Tuesday 4th march,2003 11114العدد الثلاثاء 1 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
القافلة تسير
عبدالرحمن صالح العشماوي

حينما تنطلق القافلة مصحوبة بتخطيط واضح سليم، ومحفوفة برؤية صحيحة لما تسعى إليه من الغايات، وما يقابلها في طريقها من الصعوبات، متوكلة على الله عز وجل حقَّ التوكل، محروسة بيقين صادق، وفية حسنة، ودعاء خالص موجه إلى الذي يحيط بكل شيء، فإنها ستسير من نجاحٍ إلى نجاح، وستتجاوز بإذن الله كل الصعوبات التي قد تعترضها في مسيرتها المباركة، فإذا وفَّق الله أصحاب القافلة إلى معرفة أخطار الطريق، وإلى إدراك ما قد يقعون فيه من أخطاءٍ لا يسلم منها البشر، وسعوا إلى علاجها وصدقوا في التخلص منها، فإن خطوات القافلة ستكون ثابتة مهما هبت عليها الأعاصير. لكل قافلة تسير في هذه الحياة طموحات وغايات، وأساليب وأسباب تبذلها للوصول إلى تلك الغايات وتحقيق تلك الطموحات، وقواعد وتعليمات وضوابط ترجع إليها حينما تضطرب الأمور، وفي هذا الإطار لا بد من الإيجابيات والسلبيات، ولا بد من الخطأ والصواب، والقوة والضعف، وإنما تنجو القافلة بحسن قصد أصحابها، وسعة صدورهم لكل نقدأ أو توجيه أو نصيحة تنبه على خطأ وترشد إلى صواب، فهي بهذا التوجه تتجاوز كل الحواجز والسدود، وتستطيع أن تثبت أقدامها في الطريق، وأن تصنع لها مكانة قوية في هذا الوجود.
ومن المعلوم أن الحياة البشرية لا تخلو من المنغصات المادية والمعنوية، ولا تسلم مسيرة الناس فيها من مكيدة حاقد، أو حسد حاسد، أو مؤامرة مجرمٍ لا يعنيه إلا تحقيق ما يريده هو مهما كانت الإساءة إلى الآخرين وإنما يواجه عقلاء البشر هذه المنغصات بالعمل السليم، والثبات على المبدأ والصَّبر على الأذى، وقوَّة المواجهة لتلك المنغصات وأصحابها حينما تدعو الحاجة إلى ذلك، وهذا هو الفرق الكبير بين عقلاء البشر وجهلائهم، وهو فرقٌ مصيريٌ يتجلى في أوقات الأزمات حينما تحتاج الحياة إلى حكمة الحكيم، وحلم الحليم، وقوَّة إرادة الرجل أو الجماعة أو الأمَّة.
القافلة تسير.. نعم لا خوف عليها في مسيرتها الصحيحة المنطلقة من أسسٍ ثابتةٍ، ومبادئ راسخة، ولا خوف عليها في رحلتها إلى الثبات والاستقرار برؤية ثاقبة، وبصيرةٍ صافية، وعدلٍ شامل، وموضوعية لا تسمح بأساليب التهويل والتضليل، ولا ترضى بالشعارات الكاذبة، ولا تغفل عن الأخطاء والسلبيات غروراً واعتماداً على وجود الإيجابيات وجوانب الصواب، وتضخيماً لقيمة النفس يعمي العين عن رؤية العيب أو الخطأ.
القافلة تسير.. ولا تبالي بالمرجفين الذين يمتطون متون الشائعات الهوجاء، وينطلقون في دروب الأهواء، ويجعلون من الحبة قبَّة، ومن الفحمة تمرة، ومن الصغيرة كبيرة، ولا يرون إلا سواداً في سواد، وكأن الليل إذا عسعس لا يحمل في آفاقه نجوماً وكواكب وقمراً منيراً.
ولا تبالي بالأعداء الذين يتجاوزون الحدود في عدائهم، ويبالغون في سوء مواقفهم بما لا يتفق مع القوانين والسُّنن المتعارف عليها بين البشر الأسوياء حتى في مجالات الاختلاف والعداء.
القافلة تسير.. بالرغم من كل عدو حاقد يعيش خارجها، أو يندس داخلها لأنها متصلة بربها، حريصة على قيمها ومبادئها، ولأنَّها جديرةٌ بأن تعرف هي بنفسها ما لديها من سلبياتٍ وأخطاء وتجاوزات لا يمكن أن يسلم منها عمل بشريّ مهما كانت قدرة أصحابه وحرصهم، ثم تعمل بصدقٍ ووضوح على علاج تلك الأخطاء، وتجاوز تلك السلبيات، وفتح منافذ الرأي السليم الذي ينظر إلى الأمور كلها بمنظار موضوعي سليم من الأهواء والأغراض.
القافلة تسير.. تعبر دروب الحياة عبور من يعرف منعطفات الطريق، ويعرف الفرق بين نور الفجر، ولَمعَان البريقْ، ويرى ما أمامه من عقبات وما يحاك له من خُطَطٍ معادية ومؤامرات.
القافلة تسير وهي ترى بعيون بصائرها قيمتها ومبادئها، وتُبصر حقيقة ما في عصرها من مذاهب وأفكار واتجاهات، وما فيه من انحرافٍ عن جادَّة الطريق الصحيح الذي رسمه ربُّ العباد لنجاة العباد.
القافلة تسير.. إذا أدركتْ قيمة ما لديها من الحقِّ والخير والهدى لها وللناس أجمعين، وعلمتْ علمَ اليقين الذي يقوم على العمل أنَّ القافلة التي يستمسك أصحابها بالعروة الوثقى، ويُنشد حُداتُها أناشيد العزَّة والشموخ لا تخشى من إرجاف المرجفين.
كلماتٌ يمكن أن ننقشها على واجهة قافلة كبيرة تسمى: «الأمة الإسلامية»
إشارة:


يا أمة الحقِّ، فيكِ الخير، ما غرَبَتْ
شمسُ اليقين، ولا نَجْمُ الهُدَى غَرَبا

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved