تبوك لؤلؤة الشمال 2/6
الديسه المنتجع «الطبيعي» الذي يقصده أبناء تبوك

  حلقات أعدها: عبدالرحمن محمد العطوي
في حلقة اليوم نتجول بكم في الديسه وهي مدينة تعد من اجمل المناطق الطبيعية في منطقة تبوك وتشتهر بالمناظر الطبيعية الجميلة وجداول الماء التي تتدفق من قمم الجبال طوال فصول السنة.
في حلقة اليوم نستعرض الجانب التاريخي ونتطرق ايضاً الى الجانب الزراعي، كما نستعرض بشيء من الاختصار بعض القرى القريبة من الديسه كقرية شواف.
نبذة تاريخية عن الديسه
تقع الديسة شمال غرب الجزيرة العربية في عمق الصحراء وتبعد مسافة 110 كم شرقاً من مدينة ضباء وتقع غرب عاصمة ثمود بمسافة 140كم وعن عاصمة مدين الى الجنوب الشرقي مسافة 170كم وبالرجوع الى تاريخ الديسة يتبين انها قرية قديمة عاشت بها امم متعاقبة ويوجد على ارضها اثار بئر قديمة جف ماؤها ودفنتها الرمال ومع تطور الزمن والحياة تم الاستغناء عن البئر ومياهه وقام السكان بالعبث به وازالة معالمه كما يوجد بجوار البئر محراب نحت في الصخر ويوجد في جبالها حفريات ربما كانت قبوراً وبيوتاً نحتت في الصخر تشابه البيوت التي اتخذت في ديار ثمود ومدين كما يوجد بها مبان تنم عن حضارة قامت وبادت في بطن الوادي وعلى سفوح جبالها والديسة تقع مابين مدائن صالح ومغاير شعيب والرسول صلى الله عليه وسلم مر بمدائن صالح اثناء غزوة تبوك ويستخلص من ذلك ان هذه البقعة كانت مهبط الرسالات وممر انبياء الله محمد وموسى عليهما الصلاة والسلام ومهبط رسالات الى قوم صالح وشعيب واصحاب الرس والايكة.
وقد ذكر الشيخ حمد الجاسر مانشر في مجلة العرب في بحث عن الرس بين الشيخ الجاسر شعرا نسب الى الشاعر العربي عامر الحصيني حيث قال:
واقفرت العبلاء والرس منهم
واوحش منهم يثقب وقراقر
الشاعر هنا قرن الرس بيثقب وقرار وهي اماكن متقاربة من بعضهما البعض باعتبار ان الرس هي قرية الديسه والتي تقع في بطن الوادي وجميع مساكنها الآن تحت الارض حيث جاء في تفسير البيضاوي ان اصحاب الرسول قوم كانوا يعبدون الاصنام وهم اصحاب البئر غير المطوية فانهارت وخسفت بهم وبديارهم.
اصل كلمة الرس «الديسة»
ذكر المؤلف حسن امين العلي في كتابه «دراسات وحقائق في شمال غرب المملكة العربية السعودية» ان الرس كلمة عربية ولها معان كثيرة وعلى سبيل المثال ما جاء في كتب اللغة انها تعني الاصلاح او الافساد ولكن الاصلاح هو بالتأكيد ليس هو المقصود في سياق القرآن الكريم لان اصحاب الرس كما ذكرهم القرآن الكريم كانوا من الضالين فليس فيهم اصلاح فهم من كذبوا برسلهم ووقعوا في الضلال ثم ان المعنى لاينسجم في التركيب اللغوي مع كلمة «اصحاب» المسبوقة بها فتكون اصحاب اصلاح مابين القوم.
ومن معاني الكلمة ايضاً «المعدن» وهذا المعنى لاينسجم مع سياق الايات الكريمة التي اشارت الى اصحاب الرس كذلك تعني الدس فمثلاً رسوه في البئر اي دسوه فيها، ولقد استند هذا المعنى الى بعض ما قاله الفقهاء فقالوا ان هؤلاء القوم لما عصوا نبيهم تآمروا عليه ودسوه في البئر لذلك اطلق عليهم القرآن اصحاب الرس قال تعالى {كّذَّبّتً قّبًلّهٍمً قّوًمٍ نٍوحُ وّأّصًحّابٍ الرَّسٌَ وّثّمٍودٍ}، ومن المعاني لهذه الكلمة في اللغة العربية ان الرس تعني البئر او البئر الضحلة والقليلة الماء.
وقد كثرت الروايات والاراء عن موقع هذه البئر التي يطلق عليها الرس فالبعض يقول انها من قرى اليمامة وآخرون يقولون انها في اذربيجان وانطاكية وآخرون يقولون انها في الجزيرة العربية حيث قال ابن جريد انها في نجران ويؤكد النووي وابن كثير انها في شمال غرب المملكة العربية السعودية ومما يؤكد ذلك ان الديسه عاش بها اولاد الصحابي عبدالله بن عباس رضي الله عنه فترة من الزمن وانها تقع في عمق الصحراء ومن اسماء الرس في المملكة اماكن كثيرة مثل رس القصيم ورس قرب مدينة الوجه ورس في احد روافد الوادي الابيض شمال غرب المملكة العربية السعودية.
الزراعة في الديسة
تشتهر الديسة بكثرة المزارع فيها وجودة الانتاج الزراعي ومن اهم المنتوجات الزراعية الطماطم والمانجو حيث تزخر مزارع الديسة بهذه المنتوجات والتي تغطي السوق المحلية في مدينة تبوك التي تبعد عنها بمسافة 160 كم ومحافظة ضباء التي تبعد عنها بمسافة 100 كم وتبهر الزوار بأشجار النخيل الباسقة في اودية الديسة حيث تعانق السماء في منظر طبيعي خلاب وقد اشتهر مزارعو الديسة بمنافسة مزارعهم للمزارع الاخرى في مدينة تبوك حيث هناك العديد من المزارع في الديسة قد نالت شرف الفوز بجائزة المزارع المثالية التي تقام تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز امير منطقة تبوك كل عام حيث نالت مزارع الديسة التميز في انتاجها الزراعي كما ان زراعة الحبحب في الديسة له تميز آخر حيث تشتهر مزارع الديسة بانتاج الحبحب الكبيرة حيث تصل احجامها في بعض الاحيان الى اكثر من 20 كجم.
الديسة تستقطب سكان تبوك لهذا العام
لايكاد يمر اسبوع وخاصة في العطل الاسبوعية الا وتجد منطقة الديسة تمتلئ بالزوار وخاصة في هذا الوقت من فصل الشتاء حيث تنعدم البرودة في هذه المنطقة ويميل طقسها الى الدفء بسبب انخفاضها عن مستوى البحر واحاطتها بالجبال الشاهقة الارتفاع من كافة النواحي وكثرة نخيلها واشجارها وجريان المياه في اوديتها وبين اشجارها في منظر يستهوي الجميع، كذلك وجود بعض الاماكن التاريخية فيها والمنحوتات الصخرية وعذوبة مائها حيث يحرص زوارها على التزود بمائها حيث له مذاق خاص كما ان هناك بعض المياه تتدفق من قمم الجبال وتكون برودة عند ملامستها سطح الارض.
«الجزيرة» تلتقي سكان الديسة
اثناء التقاط عدسة الجزيرة لهذه المناظر الخلابة لمنطقة الديسة التقانا عدد من اصحاب المزارع في الديسة حيث قال المواطن سليمان عيد المدمي ان الديسة هي منطقة سياحية جذابة كل زائر لها لابد ان يكرر العودة لها لما حباها الله من جمال وروعة وطبيعة خلابة وعيون تجري فيها وطالب بضرورة ايصال خدمة الجوال الى هذه القرية السياحية فهي بحاجة ماسة الى خدمة الهاتف الجوال وكذلك الهاتف الثابت والتي يقتصر وجوده على الدوائر الحكومية وان زوار الديسة من مختلف الفئات يطالبون بذلك كما اكد على توعية الزوار الذين يقومون بالكتابة على المواقع السياحية مستخدمين نوعا من انواع البويا.
وقال الاستاذ ناصر بن دخيل الله الشامان وهو من مرتادي هذه المنطقة ان الديسة تأسر الانسان بجمالها وهي بحق منطقة جذب سياحي ويتبقى اقامة بعض المرافق الهامة بها حيث ان الزوار لايجدون كل ما يحتاجونه من مواد تموينية في المحلات المقامة في هذه المنطقة حيث انها محلات متواضعة وكذلك ضرورة ايجاد المطاعم وهي على ما اعتقد مطلب كل زائر لهذه المنطقة.
التعليم في منطقة الديسه
من اهتمامات صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز امير منطقة تبوك ايصال كافة الخدمات لكل مواطن في منطقة تبوك فسموه الكريم يقوم بجولاته السنوية كل عام ويزور كل محافظةومركز وقرية وهجرة لتفقد احوال المواطنين والمقيمين في هذه المواقع فتحظى منطقة تبوك بوصول ما يطلبه كل مواطن في هجره او قريه باقامة المدارس للبنين والبنات ففي الديسه توجد مدارس للبنين والبنات بكافة مراحلهما الابتدائية والمتوسطة والثانوية وكذلك مركز صحي متكامل وهو ما وفر على سكان هذه المنطقة مشقة العناء لايصال اولادهم وبناتهم الى اقرب مدارس لديهم.
الطريق للديسه
وقد رأى الزوار بكثرة زيارة منطقة الديسة تعبيد الطريق الصحراوي الذي كان من اسباب قلة زوار هذه المنطقة حيث اوشك هذا الطريق الهام على الانتهاء بل تم ايصاله لمدخل هذه المنطقة الهامة ويقدر باكثر من 35 كم وقد كان لزيارة صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز امير منطقة تبوك لهذه المنطقة وتشجيعه لمزارعيها الاثر الكبير في ماتنتجه مزارعها من ثمار وفواكه.
قرية شواق
من المناطق التي تقع على مقربة من الديسة قرية شواق وهي قرية صغيرة تابعة لمنطقة تبوك تقع في وادي شواق في قلب الصحراء على بعد ثمانين كيلا من مدينة ضباء الواقعة على ساحل البحر الاحمر وان كانت هذه القرية حديثة العهد بالحياة حيث لايزيد عمرها على ثلاثين عاماً ووادي شواق الذي تقع فيه القرى وسميت باسمه قديم وتاريخي وربما يعتبر احدى مدن مدائن النبي صالح عليه السلام.
وادي شواق
ينحدر مساره من حرة الرحا متجهاً صوب الجنوب الشرقي شمال شغب ويرجع عهده الى ايام الثمود ويقع شمال غرب الحجر عاصمة الثموديين مائة واربعين كيلاً والوادي مليء بالاثار السكنية والتعدينية التي تؤكد تماماً تاريخه من خلال اثاره الظاهرة وماتحت الارض لمعرفة الامم التي عاشت به والعمران الذي قام على ارضه زمناً ليس بالقصير. ومن القرى الاثرية التي يتردد اسمها بين سكان الوادي الحاليين قرية الحواويط التي انشئت في جنوب غرب قرية شواق الحالية مليئة بالاثار وافران التعدين وقديماً كانت توجد بالوادي عين ماء كبيرة تنبع من رأس الوادي من المشرق يسيل ماؤها في اتجاه الجنوب تحت سطح الارض بين مجرى خاص اسوة بعيون العلا وبين بدا القديمة وتصب هذه العين عند قرية الحواويط ومما لاشك فيه ان هذه العين مجرى مائي مهم لسكان القرية المذكورة وقد استغل سكان شواق الحاليين هذه العين بدلا من حفر ابار للماء منها يشربون ويزرعون ولكن يمكن استغلال الآليات الحديثةوتقنية الحفر للاستفادة من هذه العين لتزويد الوادي وما حوله بالمياه الكافية خاصة في مجال الزراعة التي تهتم بها حكومة هذه البلاد حفظها الله وتوليها العناية والرعاية كمصدر كبير من مصادر الدخل القومي ثم توزع مياه العين على السكان ويكون فيها البركة وكان الوادي قبل عصر النهضة السعودية المباركة معدوم الحياة والحركة يضم على ارضه مجموعات صغيرة من اشجار نخيل الدوم المبعثرة على جوانبه.
وكانت القبيلة التي تعيش فيه من البدو الرحل الذين اشتغلوا بالاحتطاب وصناعة الفحم وكانوا ينتظرون غيث السماء كي تخضر الارض وتكثر الاعشاب فيرعى البدو اغنامهم وانعامهم وماشيتهم التي كانوا يستخرجون من البانها بعض المنتجات ومن اصوافها واوبارها بعض المنسوجات ويقومون بتسويق هذه المنتجات في مدينة ضباء كما كانوا يقومون ببيع الاغنام والابل الى التجار الذين يصدرونها الى مصر عن طريق البحر الاحمر والى فلسطين والاردن وسوريا عن طريق البر.
ونشطت الحياة في وادي شواق منذ عام 1382هـ وبدأ سكانها بالعمل في الزراعة نظراً لوفرة المياه وخصوبة الارض وقد ساعدت حكومة المملكة العربية السعودية المزارعين بمدهم بالمعدات والالات والاموال وما يلزم للزراعة وبدأت القرية تتميز بالاستقرار والحياة واخذ النشاط الزراعي في التقدم الحضاري الذي شهدته المملكة في السنوات الاخيرة كما انشأت الدولة اعزها الله بالقرية الدوائر الحكومية والمدارس للبنين والبنات ومركز للامارة للمحافظة على الامن والاستقرار وتذليل كافة الصعاب التي تواجه المواطن في حياته وليكون المركز همزة وصل بين السكان وجميع الادارات الحكومية وقد اصبح العديد من شبابها يعملون بجهاز الحكورمة المدني والعسكري.
شغب
وهي قرية صغيرة تقع خلف وادي القرى وتبعد عن مدينة ضباء حوالي 90 كيلاً ويعيش فيها فخوذ من قبائل الحويطات وهي على مقربة من الديسة ومعظم سكان هذه القرية يعملون في الزراعة والرعي ويبلغ عددهم حوالي ثلاثة الاف نسمة وقد اهتمت الحكومة حفظها الله مما يوفر للمقيمين فيها اسباب العيش الكريم والحياة الهادئة المستقرة وما يضمن للمواطنين بها خدمات عامة في كافة الميادين لترفع مستواهم وتدفع بهم الى حياة عصرية كريمة. وشغب على مقربة من شواق وتبعد عنها 17 كيلاً من الناحية الجنوبية الغربية وكانت في الماضي تتبع شواق ادارياً حتى انشئت بها امارة ودوائر حكومية ومدارس الثانوية للبنين والبنات.
شغب في التاريخ القديم
ورد ذكر شغب عند كثير عزة حيث قال: