Tuesday 4th march,2003 11114العدد الثلاثاء 1 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أنت أنت
الدفاع الرقمي
م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

الدفاع الرقمي هو المقابل للحرب الرقمية.. التي هي حرب المستقبل.. واتخاذ الحكومة الأمريكية قرار تكوين جيش متخصص في الحروب الرقمية.. يحارب بقطع كل أوصال الحياة العصرية من اتصالات وكهرباء، وكافة الأنظمة المدنية والصناعية في البلاد التي تستهدفها أمريكا مستقبلاً بذلك الجيش.. ذلك القرار يدعونا بل يأمرنا بالاستعداد وأخذ الاحتياطات الكافية لحماية بلادنا.
في مقالة الأسبوع الماضي أشرت إلى القرار الرئاسي الأمريكي السري.. والذي نشر عنه في جريدة الواشنطن بوست في 7 من شهر فبراير الماضي وذلك بتكوين جيش ميدانه الشبكة الإلكترونية العالمية.. والتي من خلاله يتم اختراق شبكة البلد المستهدف واختراق أنظمته وتدميرها.. وهذا يعني توقف حركة الحياة المعاصرة فلا اتصالات ولا كهرباء ولا ماء.. ولا أنظمة إدارية أو مالية أو صحية أو أمنية أو تعليمية.
تصوروا لو قرر ذلك الجيش أو أي جيش مماثل الاكتفاء بغارة واحدة على جهاز حيوي واحد.. ولنقل كمثال مصلحة معاشات التقاعد.. حينها كيف سيكون حال 600 ألف متقاعد؟.. ينتظرون قرار تقديم صرف رواتبهم التقاعدية إلى منتصف الشهر بدلاً من نهايته.. حتى يتجنبوا زحام غير المتقاعدين.. أقول كيف سيكون حالهم لو تم العبث بنظام الحاسب في المصلحة؟.. أو تم تدميره؟.. على الأقل سيؤخر ذلك صرف مرتباتهم ربما لأشهر.. كم هي كمية النكد الذي ستعيشه 600 ألف أسرة سعودية حينذاك؟
خطورة الحروب الرقمية أنها جهات أو منظمات خاصة وليست دولاً.. يمكنها تهديد أي بلد وابتزازه.. ويزيد في جاذبية استخدامها وبالتالي خطورتها إن تكلفتها المادية بالنسبة للمعتدي قليلة وتكلفتها البشرية معدومة.. لكنها كارثية على المعتدى عليه.
لقد أصبح الاعتماد كبيراً على أجهزة وأنظمة الكمبيوتر المرتبطة في انتقالها وعملها وبالتالي فائدتها بشبكة محلية.. التي هي جزء من شبكة عالمية.. وتشكل العمود الفقري لمعظم إن لم نقل لكل الخدمات و الصناعات الحديثة.. وكل ما يرتبط بالشبكة من طب وتعليم واتصال وكهرباء ونظام مدني وإداري ومالي.. وإذا علمنا أن من أولويات وأهداف أي بلد متحضر زيادة الاعتماد على التقنية المتقدمة أكثر وأكثر لتسهيل حياة الناس.. حتى صار الاتصال الشبكي ذا فعل أكثر حيوية في حياتهم اليومية، فإن التهديد ليس فقط أكبر وأخطر بل أوسع واشمل.
هناك خلل كبير ونقص لافت للنظر في مستوى الوعي والحس الأمني لدى غالبية المتعاملين مع هذه الأنظمة على كافة المستويات، ومن هنا، يجب فوراً ردم هذه الثغرة قبل أن تقع كارثة لا سمح الله ليست في الحسبان.
فلم تعد سراً القوائم التي ترسلها المباحث الأمريكية لمؤسسات النقد الوطنية في كافة دول العالم العربي والإسلامي بخصوص حسابات في بنوك محلية لمراقبتها أو تجميدها،.. وهذا يعني أن أنظمة بنوكنا وبنوك العالم الأخرى والتي تحقق أعلى معدلات ربحية والتي تنفق على التقنية الحديثة أكبر من أي منشأة أخرى.. قد تم اختراقها!.
إذن، ماذا يمكن أن نقول عن إدارة الأحوال المدنية مثلاً.. وماذا يمكن أن يحدث لو تم اختراق نظامها والعبث به أو تدميره؟.. وقس على ذلك كافة الأنظمة التي تدير البلاد من مالية وإدارية وأمنية.
من حسن الحظ أن أمريكا لا تبتعد كثيراً عن بلدان العالم الأخرى في أبحاث الحروب الرقمية.. ولا بد من المبادرة العاجلة باتخاذ الخطوات الفورية لمواجهة هذه الحرب المحتملة.. وللحديث بقية.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved