منح الفرصة فضيلة.. إنه منزلة بين درجتين، بين عدم إفراط في المنع وانتفاء تفريط في المنح، إنه بالأحرى قبس استغلال المهارات بل قابس تفجير الطاقات ومنجم استثمار القدرات، فمنح الفرصة بالأصح هو (المشاركة الصحيحة).. ولمَ لا..؟! فكل ما هو (مشترك) من معترك الحياة حقه التنفيذ على أفضل ما يمكن وأحسن ما يرام وتلك غايات لا تتحقق ما لم يتم منح الآخرين كل الفرص المناسبة لقدراتهم.. لميولهم.. لرغباتهم لطموحاتهم.. كذلك فمنح الفرصة منح للثقة وذلك كفيل بدفع (الممنوح) إلى أن يسمو على ترهاته ويرتقي عن مستنقعات إنسانيته، فيتفوَّق بذلك على ذات وحينها يروم السعي الجاد نحو الإبداع فيما أوكل إليه من مهام ومسؤوليات.
إن منح الفرصة هو التفويض Delegation Power إن لم يكن هو بالأحرى تفويض التفويض، وهو بهذا المفهوم يتجاوز حدود الإدارة ومناطق الوظيفة من توزيع مهام وتفويض مسؤوليات..، ليشمل كل ما من شأنه تحفيز الإنسان ليبحث في محارات ذاته عن كوامن ودرر إبداعه وأسباب وشروط جودة إنتاجه.
إننا كثيراً ما نعايش منح الفرصة سماعاً وقليلاً ما نعيش منحها حقيقة، بمعنى أننا نلوكها لفظا..، نُنظّرها معنى..، نغربلها مبنى غير أننا نحجم عنها منحا.. تطبيقا على أرض الواقع المعيش، إن منح الفرصة منح لبوصلة البحث عن الحكمة، وموقع الحكمة ليس إلا في كيان الإنسان.. معه.. بحوزته.. حوله عن قرب.. حواليه ببعد قريب منه فقط طالما منح الفرصة للبحث عنها.. إن منح الفرصة منح للممنوح ليدير شؤون حياته وفق توقعات وأمنيات الغير، إنه إذن إدارة شؤون الحياة بالطريقة الأمثل تعاملا، إدارة، تربية، تعليما، تحفيزا، تنويرا، إبداعا وغير ذلك من مقومات الحياة.
إن منح الفرصة كذلك.. هو العفو عند المقدرة.. الارتقاء عن معاملة المثل حين القدرة.. إنه العدل.. بل هو الرحمة والرأفة.
فامنحوا من الفرص ما استطعتم.. لتمتحوا بمنحها من جوازيها ما يحول دون فواتها.
|