حوادث الطيران في دول العالم الثالث لاتخرج عن ثلاثة مسببات وكلها تشير بالتحديد الى الخريطة الادارية وحجم الفساد والاهمال الذي يحيط بهذه الحوادث.
الاول وهو حوادث الطيران التي ترجع الى عطل فني في الطائرة والجميع يعرف أن الاقدار بيد الله لكن ايضا الصيانة الدورية والمتابعة والحرص على قوانين السلامة تؤدي دوراً مهماً في هذا الموضوع.
الثاني هو حوادث انفجار الطائرات العسكرية، وتلك الانفجارات تكون على الغالب في الدول ذات الطابع العسكري او الحكومات التي وصلت الى الحكم عبر الانقلابات العسكرية، وعندما يقرر فجأة الجنرال الاكبر التخلص من ضابط لحوح او مشاغب او يمتلك طموحا وحماسا لايعجب الجنرال الاكبر، عندها تكون حادثة انفجار الطائرة حل بريء تختفي تراجيديته خلف المشيئة الإلهية.
الثالث: حوادث الاختطاف وهي الزعيق العالي الذي تلجأ له بعض الجماعات في ظل افتقاد القنوات الطبيعية للصوت، وتحت حرقة الالسن المسروقة او المربوطة، هو نقل عمل عصابات الصعاليك من اعماق البلدية الى كبد الفضاء.
وحين كانت حوادث الاختطاف تتجاوز اجواء دول العالم الثالث، فالكوارث تتم غالباً عبر مختطفين قادمين من المناطق الملتهبة ابتداء من حوادث خطف الطائرات في مطار جنيف في السعبينات، انتهاء بحوادث الحادي عشر من سبتمبر.
هذا اذا كانت الطائرات في السماء فإذا انتقلت تلك الطائرات الى الارض فسرعان ماتتلقفها فوضى الحجوزات، وساعات التأخير الطويلة التي تأكل ارواح المسافرين وتتلاعب بجداولهم وخططهم، والسوق الشعبي العجيب الذي يهدر في مطارات دول العالم الثالث.
اذكر مرة كنت وزوجي في احدى تلك المطارات نقف في صف طويل للحصول على اذن الاركاب، ولاننا كنا نظن ان الفوضى واحتقار الصفوف وتجاوزها امر يحدث في مطارنا فقط، وكنا مثلنا مثل العديدين الذين يلتزمون بالنظام بعد مغادرة الحدود، فظللنا ملتزمين بالصف باستبسال نادر الى ان اكتشفنا بأن هناك صفوفاً اخذت تنمو حولنا ذات اليمين وذات الشمال وان حقائبنا بدأت تتقهقر الى الخلف بدلا من ان تتقدم نحو الموظف، عندها فقط عرفنا بأننا استعملنا الاسلوب الخاطئ واننا كنا out of place فواصلنا التقهقر الى الكفتيريا واسلمنا السائق الذي رافقنا طوال الرحلة حقائبنا ليبدأ هو بدوره معركته الخاصة، ويجلب لنا اذن الاركاب في الكفتيريا.
تحدي الجاذبية ومجاورة الطيور في الفضاء هو حلم البشرية الازلي، ولكن حين تمت ترجمته للعربية ظهر بصورة غريبة ومرعبة.
|