Tuesday 4th march,2003 11114العدد الثلاثاء 1 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شيء من المنطق شيء من المنطق
الاضطرابات النفسية والبطالة.. أيهما يسبب الآخر؟
د.مفرج بن سعد الحقباني(*)

خبر صحفي: انتحار شاب عاطل عن العمل، خبر آخر: جريمة بشعة تهز حي السويدي.. عاطل عن العمل يقتل زوجته وأخيه ويصيب آخر، وخبر صحفي آخر: شاب عاطل عن العمل يلقي بنفسه من على كبري للسيارات، مجموعة من الأخبار المفزعة التي تهز المجتمع في أحيان متفرقة وفي مناطق وأحياء متفرقة. وفي كل مرة نجد ان التبرير الأولي للجريمة يتمثل في الاضطرابات النفسية التي يعاني منها مرتكب الجريمة وفي كل مرة نجد ان مرتكب الجريمة لا يعمل في وظيفة رسمية في القطاعين العام أو الخاص ولكن هل تسببت البطالة في الاضطرابات النفسية ومن ثم في الجريمة؟! أم ان الاضطرابات النفسية هي السبب في بقاء مرتكب الجريمة عاطلا عن العمل وبالتالي هي السبب الرئيس وراء ارتكاب الجريمة؟
في اعتقادي انه من المهم في الوقت الذي تتزايد فيه الحالات الاجرامية التي يرتكبها المرضى النفسيون ان نبحث في الأسباب الحقيقية التي تقف وراء حدوث الاضطرابات النفسية عند مرتكبي الجريمة. وإذا كانت الاضطرابات النفسية مرتبطة بحالة خاصة كالبطالة، فإن من الواجب الوطني ان نسعى وراء تحديد اتجاه السببية بين البطالة من جهة والاضطرابات النفسية من جهة أخرى خاصة وان الاستمرار في تفسير الجرائم المرتكبة من خلال السعي وراء اثبات اصابة مرتكبها بالاضطرابات النفسية سيسهم في افقادنا للمعلومة السليمة التي تساعدنا على الربط بين الظواهر الاجرامية ومتغيراتها المختلفة وسيحرم المجتمع من المقدرة على صياغة الوصفة الوطنية اللازمة لمواجهة الجريمة ومكافحتها في المستقبل.
لقد ثبت بالدليل العلمي القاطع ان عدم حصول الشاب أو الشابة على فرصة عمل مناسبة يتسبب في تعريضه وتعريضها الى ضغوط اقتصادية ومجتمعية ربما تتسبب في اضطرابات نفسية خطيرة تؤثر في قناعات العاطل عن العمل وفي منطقية سلوكه العام. كما ان من الثابت عدم قدرة المضطرب نفسيا على التعامل السليم مع عناصر المجتمع الأخرى مما يعني امكانية عزوفه عن التواجد في أماكن العمل التي يتواجد فيها الأسوياء والذي يعني قبول فرضية تسبب الاضطرابات النفسية في البطالة وليس العكس. فإذا كان الاتجاهان ممكنين فإن واجبنا ان نحدد من خلال دراسة ملف الحالة أيهما يتوافق مع الواقع حتى نستطيع بالاضافة الى معرفة أسرار الجريمة اقتراح الاجراءات المستقبلية التي يسهم اتخاذها في الحد من ارتكاب الجريمة في المستقبل.
ونظراً لكون معظم الحوادث التي نطالعها ترتكب من قبل عاطلين عن العمل، فإنني أستميح القارىء الكريم عذراً في تجاوز مناهج البحث العلمي من خلال قبولي المبدئي للفرضية التالية: البطالة هي السبب وراء حدوث الاضطرابات النفسية التي تسببت في الجريمة وليس العكس. وبالتالي أرى ان السبيل الوحيد لمواجهة الجريمة ومكافحتها في المستقبل يتمثل في وعينا لخطورة استمرار العشوائية في سوق العمل السعودي وخطورة التواجد المكثف للعمالة الأجنبية وخطورة التراخي في تطبيق الأنظمة والقرارات والتوصيات ذات الصلة بسوق العمل السعودي وفي مقدرتنا على اتخاذ التدابير السريعة والصادقة التي تعالج أسباب المشكلة وترتقي الى مستوى التطلع الوطني. فهل يتحقق ذلك؟ الله أعلم.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved