Tuesday 4th march,2003 11114العدد الثلاثاء 1 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

حلول مقترحة للحد من حوادث الإبل حلول مقترحة للحد من حوادث الإبل

قرأت ما كتبه الأخ صالح بن محمد العنزي في العدد «11094» تحت عنوان «الجمال السائبة مسؤولية» وما كتبه عن أخطارها وضرورة إبعادها عن الطريق.
وأود أن أقول تعليقاً على ما كتبه الأخ صالح إن مشكلة الجمال السائبة.. مشكلة أزلية.. فالإبل والجمال من أشهر حيوانات الجزيرة العربية.. أوجدها الخالق سبحانه وتعالى في هذه الصحاري الجافة والقاحلة.. لتكون مركباً ولحماً ولبناً وصوفاً.. تتحمل أقسى ظروف الحياة وتأكل الأشواك وتمشي فوق الرمال في جُمَّارة القيظ.. وجدت مع العربي في صحرائه.. يحدو معها حداءه المميز.. ويركبها.. ويحميها وتحميه.. جميلة الخلقة ممشوقة القوام.. تمخر عباب الصحاري فسميت سفينة الصحراء.. ويا للعجب فقد قيل إن شركة أرامكو السعودية قد فشلت في تصميم سيارات تمخر عباب الصحراء والرمال حيث تغوص جميع السيارات في بحار الرمال فشاهد أحد الخبراء آثار الجمال على الرمال وهي لم تغص فيها ففكر في ذلك.. ووجدوا أن الحل هو في زيادة سطح الإطارات «لاحظوا الفرق بين أظلاف الأغنام وأخفاف الإبل».. وبهذا نجحت الفكرة في هذه الناقلات الضخمة..!!
الإبل ثروة عرفتها جزيرة العرب منذ غابر الأزمان.. انظروا إلى شعراء المعلقات لا يبدؤون معلقاتهم إلا بوصف الإبل والمطايا.. ومن لم يذكرها في مطلع معلقته ذكرها في ثناياها خذوا مثالاً على ذلك طرفة بن العبد يصف ناقته:


صهابية العثنون موجدة القرى
بعيدة وخد الرِّجل موّارة اليد..

وقبل ذلك كانت هي ركوب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة على ناقته «القصواء» حتى بركت في مكان مسجد رسول الله حالياً.
حين نرى قطعان الإبل ترعى في صحاري جزيرة العرب وقفارها وسهولها.. بألوانها الزاهية «الملحاء - العفراء - الشعلاء».. نرى منظراً رائعاً وجميلاً أبدعته يد الخالق سبحانه وتعالى في تناغم مع ألوان الجبال.. وألوان كثبان الرمال. هذه الثروة الحيوانية من الإبل التي نستفيد من لحومها التي هي أطيب أنواع اللحوم وأقلها «كولسترول».. ومن ألبانها التي هي أطيب الألبان.. هي ثروة يجب المحافظة عليها وعدم التفريط بها، ولكن الملاحظ أخيراً أن هناك مجازر حقيقية للإبل السائبة على طرقنا.. هي ضحية هذه المواجهات مع السيارات.. مجازر ذهب ضحيتها البشر والجمال على حد سواء.. وحطمت السيارات في حرب ضروس بين الجمل والسيارة.. هي حرب مثل حرب داحس والغبراء.. بل أطول منها زمناً وربما أكثر منها ضحايا.. تقول دراسة قام بها فريق من الباحثين مكوناً من كلٍّ من الدكتور علي بن سعيد الغامدي رئيس اللجنة الوطنية لسلامة المرور والدكتور سعد بن عبدالرحمن القاضي والمهندس صالح بن عبدالرحمن العمرو والمهندس هذلول حسين الهذلول إن الحوادث التي وقعت منذ عام 1398هـ وحتى عام 1417هـ بلغ «7883 حادثاً». وأن حوادث صدم الإبل خلال الفترة من «1410هـ/1416هـ» أدت إلى وقوع «690 حالة وفاة» و«3530 إصابة» وإن هناك شخصاً واحداً يلقى حتفه من كل أربعة أشخاص في كل حادث، وإن التكلفة الإجمالية لحوادث الإبل منذ عام 1398هـ وحتى عام 1417هـ بلغ «200 مليون ريال» بما في ذلك الإبل النافقة وتكلفة الإصلاح للسيارات .
الحلول المقترحة للحد من حوادث الإبل..
لقد بذل فريق الدراسة هذا جهوداً موفقة في اقتراح الحلول للحد من حوادث الإبل السائبة.. وتابع ما قامت به الجهات العالمية في هذا الصدد ومن هذه الحلول:
1- لوحات تحذيرية للسائقين.
2- التوعية بمخاطر الإبل السائبة.
3- السياج على جانبي الطريق.
4- معابر الحيوانات السفلية والعلوية.
5- الصيانة الجيدة لحمى الطريق ويقصد بها تنظيف حمى الطريق من الحشائش التي ترعاها الإبل.
6- الإضاءة القوية للطريق.
7- طوارد الحيوانات الكيميائية وذلك برشها على الحشائش والمزروعات بجانبي الطريق.
8- المرايا والعواكس: والتي تعمل على عكس أنوار المركبات على جانبي الطريق لإخافة الإبل قبل وصول السيارات.
9- الصافرات العالية التردد وهي أجهزة تثبت على المركبات وعند اصطدام الهواء بها أثناء سير المركبة تصدر منها أصوات عالية التردد تعمل على إخافة الحيوان ودفعه للهروب بعيداً عن الطريق.
10- تخويف الحيوانات بالروائح وغيرها مثل رائحة بول الذئاب المعروف بالاسم التجاري «ولفين».
11- الأحزمة العاكسة للحيوانات: وهي عواكس منشورية ينعكس عليها الضوء ليلاً لرؤيتها من مسافات بعيدة «مثل عيون القطط».
وفي رأيي أن الحل الأنجع والأنجح لهذه المشكلة ما يلي:
1- فرض عقوبات صارمة على أصحاب الإبل السائبة.. لأنه بدون عقوبة فسيهملون إبلهم ويتركون «الدرعى ترعى».. بل الأدهى والأمر أنني أشاهد هذه الإبل في الطرق السريعة التي عليها سياج.. وبها مصائد لأخفاف الإبل عند المخارج.. إن العقوبة يجب أن تتمثل إما في مصادرة الإبل وبيعها والاستفادة من ثمنها لصيانة الطريق.. أو تغريم أصحابها.. أو سجنهم أو حتى جلدهم.. لأن ما قاموا به من استهتار بأرواح البشر هو مثل القتل العمد.
2- وضع السياج الواقي حول الطرق المفردة التي تكثر حولها المراعي كما هو معمول به في الطرق المزدوجة.. أو وضع «عقم ترابي حولها» ترك معابر محددة لهذه الإبل في بعض المناطق ويوضع قبل المعبر لوحة تحذيرية كبيرة بمقاس 2x2م وعليها صورة جمل وقبلها عيون قطط زرقاء اللون.
3- تجربة وضع المرايا والعواكس التي تخيف الإبل ليلاً.. مع أنني أعتقد أنه سيتم كسرها فوراً.
4- لا بد أن تقوم قوات أمن الطرق بدورها.. بحجز هذه الإبل وفرض عقوبات صارمة على أصحاب هذه الإبل السائبة.. ويا للعجب من أنني سمعت أنه حين يصدم أحد هذه الإبل فإن صاحبها يأتي فوراً وينزع «الوسم» منها ويغادر مسرح «الجريمة» ويا للعجب أيضاً حين رأيت هذه الإبل واقفة في الطريق وترعى حوله وفي حماه وصاحبها واقف «يتفرج» عليها..!!
وهناك صراع دائم بين السيارة والجمل.. ولكل من السيارة والجمل حجته وتبريره فالجمل يقول إن المراعي هي مراعيه ومراعي أجداده منذ الأزل.. وإن السيارة دخيلة عليه وهي المعتدية.. والسيارة تقول إنها قد كفته كثيراً من المشاكل وقامت بما يقوم به من أحمال.. وإليكم هذا الحوار بينهما «الجمل والطريق نيابة عن السيارة».
الطريق: ما هذا.. أنا أم أنتم أيها الجمال.. ما الذي أدخلكم إلى حماي..؟
الجمل: يا سلام..!! هذه مراعينا.. ومراعي آبائنا وأجدادنا.. من قالك لك أنت تأتي إلينا وتفسد علينا مراعينا..!!
الطريق: نحن نخدم الناس.. تمر عبرنا الشاحنات والمسافرون.. ووجودنا عبر مراعيكم للضرورة.. أما أنتم فيمكنكم الابتعاد عنها..!! ولا ضرورة لكم..
الجمل: ماذا قلت.. الابتعاد عنكم.. أي كلام هذا.. نحن الآن نتربص وننتظر أي سيارة تأتي عبر هذا الطريق لتكون صيداً ثميناً لنا..!! ثم ما هذا الاستفزاز لنا نحن «سفن الصحراء» ولماذا كل هذا التنكر لدورنا حين حملنا البضائع و الركاب على ظهورنا.. وعندما أتت السيارات والشاحنات صرنا لقمة سائغة لهذه السيارات تكسر أرجلنا.. وتقذف بنا على جنبات الطريق.. نحن نعرف كيف نبعدكم أنتم والسيارات والشاحنات عنا.. نظل.. نتربص بكم ونكون مجموعات «انتحارية» من الإبل حتى ترحلوا عنا وعن مراعينا..!!
الطريق: «خلِّ عنا الخرطي».. هل صحيح أن الإبل يتم إزالة وسمها من قبل أصحابها عند الاصطدام بها.. حتى لا يعرف صاحبها..!!
الجمل: ها.. ها.. «حلوه» هذي.. اسأل أمن الطرق «هم أبخص»..!!
الطريق: لا.. أنا أسأل من جدّ..!!
الجمل: لماذا لا تسأل من أب..!! ها.. ها..
الطريق: لا.. بعد جمل وخفيف دم.. أرجوك أخبرني «ولا تضيع السالفة»..
الجمل: إذا تبغى الصراحة.. أنا جرت على.. سبق.. أن صُدمت في الليل وانكسرت رجلي.. ثم جُبرت وبرأت.. المهم.. جاء صاحبي وانتزع الوسم مني لأنه جالس على بعد خطوات من الحادث «وعلى فكرة فإن أصحاب الإبل هم بالقرب منها أثناء حدوث الحوادث في الليل..!!».
الطريق: وهل أسعف صاحب الإبل الجرحى..!!
الجمل: ها.. ها.. أسعفهم.. «وينك فيه». لقد حاول أن يسلبهم.. وتركهم ينزفون ولم يناد لهم حتى أمن الطرق.. لأنه يعرف جريمته..!!
الطريق: وهل ترى في عقاب أصحابكم حلاً كافياً لهذه المشكلة..!؟
الجمل: هل أنت تحلم.. أين عقابهم.. إنهم يكافؤون.. وآه.. ليتك تدري كيف يكافؤون.. حين يرانا أمن الطرق بجانب الطريق.. يقومون بحجزنا واعلافنا وإذا حضر أصحابنا.. دفعوا قيمة علفنا وأخذونا.. «وبيني وبينك».. بعض أصحابنا يضعوننا بجانب الطرق بهدف حجزنا من أمن الطرق وإعلافنا.. فمن يحصل على هذه المكافأة..!!
الطريق: ما رأيكم في تشكيل لجنة من الإبل ووزارة المواصلات لحل هذا النزاع..؟
الجمل: ها.. ها.. لجنة.. يقولون إذا أردت إماتة الموضوع فأحله إلى «لجنة».. وماذا رأينا من اللجنة التي تم تشكيلها.. إلا أن ضحايانا تزداد يوما بعد يوم.. ندخل إلى الطرق ونحن لا نعلم عنها..
الطريق: تدخلون إلى الطرق وأنتم لا تعلمون عنها.. جميل.. إذاً الحل يأتي من وزارة المواصلات بوضع سياج حول الطرق المفردة والمزدوجة.
الجمل: سياج.. قال سياج.. إن هذا السياج يأتى رعاتنا ويقصونه بأيديهم..!!
الطريق: إذاً ما الحل..!!
الجمل: الحل.. يأتي من العقاب «فمن أمن العقوبة أساء الأدب»..!!
الطريق: وما العقوبة التي تقترحها..!!
الجمل: إن هذه الحوادث.. هي حوادث أهلكت أنفساً أكثر من حرب «داحس والغبراء».. ولا نهاية لها إلا بسجن رعاتنا إذا رآنا أمن الطرق بالقرب من الطرق.. أو حتى جلدهم أو سجنهم فالضحايا منا ومن البشر هي كالقتل العمد..!! نفذوا هذا الاقتراح قبل أن ننجح في تشكيل «لجنة» للمطالبة بإبعادكم أنتم وسياراتكم عن مراعينا.
الطريق: إذاً اتفقنا على سجن أو جلد أصحابكم وتغريمهم.. وإبعاد العقاب عنكم لأن لا علاقة لكم بهذه الحوادث..!!
م. عبدالعزيز السحيباني/ البدائع

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved