Tuesday 4th march,2003 11114العدد الثلاثاء 1 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

العنوسة ليست ذنب البنات! العنوسة ليست ذنب البنات!

كثيراً ما يتعجب الواحد منا من سطحية تغطية أحداث هامة تمس المجتمع، وتعتمد الأحداث في بعض الأحيان على استطلاع رأي فئات معينة من الناس، وتحت ظروف معينة مما يؤثر على صحة التغطية أو الدراسة أو البحث.
ونشرت الجزيرة تحقيقاً صحفياً حمل اتهاماً للبنات معنوناً ب«البنات بصوت واحد نرفض هذا الشاب» وعنوان جانبي حمل الكثير من الاتهام و التشفي «وبعد ذلك.. يشكين من العنوسة».
التحقيق الذي أعدته إحدى الأخوات كان هاما ولا يزال لأنه يمس الزواج والبنات ومشكلة العنوسة وهو موضوع حساس ودقيق جداً ولكن التغطية كانت قاصرة على أحد عشر رأياً فقط لرجال ونساء عبروا عن رأي لكل واحد منهم، وليس عن المجتمع ككل، لذلك أدهشني العنوان الذي جاء معمماً لوجهة نظر اثنين فقط من الفتيات اللاتي شملهن الاستطلاع، كما أن مقدمة التحقيق كانت أشد وطأة من العنوان حيث تقول «هل يمكن القول إن الفتيات أنفسهن، السبب الرئيسي وراء انتشار ظاهرة العنوسة.. الجواب جاء بنعم على لسان كثير من الفتيات.. الفتيات يحلمن بالزواج ربما من كواكب أخرى تتوفر فيهم الوسامة والمال والمركز، دون أدنى اعتبار لقدرته على تحمل المسؤولية وعبء تكوين أسرة، وقبل كل ذلك الأخلاق والتدين ومخافة الله».
نظراً لأن الموضوع كما قلت حساس ودقيق وعريض ومتعدد الأطراف، يصعب إحاطة الموضوع من كافة أطرافه وإيفاءه حقه الكافي من التغطية، ولذلك سأوجز في نقاط محددة توضح وجهة نظري الخاصة ولا أعممها على أحد.
1- يتصف المجتمع السعودي غالباً بصفة التدين، وبما أن المجتمع كذلك فلا بد أن المرأة السعودية التي هي جزء من مجتمعها تتصف بالتدين أيضاً، وبالتالي تتركز شروط هؤلاء على صفة التدين، بل قد تقتصر عليها، إلا أن التحقيق لم يشمل رأي أي واحدة منهن على الأقل من باب إحاطة الموضوع من كافة جوانبه أو حذف عبارة «الفتيات بصوت واحد» تحرياً للدقة.
2- تشترط بعض المراهقات والفتيات في سن الصبا والشباب زوجاً يحقق لهن شروطاً مبالغاً فيها كالمركز الاجتماعي والعمل الراقي والراتب العالي والوسامة كنوع من الدعاية لهن وإرضاء لغرور الأنثى في داخلهن وجرياً وراء التدليل والراحة، وهذا شعور طبيعي يبدأ بالتغير والتبدل عند معظم البنات - وليس جميعهن مع اكتمال النمو العقلي والنفسي وكذلك عند التقدم في العمر بلا زواج، مما يدفعهن للتنازل عن الكثير من شروطهن ليست التعجيزية فحسب إنما حتى المنطقية بغية تدارك العمر وتحقيق الفطرة في الاستقرار والزواج وبناء الأسرة وللهرب من العنوسة وسخط المجتع.
3- تتحكم العوامل الاجتماعية من عادات وتقاليد في اختيار زوج السعودية، فالعديد منهن يعانين حتى اليوم من عادة الحجز التي تربط البنت بابن عمها رغم أنفها، وأخريات يعانين من رفض أهاليهن للخاطب الذي يتقدم من خارج القبيلة أو العائلة، مما يحد من فرص الاختيار لديهن.
4- لا يزال بعض شبابنا يعيش أمجاد الطفرة في خياله ويحلم بالراتب العالي والوظيفة المكتبية المريحة ويرفض الوظائف المهنية والبسيطة. والمرأة من باب أولى بحكم أنوثتها وعاطفتها وتركيبها الفسيولوجي والنفسي تميل إلى التدليل والتفاخر، فلماذا نركز على نقاط ضعفها وننسى الرجل.
5- حتى رجالنا يتميزون بالتعالي ووضع شروط تعجيزية لا تجتمع في فتاه واحدة بعد الانفتاح على وسائل الفضائيات والإنترنت والسفر مما يحد من فرص زواجه، ومن ثم يلقي اللوم كالعادة على شماعة غلاء المهور.
6- لا يعكس التعليم العالي دائماً الرقي العقلي والفكري للرجل، فكم من رجل محدود التعليم إلا أنه وصل إلى أعلى المراتب والمناصب ببصيرته الثاقبة وحسن إدارته للأمور واستغلال فرص الحياة الشريفة مهما كانت متواضعة، وبالمقابل كم من أستاذ جامعي حصل على أعلى الشهادات ولا تتعدى نظرته للحياة أرنبة أنفه، ولا أعمم. لذلك لا أجد من وجهة نظري الخاصة أي داع لأن يقاس مستوى الرجل أو المرأة بالشهادة الجامعية وإن كانت تلعب دوراً هاماً أحياناً في الارتقاء بالمستوى المعيشي للأسرة، مما يحتم على الرجل محاولة تطوير نفسه والتسلح بمعارف العصر من دراسة وتعلم للغات وفهم لتطبيقات الكمبيوتر والإنترنت والاستفادة الصحيحة منها.
7- مرة أخرى أعود للتحقيق وأكرر على أن التحقيق جاء مناقضاً لعنوانه، حيث عبرت بعض الفتيات عن رغباتهن في الشاب الغني والمركز الاجتماعي والوظيفة المرموقة، وهذا شأنهن، فلكل واحدة حلمها الخاص، إلا أن التحقيق شمل أيضاً فتيات يهمهن الشاب الطموح المكافح الذي لا ينتظر دائماً الوظيفة التي تناسب شهادته الجامعية، وأيضاً شمل فتاة أخرى وقفت مع زوجها الذي بدأ بداية متواضعة وارتضت به زوجاً، ولم يهمها المال والوجاهة والمكانة الاجتماعية، ولم تحلم بشاب من كوكب آخر كما عممت الأخت صاحبة التحقيق. وكلنا يعلم أن المجتمع السعودي مجتمع لا يتصف أفراده بالغنى الفاحش ولا بالفقر المدقع فإذا اشترطت كل فتاة الصفات المذكورة في افتتاحية التحقيق فلن نجد على أرض المملكة متزوجين إلا الأغنياء، وهذا ليس صحيحا.
أخيراً.. تمنيت لو ا لتقت الأخت الفاضلة بفتيات من كافة الفئات كالمتدينات والمحافظات وذوات الشهادات العليا والمتوسطات التعليم والأميات والموظفات وربات البيوت وغيرهن، ليخرج التحقيق شاملاً لآراء الجميع بدل إصدار رأي موحد يتكلم بصفة عامة عن الجميع ظلماً ليلصق صفة السطحية والتعالي والتدليل على فتياتنا السعوديات.
والله من وراء القصد.

منيرة مهدي العنزي / الرياض

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved