ربما يكون اليوم هو الأخير في تأريخ التأريخ الزَّمني لحركة السِّنين... للعام الهجري الثَّالث والعشرين بعد القرن الرابع عشر منه...
والنَّاس تكاد أن تتَّحد في تحديد طموحاتها التي كانت تُرسم، وآمالها التي كانت تُطمح، وأحلامها التي كانت تطوف...، بأن يزداد استقرار الإنسان على الأرض...، وتتطوَّر آليات طموحه، وآماله، بل أحلامه...، بعد أن تهيأ له من سلطان العلم ما يمكِّنه من البناء في تفاصيل حاجاته، ليقوى بها على صنع الحياة السَّعيدة، خاليةً من الأمراض، والجهل، والفقر...، مليئةً بدواعي الاستقرار النَّفسي...
فإذا بالأمراض تفتك...
وما كان مخيفاً غدا أليفاً...، وبدل أن يكون طاعوناً واحداً تعدَّدت طواعين الفتك بسلامة الإنسان...!
وإذا بالجهل يعمُّ، وما كان غائباً غدا معلوماً في حصار الجهل المقنَّع، والعلم المبرقع!
وإذا بالفقر ينتشر وتتعدَّد مفاهيمه، وتتنوَّع أنماطه...
ولا أشدَّ من مرض النِّفوس والعقول...؛ والنَّوايا والأفعال...، ولا أفتك منه...
ولا أبلغ من جهل العالم، وعلم الجاهل، وأمضاه
ولا أقسى من فقر الإيمان، والخلق، والعقل... وأشدَّه...
فإذا لحقت الأمراض والفقر بالعزائم...، وإذا جهل الإنسان الحقَّ...، فإنَّ الحياة تتراجع بالطموحات، والآمال، والأحلام...
وإنسانٌ تتهاوى طموحاته، وتضعف آماله، وتضلُّ أحلامه...
يمرض، ويجهل، ويفقر... بلا شك...
فكيف سيواجه هذا الإنسان، وهو في عبث أمراضه، وجهله، وفقره لحظات الزَّمن وهو يرفع سوطه عليه...، يلاحقه وهو حافٍ ، عارٍ، خالٍ، يجري في دروب الحياة لا حذاءَ من قوَّة، ولا كساءَ من إيمان، ولا زادَ من عزيمة، يحمل بها على رحلته في الحياة كي يواجه نور شمس كلِّ يوم، وكلِّ عام، وهو يستحقُّ الحياة؟
كيف يستحقُّ الحياة من ترك للجهل، وللفقر، وللمرض أن تفتك به، وتشتدَّ عليه، وتقسو؟!...
فكلُّ عام وقدرة الإنسان على مواجهة جهله، ومرضه، وفقره يقظةً كي يستعيد طموحاته، أو شيئاً منها، وعافيته أو قليلاً منها، وأحلامه أو طائفاً منها...، كي يمرِّر في سلام أو جزء منه ما تبقَّى له في الحياة.
|