* القاهرة -مكتب الجزيرة محيي الدين سعيد:
كشفت ندوة عقد تحت عنوان الحرب على المنطقة العربية لماذا؟ والى أين؟ عن خلافات عميقة بين المثقفين المصريين في النظر إلى الحرب الأمريكية الوشيكة على العراق واهدافها الحقيقية ومدى خطورتها على المنطقة بكاملها وكيفية التعامل معها فبينما ذهب فريق الى ان الأهداف المعلنة لهذه الحرب غير حقيقة وأن الحقيقة فيها انها تستهدف البترول والسيطرة على المنطقة اكد فريق آخر ان الهدف الحقيقي لأمريكا هو إزاحة الرئيس العراقي صدام حسين واختلفت بالطبع توصيات الفريقين بشأن مواجهة هذا الموقف بين الدعوة لمواجهة حقيقية له والدعوة لتركيز الجهود على المطالبة بتغير صدام حسين.
قال الكاتب محمد سيد أحمد في الندوة التي دعت اليها الجمعية الوطنية لحقوق الانسان والتنمية البشرية انه لا يوجد إلى الآن اطار فكري نظري عربي في مستوى التحديات الفكرية والسياسات الجديدة التي تواجه العالم وفي مقدمته المنطقة العربية مشيرا الى اهمية ان يتبين العرب اين هم الآن وماذا في استطاعتهم أن يفعلوا امام هذه التحديات.
واعتبر ان هناك تاريخين يمكن اعتبارهما مفاتيح اساسية في تطور الوضع العالمي الى ما هو عليه الآن اما التاريخ الاول فهو سقوط حائط برلين ونهاية النظام العالمي ثنائية القطبية أما التاريخ الثاني فهو أحداث 11 سبتمبر.
وأشار الى أن نهاية النظام العالمي ثنائي القطبية أنهى آلية عالمية كانت تمثل نوعا من التحييد المتبادل بين القوتين الكبار في العالم وانه عندما اختفى الاتحاد السوفيتي حدث تفوق للقوة الأمريكية فانهيار الاتحاد السوفيتي لم يكن يعني سقوط المعارضة في العالم حيث ترتبت أوضاع في العالم كله تحمل ضمنيا الاستعداد للمقاومة ضد النظام الجديد وتبلورت هذه المعارضة في حدث بارز جدا هو 11 سبتمبر 2001.
اعتبر محمد سيد أحمد ان احداث 11 سبتمبر مثل إهانة رهيبة لقوة متفوقة اقتصاديا وعسكريا وتكنولوجيا بما مثل مفارقة استثنائية في التاريخ البشري.
وأضاف أن النظام الدولي قام على شرعية عام 1945 ونشأة ميثاق الأمم المتحدة والذي كانت امريكا فيه قوة ضمن خمس قوى لهم حق الفيتو أما الآن فصارت أمريكا قوة عظمى بلا منافس ولم تعد محكومة بنظام قانوني.
قال محمد سيد أحمد ان هناك سؤالاً جوهرياً يفرض نفسه وهو هل امريكا قادرة في ظل الملابسات العالمية على أن تنشئ نظاما دوليا تحكمه وحدها وتهيمن عليه ام ان البديل سيكون نظاما أحادي القطبية مع وجود قوى أخرى لها حق الفيتوأم متعدد الاقطاب؟
أكد محمد سيد ان الهدف الامريكي يتجاوز العراق الى المصالح الامريكية الاساسية والرغبة في الهيمنة وانشاء نظام دولي جديد مشيرا الى أن الولايات المتحدة ترى انها لم تأخذ بعد حقها ومكانتها كقوة عظمى وحيدة وأنها تسعى لأن تأخذ هذه المكانة بالقوة والعنف وهو الامر الملموس في منطقتنا العربية في قضية العراق.
وأشار الى أن الرئيس الامريكي بوش عندما جاء للحكم اعتبر ان القضية الاولى هي العراق في حين النظام الاقليمي والدولي كان يرى ان القضية الاولى هي فلسطين بما جعل النظام الدولي يعيش في ازمة انهاء شيء وإحلال شيء آخر محله بالقوة والعنف.
وحول أسباب اختيار العراق تحديدا لساحة الحرب قال محمد سيد أحمد ان القول المعلن بشأن أسلحة الدمار الشامل قول كاذب لأنه لا يطبق على اسرائيل بما يؤكد انه مجرد تبرير وهمي للحرب أما السبب الحقيقي في رأيه فهو رغبة امريكا في استمرار الهيمنة واستمرار النظام الاحادي القطبية وأن أهم عامل لاستمرار ذلك يتمثل في الطاقة التي تمثل اداة الهيمنة مشيرا الى ان العراق تجد فيه أمريكا الفرصة للحديث عن اسلحة دمار شامل الى جانب أنه يمتلك ثاني أكبر احتياطي عالمي من البترول.
لكن محمد سيد أحمد رأى ان هناك عدة أسباب لمقاومة هذه الحرب منها التعامل الامريكي مع اسرى جواتنا نامو بما يدفع الحرس الجمهوري العراقي الى المقاومة بشدة لكى لا يتعرض لهذا الموقف والسبب الاخر يتمثل في المشاعر الملتهبة ضد الحرب.
وأشار الى ان اسرائيل لم تعط حتى الآن وعدا جازما لواشنطن بأنها لم تستفد من هذه الحرب وأن وزير خارجيتها أعلن صراحة أن هذه فرصه ذهبية للاجهاز على القضية الفلسطينية.
وأكد محمد سيد أحمد على ضرورة رفض الحرب الامريكية وفي الوقت نفسه الدعوة للديمقراطية والشفافية في العراق ورفض تجزئة القضايا وتأكيد أن قضية فلسطين لا تتجزأ عما يجري في العراق.
أما الدكتور سعيد النجار رئيس جمعية النداء الجديد فقد أشار الى أن المنطقة العربية وفي القلب منها مصر تمر بمرحلة مصيرية حيث ان أمريكا في ذهنها مخطط واضح للمنطقة اذا نجحت في حربها فسوف يجد العرب انفسهم امام شرق أوسط جديد ومختلف كل الاختلاف عن الذي عرفوه منذ الحرب العالمية الأولى وسيترتب عليه اضعاف العالم العربي وتعظيم مكانة اسرائيل وتقزيم دور مصر في المنطقة.
اعتبر النجار ان الموقف الذي تمر به المنطقة العربية حاليا هو الموقف نفسه الذي مرت به من قبل في نهاية الحرب العالمية الأولى حين انهزمت تركيا وبدأت انجلترا وفرنسا في تجزئة المنطقة حسب مخطط قامت بتنفيذه وأدى الى نشأة الشرق الاوسط المعروف في الوقت الحاضر والذي تتمثل اهم عناصره في انشاء مصالح قطرية صغيرة وزرع الكيان الصهيوني وانشاء دويلات صغيرة لا تستطيع الا ان تطلب الحماية من الدول الخارجية.
وقال النجار نحن الآن أمام مخطط شبيه بما جرى في نهاية الحرب العالمية الاولى وسيترتب عليه القضاء على المنطقة كمنطقة لها كيان في الساحة الدولية وتعظيم دور اسرائيل فيها.
|