لملم جراحك يا فؤادي وابتسم
ودع التباكي خلف أسوار الألم
من بعد ما قذف الفراق رماحه
فأصاب جرحاً في الحشاشة يضطرم
فنمت بدرب الشوق أشواك الأسى
وطفت ببحرٍ ماؤه دمع ودم
وبدا ضياء الصبح يخبو حاسرا
حتى تهاوى في دياجير الظُّلَم
وعلا الفؤاد مشاعر مجروحة
أنّى لها أن ترعوي أو تلتئم
فتوالت الآهات تحكي قصة
عن وصفها عجزت أراجيز القلم
تحكي دياراً باقيات في الحشا
تحكي دموعاً في المآقي ترتسم
تحكي الطبيعة إذ تخايل روضها
تحكي التعانق بين أشجار السَّلَم
تحكي حقولاً أينعت أزهارها
تحكي المزارع والروابي والقمم
تحكي الطيور إذا تناغم صوتها
حسناً فتسمعني أغاريد النغم
تحكي الجداول إذ ترقرق ماؤها
تسقي الزروع وفوقها هطل الدِّيَم
تحكي الرمال وقد تمايل لونها
فكأنها ذهب تناثر وانقسم
فبقيت تغتال الليالي صفحتي
فكأن أوصال الجوارح تنتقم
وغدوت بعد فراقها كغمامة
يبني الأسى فيها فيغشاها العدم
يشجي الحنين إلى رباها خافقي
فيكاد قلبي من جراحي ينقسم
فأبيت معلول الفؤاد ومنيتي
ليل الصحاب يظله البدر الأتم
نامت على عزف الأنين جوانحي
لكنّ عيني من لظاها لم تَنَم
فلئن تنامى البين في غسق الدجى
فالشوق في وجه الفراق سينهزم
لكن سأبقى معلناً ذكراً لها
ألهي به ليل الملامة والسأم
ولسوف انشد كل يوم حبها
فهو العلاج لما أعاني من ألم
سأظل انسج ذكرياتي حولها
بخيوط مجد صاغها حلو الكَلِم
بلدي سيبقى خالداً في خاطري
يا دوحة العشاق يا أرض الدلم