Friday 28th february,2003 11110العدد الجمعة 27 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

عدد من أئمة وخطباء المساجد والجوامع يؤكدون لـ « الجزيرة »: عدد من أئمة وخطباء المساجد والجوامع يؤكدون لـ « الجزيرة »:
تطوير أداء أهل المنابر ضرورة لمواجهة إشكاليات العصر
يجب إعادة النظر في الأئمة الموجودين والتركيز على الجوانب الفقهية والعقائدية

* الجزيرة - خاص:
يتحمل أئمة وخطباء المساجد والجوامع أمانة شرعية كبرى هي مسؤولية التعريف بأحكام الشريعة، أوامرها ونواهيها في كل ما يتعلق بسلوك المسلم وأمور دنياه وآخرته من خلال اللقاء المباشر بجموع المسلمين المصلين، أو ما يطرحونه في خطب الجمعة، ومع تشابك وتعقد القضايا المطروحة في هذا العصر الذي يضج بالكثير من دواعي الفتنة التي تهدد المجتمعات الاسلامية، أصبح ضروريا تفعيل دور المسجد، وهو ما لا يتحقق دون الارتقاء بمستوى الأئمة والخطباء وتطوير أدائهم.. بما يواكب آراء عدد من أئمة وخطباء المساجد والجوامع بمناسبة برنامج وزارة الشؤون الاسلامية للعناية بالمساجد ومنسوبيها.. فماذا قالوا؟
دورات شرعية مكثفة
في البداية أكد الشيخ حامد بن يعقوب الفريح إمام جامع الخلف بالدمام، أن مقدرة الامام أو خطيب المسجد على أداء رسالته في توجيه وارشاد جموع المسلمين سواء من خلال الرد على استفساراتهم أو المشاركة في حل قضاياهم الحياتية بما يتفق وتعاليم الشريعة، يتوقف على مدى إلمام الخطيب أو الامام بطبيعة العصر الذي يعيشه وما يستجد فيه، ولا يتحقق هذا الوجه الأكمل إلا بايجاد السبل الكفيلة بتطوير أداء هؤلاء الأئمة في كافة الاتجاهات.
ويضيف الشيخ الفريح: وتحقيق الارتقاء المنشود في مستوى ووعي وأداء الأئمة وخطباء المساجد يتحقق من خلال اقامة دورات لتنمية جانب القدرات والمهارات لدى الامام والخطيب وعلى سبيل المثال: دورة في الخطابة، وفن الالقاء، وأخرى في اللغة العربية، وثالثة في فن التعامل مع الآخرين. بالاضافة الى تطويرورفع المستوى الشرعي للامام والخطيب من خلال دورات شرعية مكثفة وتنظيم لقاءات مشتركة بين الأئمة والخطباء «كل أئمة وخطباء الحي الواحد يجتمعون مع بعضهم» لتبادل الخبرات فيما بينهم على أن يتم عمل تقييم دوري للامام والخطيب تقوم به وزارة الشؤون الاسلامية من خلال استبانة خاصة لهذا الغرض ولا مانع أن يشارك المصلون في تقويم الامام أو الخطيب، وتتولى الوزارة تزويد الخطباء بتوجيهات مستمرة حول الأحداث ومستجدات العصر وما هو الموقف منها.
كتب في الخطابة
ويتفق الشيخ محمد بن عبدالله الطالب إمام وخطيب جامع محمد بن ناهض البلوي بالمدينة المنورة مع اقامة دورات لتنمية قدرات الأئمة والخطباء يتم من خلالها تزويدهم بالمعلومات حول المستجدات التي تحدث وموقف الشريعة منها، مشيرا الى أن من فوائد هذه الدورات حث الأئمة والخطباء على الاطلاع وتثقيف أنفسهم ذاتياً والتعرف على طبيعة القضايا والتحديات وحتى الطموحات والتطلعات الخاصة بمجتمعاتهم وبالأمة الاسلامية بأسرها.ويضيف الشيخ الطالب: ولعل أهم ما يجب أن يولى أكبر قدر من العناية في هذه الظروف هو اطلاع الأئمة على كل ما يحاك ضد الأمة الاسلامية من مؤامرات وما يثار ضدها من حملات معادية، للعمل على مواجهتها وتعريف الناس بها.ويقترح الشيخ محمد الطالب أن يتم تأليف كتب في الخطابة تشتمل على جميع قضايا وموضوعات هذا العصر يتم توزيعها على الخطباء والأئمة ومناقشتهم فيها، مع مراعاة وجود اختلافات بسيطة بين اهتمامات كل خطيب باختلاف طبيعة المجتمع الصغير الذي يعيش فيه، مثل القرى والمجتمعات السكانية الصغيرة.
معالجة الأخطاء في حينها
ويرى الشيخ عبدالله الزهراني إمام مسجد سلمان الحازمي بالمدينة المنورة ان الارتقاء بمستوى الأئمة وخطباء المساجد، يتحقق بالتفاعل والتواصل مع كبار العلماء ورجال الدعوة، سواء من خلال دورات منتظمة أو مشاركة هؤلاء العلماء في الدروس الأسبوعية في المساجد والتي يجب التأكيد عليها وتعميمها، ليتعرف الامام أو الخطيب عن قرب باهتمامات وتطلعات ومشاكل المسلمين بدقة وفي الوقت نفسه الاستفادة من سعة علم كبار العلماء ورجال الدعوة.
ويضيف الشيخ الزهراني: ويتحمل الامام أو الخطيب مسؤولية تثقيف نفسه ذاتياً والاطلاع على كافة الأحداث والمستجدات ومعرفة موقف الشريعة منها، والأهم أن يتم معالجة القضايا في حينها وتعريف الناس بذلك دون تسرع أو انفعال، مشيراً الى أهمية وجود لقاءات منتظمة بين الخطباء للتشاور والاتفاق وتبادل الآراء في كل ما يستجد، ويبقى بعد ذلك اقامة دورات في فن الخطابة والتأثير، وتعلم الوسائل اللازمة لاستمالة الناس الى الاصغاء وغيرها من المهارات اللازمة لتوثيق صلة الخطيب بمجتمعه.
اجتماع دوري للخطباء
أما الشيخ عبدالله بن سعد البلوي إمام وخطيب جامع صدر بمحافظة العلا، فيطالب بضرورة عقد اجتماع دوري للخطباء بمدير الأوقاف لمناقشة كل ما يستجد من قضايا أو موضوعات تمثل أهمية وتُشْكِل على المسلمين، وبحث كيفية علاج هذه المشكلات لتجنب تفاقمها أو وصولها الى حد الفتنة.
ويشير الشيخ البلوي الى أهمية الاتفاق على رؤية واضحة لعلاج أي مشكلة تحدث، وفق نصوص الشريعة حيث ان اختلاف الرؤى يضر بالمجتمع ويصيب المسلمين بالتشتت والحيرة.
الركيزة الأساسية للمسجد
ويذكر الشيخ عبدالله بن علي الأحمري إمام وخطيب جامع علي بن أبي طالب بنجران أن مهمة الامام أو الخطيب هي تعريف الناس بموقف الشريعة الاسلامية من كافة القضايا والموضوعات في وقتها، دون تجاهل للقضايا القديمة المتجددة والتي يجب عدم اغفالها لضمان استقرار المجتمع الاسلامي مثل دور الآباء والأمهات في تربية أبنائهم وتعويد الأبناء على ارتياد المساجد والسعي اليها وآداب التواجد بها.
ويضيف الشيخ الأحمري ان تفعيل دور المسجد يحقق الارتقاء بمستوى الأئمة والخطباء، باعتبارهم الركيزة الأساسية في المساجد، والأكثر إدراكا لما يشغل بال جموع المسلمين كلٍّ في نطاق مجتمعه.
الرغبة الذاتية
أما الشيخ حامد بن محمد السبيعي امام مسجد الهاجري بالخرمة، فيؤكد ان الارتقاء وتطوير اداء الائمة والخطباء وطبيعة الموضوعات التي تطرح في خطب الجمعة او بشكل عام في دروس المساجد يتحقق من خلال عدة وسائل منها: تنظيم دورات لائمة الجوامع يحاضر فيها كبار العلماء، وكذلك دورات لأئمة الاوقاف والمؤذنين، على ان تكون هذه الدورات منتظمة ودورية ولا تتوقف بتغير الظروف.
ويضيف الشيخ السبيعي: ولا تعم الفائدة الا اذا توافرت لدى الخطيب او الامام الرغبة الذاتية في تثقيف نفسه والاطلاع على كل ما يؤثر في مجتمعه من احداث، ويعرف رأي السلف الصالح والعلماء السابقين في مثل هذه الامور.
التمسك بالمعيار الشرعي
ويتفق الشيخ محمد بن علي بن يحيى التمني امام جامع ابي حنيفة بنجران مع الرأي السابق، مشيرا الى ان من علامات فقه الامام والخطيب انه يتمسك بالمعيار الشرعي في تقدير زمن العبادة فلا يخفف في مواضع التطويل ولا يطول في مواضع التخفيف، لأن عدم مراعاة ذلك يؤدي الى الاخلال بالعبادة، وقد يتسبب في ان تموت بين الناس سنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم فعلى سبيل المثال الاطالة الزائدة في خطبة الجمعة والتي قد تصيب الناس بالملل، وقد تحمل البعض على ترك التبكير الى صلاة الجمعة، وبهذا تختفي هذه السنة التي حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ومثل هذه الامور رغم بساطتها لابد ان يدركها الامام او الخطيب، وغيرها من وسائل التأثير في الناس وتحديد طبيعة الخطاب الموجه اليهم.
دبلوم في الإمامة
ويحدد الشيخ الدكتور محمد بن عبد الله زريان الغامدي امام مسجد قباء بالمدينة المنورة بعض الصفات الواجب توافرها والعمل على تنميتها في ائمة وخطباء المساجد والجوامع فيقول: لا ريب في الاهمية العظيمة والامانة الجسيمة التي يتحملها الائمة والخطباء، وحتى تؤدى هذه الامانة على وجهها الاكمل فإنها تحتاج بعد الاخلاص والمتابعة الى تطوير في الاداء، وموضوعية في طرح الموضوعات وحكمة في تناول هذه الموضوعات، ومراعاة مقتضى الحال، والاجتهاد في تحضير النافع المناسب، وادائه بالطريقة المناسبة، بعيدا عن الجمود المذموم او الانفعال المشؤوم.
ويضيف الدكتور الغامدي بأن لدى وزارة الشؤون الاسلامية من التجارب السابقة ما يساعد على ايجاد الوسائل المناسبة لتطوير اداء الائمة والخطباء مع مراعاة انهم ليسوا فئة واحدة في مستوى واحد، فكل فئة تحتاج الى ما يناسبها من وسائل تطوير الاداء، ولعل مما يساعد على ذلك، ترتيب الدورات المختلفة واللقاءات، وحبذا لو نظمت دراسة دبلوم في الامامة والخطابة يعنى بمنسوبي الوزارة وحدهم من الائمة والخطباء، او من يُهيؤون لها، فذلك له اثر ايجابي على تحسين اوضاعهم الوظيفية. كما ان ايجاد مكتبة لكل خطيب امر مهم جدا.
العناية بخطبة الجمعة
ويطالب الشيخ محمد بن يوسف العبيسي امام مسجد عبد الله بن عباس بالخرمة، لتطوير اداء ائمة وخطباء المساجد، بضرورة اعادة النظر في الائمة الموجودين من خلال اجراءات وآليات محددة للوقوف على مستوى كل امام ومدى اهليته للخطابة وبناء على نتائج عملية التقييم هذه يتم تصنيف الائمة في شرائح او فئات على حسب المستوى، وتنظيم دورات لكل منها، ثم المتابعة لكل امام او خطيب من حيث ادائه ومستوى استيعابه وعلمه وادراكه ومقدرته على عرض المشاكل وطرق حلها.
ويؤكد الشيخ العبيسي ان خطبة الجمعة من حيث المادة العلمية ومدى ما تحققه من فائدة للمصلين، لا ترقى للمستوى المطلوب فكثير منها ضعيف في اعداده ومزدحم بألفاظ صعبة ولا تراعي الاولويات وتفتقد الى الشمولية، وقليلة الاهتمام بالجوانب الفقهية والعقائدية، وهو ما يجب تلافيه من خلال آليات واضحة.
الدور الديني والاجتماعي
ويتفق الشيخ محمد بن عبد الله الزايد خطيب جامع حمزة بن عبد المطلب بنجران مع الرأي السابق في ضرورة التحري الدقيق عند اختيار الائمة والخطباء والتماس الاكفياء منهم، يأتي بعد ذلك ارشاد الامام والخطيب الى اهمية دوره الديني والاجتماعي والمسؤولية الجسيمة التي يتحملها وذلك من خلال طبع النشرات الموجهة والاشرطة، وعقد لقاءات شهرية للتعرف على مدى إلمام الامام بواجباته.
ويمكن لتعميم فائدة هذه اللقاءات ان تكون إلزامية وفي مجموعات مناسبة العدد، لمناقشة جوانب الضعف والقوة في اداء الائمة والخطباء، ومن ثم تبدأ خطط المعالجة والتقويم او الاستغناء عن هذا الشخص او ذاك اذا لزم الامر واعيتنا السبل.
آليات مقننة للاختيار
ويستعرض الشيخ حبيب بن نافع المغربي امام جامع خادم الحرمين الشريفين بمحافظة خليص المسؤوليات المنوطة بالائمة والخطباء وكيفية تطوير مستوياتهم، مؤكدا ان ذلك يتم عن طريق عدة خطوات، من اهمها تحديد آلية مقننة لاختيار وترشيح الائمة والمؤذنين، والاهتمام باقامة الدورات التدريبية والتأهيلية على رأس العمل خاصة لمن هم اقل بالنسبة للمؤهلات العلمية واقتراح بعض الافكار والبرامج والآليات التي تشجع الائمة والخطباء على الاهتمام باعداد خطب الجمعة، مثل فكرة تنقل خطبة الجمعة بين المساجد بحيث يتبادل الخطباء تلك الخطب في الجوامع لمقابلة شريحة اخرى من المصلين، والاستفادة من خبرات بعض ائمة المساجد الصغيرة «التي لا تقام فيها جمع» في اداء خطب الجمع في الجوامع الكبيرة سواء عن طريق نقلهم الى تلك الجوامع، او تكليفهم بالخطب فقط، ودراسة هذا الموضوع بتوسع.
خطة طويلة المدى
ويرى فضيلة الشيخ سعود بن عبد العزيز العبيسي امام مسجد الامير نايف بمحافظة الخرمة ان تطوير اداء الائمة والخطباء يتحقق بوضع خطة ذات مدى طويل تشمل اقامة دورات يكون هدفها الاساسي تنمية مهارات الامام والخطيب وتثقيفه وتعريفه بمستجدات عصره.. وحبذا لو تم تشكيل هيئة او لجنة خاصة بهذا الشأن يكون من عملها متابعة الخطباء والائمة قبل وبعد اجتياز هذه الدورات.
ويضيف الشيخ العبيسي: ويمكن لوزارة الشؤون الاسلامية وضع برنامج مركز ومكثف للأئمة والخطباء يتضمن دورات ذات مستويات متدرجة ينتقل من خلالها الخطيب من الادنى الى الاعلى تباعا.
برنامج توعية مكثفة
اما الشيخ عبيد بن عيد العصيمي امام مسجد الدغيمية بالخرمة فيرى انه يجب اولا كشرط لتطوير اداء الائمة والخطباء تعريفهم بطبيعة دورهم من خلال برامج توعية مكثفة وشاملة من خلال الدروس او المحاضرات او من خلال وسائل الاعلام التي يمكن ان تساهم مساهمة فعالة في هذا الامر مع ضرورة اجراء تقييم دوري للائمة والخطباء من حيث نوعية الموضوعات التي يطرحها او طرق معالجته للموضوعات المطروحة على الساحة على ان يقوم بعملية التقييم نخبة من العلماء والفقهاء المشهود لهم بالعلم والصلاح.
الارتباط بالجماعة
ويتفق الشيخ ساقان بن فهد القحطاني امام وخطيب جامع حسان بن ثابت بنجران مع ضرورة تعريف الامام والخطيب بعظمة الرسالة التي اوكلت اليه وجزاء التفاني في ادائها، وان يستشعر الامام هذه المسؤولية، والتأكيد على اهمية الاهتمام بالجانب الدعوي والاجتماعي وان يرتبط الامام بجماعة المسجد ويسعى للتعرف على مشاكلهم والسعي الى حلها.. فالخطيب الناجح والمؤثر هو الذي يستطيع ان يؤثر في مجتمعه بالايجاب قولا وعملا.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved