومكانتها، وضرب صحوة الاسلام لعلمهم وجهل غالبيتنا - مع بالغ الأسف - أن الاسلام ممثل في الطائفة المنصورة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم يعتبر المصدر الوحيد الذي يغذي البصيرة لرؤية حقيقة ما وراء الأحداث بعين فاحصة يقظة، فالاسلام خطر قادم تهز مبادئه نظم الرأسمالية التي تتغذى على أموال ودماء الضعفاء ، ولقد أدرك ذلك بعض قادة الفكر الغربيين بقولهم «إن العفريت قد خرج من القمقم» وأعلن المسؤولون الأمريكان بدء الحروب الصليبية، وبدت من أفواههم ضرورة تجفيف المنابع، فبدأت اجتماعاتهم وتحركاتهم المتسارعة لرسم الخطط الماكرة والأهداف المريبة!!..
نعم لقد أشار(توني بلير) تحت تأثير الضغط الشعبي إلى أهمية دور الأمم المتحدة، وهذا لا يعني تغيير الموقف بقدر ماهو تأكيد لجعل الأمم المتحدة أداة لنزع الحرج عن وجه أمريكا التي ينبني قرار حربها على العراق على معيار الربح والخسارة وموقف الدول «الكبار».
3 - تأكيد الأخ/ جاسر بأن تأجيل أمريكا للحرب بسبب تأثير دول «كبار» في مجلس الأمن ، دلالة على أن الدور المؤثر في ذلك ليس عائدا للأمم المتحدة .. فلو افترضنا موافقة الدول «الكبار» فهل سيكون لموقف أكثر من خمسين دولة إسلامية وعربية ضد الحرب أثرا في تحييد قرار الأمم المتحدة؟! .. هذا ما أشك فيه بل أجزم بنفيه لأن هيئة الأمم المتحدة في ظل الهيمنة الصهيونية على مواقع التأثير فيها وفي الادارة الأمريكية أثبتت عبر الزمن أنها متوارية عن حسم قضايا ملتهبة منذ عشرات السنين كقضية فلسطين وكشمير والفلبين وغيرها ، بل إنها عاجزة عن تنفيذ قراراتها الصادرة بشأن هذه القضايا ، في حين يوكل اليها ظلما وزورا عملية الغطاء لسلخ إقليم تيمور الشرقية النصراني من دولة أندونيسيا المسلمة وفي زمن قياسي !!. ومما يؤكد دورها المغيب مجاراتها لأمريكا في نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية وسكوتها عن بقية الدول وعلى رأسها إسرائيل ربيبة أمريكا !!..
4 - ماذا يعني أن تحشد أمريكا زهاء ربع مليون جندي في منطقة الصراع مع تدجيج هذه الحشود بالأسلحة والتدريبات قبل صدور قرار بذلك من هيئة الأمم المتحدة ؟!! .. فهل سترجع هذه الحشود الضخمة في حال عدم إقرار الحرب من قبل الأمم المتحدة؟.. الهذا الحد بلغ بأمريكا الغباء؟.. أم أنه السطحية المتذاكية لرؤيتنا للأحداث؟.. ، لقد أكد «رامسفلد» بتحذيره للدروع البشرية وتحميل العراق مسؤولية ذلك عزم أمريكا على الغزو والتضحية بكل مايعترض طريقها.
5 - السكوت المطبق على شفتي الأمين العام للأمم المتحدة وغياب دوره أمام الحضور الأمريكي وتصريحات رئيسها نذير خطر بأن القرار الأمريكي يتبلور في الخفاء مداً وجزراً بسبب غنيمة الحرب الذي تطمع تركيا ومثيلاتها ببعض فتاتها، في حين تؤكد الدول «الكبار» على موقفها المعارض حرصا منها على اقتسام أكبر قدر ممكن من الكعكة التي تصر أمريكا على نصيب يفوق حصة الأسد.
أخيراً .. إن ما ينبغي على أمتنا قاطبة التيقظ الكامل وتقع على قادتها وبخاصة أهل العلم والفكر مسؤولية التوعية بأهمية معرفة كيد الأعداء وسبل دحرها، وأن النصر لايكون إلا بالنصرة لله ونشر حقائق الايمان والتمسك بها، والسعي الجاد لاستغلال كل مايحقق ذلك من وسائل وإمكانات حتى يتحقق الوعي الديني الذي يجعل الانسان ثابت الرأي في مواجهة الأحداث والمشكلات السياسية والفكرية فيحكم على الأشياء حكما صحيحا يوافق الفطرة السليمة فلا ينخدع بدعاوى أعداء الأمة الاسلامية وتضليل إعلامهم الذي يعتمد على قلب الحقائق، وبذلك يعذر العاملون الصادقون..«ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة». والسلام عليكم

عبدالله العمر /الرياض

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved