إن أجمل شيء أن تتخلى فيه العلوم والفنون والأفكار أي علوم وأي فنون وأي أفكار عن نخبويتها.. لتصل إلى الجماهير.. أي تكون علوماً جماهيرية.. وهذا ما سعى إليه كثير من الناجحين في إنجازاتهم المختلفة.بل إن كل العلوم والمعارف والتخصصات بدأت تسير نحو الجماهير.. وتبسط من شخصيتها تماهيا مع نضوج الإنسان وقدرته على تحمل المسؤولية، لأنها من دون جماهير لا تساوي شيئاً ومن دون إنسان ناضج لا يعتد بها.ففي القرن الحادي والعشرين.. سقطت البروج العاجية.. وتهاوى الأوصياء.. وتكسرت الأيدلوجيات.. وأصبح الإنسان يملك الوعي والنضج بصورة قد تكون أفضل من صاحب التخصص نفسه.. وهذه أحد مظاهر القرن الحالي.. قرن «الفردية» الناضجة.. التي تشكل مع «الفرديات» الأخرى منظومة من التعاضد والشراكة من أجل المصلحة المشتركة والفائدة العامة.
فلم يعد الفرد الناضج في هذا الزمن يضع نفسه «قرباناً» لأحد يسيره كيفما شاء، وإنما أصبح لديه وعي كامل بحقيقة «الموقف» يمكنه من قبوله أو رفضه باقتناع تام، وبات يرفض التغييب والمأسسة والأدلجة.. بوصفها تسير لمصلحة «الحزب» وليس لمصلحة الفرد وهو الكائن الاجتماعي الذي له مصالحه هو الآخر.
فحتى الإنجاز أي إنجاز لم يعد حكراً على فئة معينة.. وإنما أصبح جماهيرياً.. بشكل يمكن لأي فرد أياً كان جنسه وقبيلته ولونه أن يحقق الإنجاز والتميز.
|