لاشك أن تصحيح أوضاع العاملين على بند الساعات أو نظام الساعات أو «نظام الفلس» كان خطوة رائدة ومكرمة ملكية سخية.. حسَّنت أوضاع الآلاف من شبابنا وشاباتنا وأدخلتهم ضمن منظومة موظفي وموظفات الدولة وأنهت معاناتهم ومشاكلهم وقلقهم النفسي و«قهرهم» من جراء وضعهم الوظيفي المقلق.. فلا هو موظف ولا هو عاطل.. والمسألة كلها «طفسة» آخر الشهر يمكن أن تقف أي لحظة ويصبح في الشارع و«تجي العافية؟!».
* قرار ترسيم هؤلاء.. كان قراراً حكيماً.. وأنهى معاناة أو قلق هؤلاء.. وهم ليسوا قلة.. بل عدة آلاف من الأشخاص.. ومازال هؤلاء حتى اليوم.. يشكرون كل من كان وراء ترسيمهم وتثبيت أوضاعهم.. وجعلهم ضمن موظفي الدولة وإلغاء وضعهم السابق.
* ولكن لاتزال هناك فئة أخرى تعاني وتكابد ووضعها أشد قلقاً وأكثر معاناة.. وهم فئة «بند الأجور» بمعنى.. أنهم عمال «مجرد عمال» مع أن أكثرهم أو «90%» منهم يحملون درجة البكالوريوس في تخصصات مختلفة.. وزملاؤهم بنفس التخصص على مراتب وعلى مستويات وظيفية تعليمية.. ولهم مميزات ومزايا.. والمساكين أصحاب بند الأجور برواتب قليلة.. وليس لهم خدمة أو خبرة أو أي شيء آخر.. بل إن أوضاعهم مقلقة مزعجة ومازالوا حتى اليوم.. بمثابة «فراشات» مستخدمات.
* يبدو أن معاناة هؤلاء ومكابدتهم لواقعهم.. تحتاج إلى دراسة متأنية.. خصوصاً وأنه يضمهم أكثر من قطاع.. فليسوا في مجال التعليم فقط.. بل في وزارات وإدارات عدة لكن «الضْعَيِّف» دائماً منسي..!!
*إنهم أحوج ما يكونون إلى تثبيتهم على وظائف رسمية.. مثلهم مثل غيرهم كما حصل لموظفي بند الساعات الذين حُلَّت مشاكلهم قبل فترة وانتهت أوضاعهم المقلقة المعلَّقة.. وصاروا موظفين رسميين.. شأنهم شأن أي موظف رسمي.
* إننا نعرف أن بعضهم بالفعل ترسم وثُبت.. سواء كانوا رجالاً أم نساءً وانتهى وضعه المقلق وانتهت مشاكله لكن بعض هؤلاء مازالوا معلقين.. ومازالت معاناتهم تتزايد مع وضع مستقبلي مجهول.
* كما أن هؤلاء محبطون يشعرون بالغبن الوظيفي عندما «مثلاً» يحمل أحدهم (بكالوريوس) في تخصص علمي ويشاهد زميله أو هي تشاهد زميلتها لاتحمل إلا درجة الثانوية أو ربما الكفاءة وهي مثبتة على وظيفة رسمية وراتبها أكثر من راتبها وأي قهر بعد هذا؟!
* والأسوأ من ذلك.. أن تحمل إحدى الخريجات (بكالوريوس) تربوياً وتعمل في حقل تربوي ولكن على بند الأجور ومسمى الوظيفة «فراشة» وهناك موظفات رسميات لايحملن سوى الثانوية ومرسمات على وظائف رسمية.
* وزارة الخدمة المدنية وفقها الله بادرت قبل عام ورفعت للمقام السامي عن معاناة العاملين والعاملات على نظام الساعات ورأت ترشيحهم على وظائف رسمية.. ولأن المقام السامي لايتأخر في كل ما من شأنه سعادة وراحة ورفاهية الإنسان السعودي.. فقد جاءت الموافقة على الفور رغم ما تحمله من تبعات وأعباء مادية كبيرة للغاية.. ولكن المقام السامي رأى أن الإنسان السعودي يستحق أكثر من ذلك.. وهو ماتم بالفعل عندما رُسم هؤلاء كلهم.. وانتهت مشاكلهم نهائياً لكن «بلانا دائماً من ربيعنا وكأنهم يصرفون على الناس من جيوبهم».
* لقد بقي هؤلاء المعينون على بند الأجور ينتظرون الفرج.. فعسى أن تُحمل لهم بشائر جديدة.. وعسى أن يجدوا أنفسهم رسميين مثبتين على وظائف رسمية.. ويارب «كِيْلِةْ» جديدة من وزارة الخدمة حتى لو كانت «أُمْ صَكْمِهْ».
|